لاحت نذر الحرب من جديد بين شطرى شبه الجزيرة الكورية صباح أمس، إثر إطلاق كوريا الشمالية نحو 200 قذيفة مدفعية على الحدود الغربية لجارتها الجنوبية لتشتعل النيران فى أكثر من سبعين منزلاً والعديد من الجبال. وغطت سحب الدخان سماء قرية يونبيونج الحدودية القريبة من الحدود الغربية المتنازع عليها في المياه الاقليمية التي استهدفها القصف, الأمر الذي دفع الجيش الكوري الجنوبي للرد بإطلاق النار والتهديد برد أقوي إذا ما واصلت كوريا الشمالية تهديداتها. وأكد شهود العيان فرار الآلاف من سكان القرية في قوارب للصيد وسط حالة من الرعب سيطرت علي المواطنين علي جانبي الحدود خوفا من تجدد القصف الذي استغرق قرابة الساعة تقريبا. وأسفر عن مصرع جنديين من كوريا الجنوبية وإصابة 17جندياً و30 مدنياً. وفي تهديد واضح بالرد بعنف علي أي اعتداءات مستقبلية, حذرت كوريا الجنوبية في بيان رئاسي- من أن قواتها المسلحة ستنتقم بعنف في مواجهة أي استفزازات شمالية جديدة. ووصفت الاعتداء علي جزيرة يونبيونج بأنه استفزاز عسكري صريح, مؤكدة أن قصف أهداف مدنية عمل لا يغتفر لابد أن تتحمل كوريا الشمالية مسئوليته. وأوضح وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم تاي-يونج أن قواته أطلقت نحو 80 قذيفة ردا علي العدوان الكوري الشمالي الغاشم, مؤكدا إعلان حالة التأهب القصوي (في وقت اللا حرب) بين صفوف الجيش الكوري الجنوبي. ومن ناحيته, أكد تليفزيون وكالة يونهاب الرسمية للأنباء في سول أن الطائرات العسكرية الكورية الجنوبية حلقت في سماء الجزيرة فور وقوع وفقا لوصف الوكالة أسوأ اعتداء حدودي منذ إعلان الهدنة وإنهاء الحرب الكورية في 1953. كما نقل عن شهود العيان تأكيدهم انقطاع التيار الكهربائي عن الجزيرة نتيجة للقصف الكوري الشمالي, مشيرين إلي أن مكبرات الصوت دوت في أنحاء الجزيرة مطالبة السكان بالفرار من منازلهم إلي مخابئ تحت الأرض. من جانبها أكدت كوريا الشمالية أن كوريا الجنوبية كانت البادئة في إطلاق القذائف مما دفعها للقيام برد عسكري في الهجوم, وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية في بيان مقتضب رغم تحذيراتنا المتكررة أطلقت كوريا الجنوبية عشرات القذائف من الساعة الواحدة مساء (بالتوقيت المحلي)... واتخذنا اجراء عسكريا قويا علي الفور. ولم تذكر ما إذا كانت أي أضرار وقعت في كوريا الشمالية نتيجة لتبادل إطلاق النيران وحذر بعض الشهود من أن النيران المندلعة في الجبال والمنازل خرجت عن نطاق السيطرة, حيث ارتفعت ألسنة الدخان بشكل تستحيل معه الرؤية, مشيرين إلي أن الجزيرة تقطنها نحو923 أسرة. وذلك في الوقت الذي أشارت فيه مصادر مطلعة إلي أن أغلب القذائف سقطت علي قاعدة عسكرية في الجزيرة. وأرجعت مصادر عسكرية في سول الهجوم الشمالي المفاجئ إلي رفض بيونج يانج التدريبات العسكرية الجوية والبحرية والبرية التي تجريها القوات الكورية الجنوبية في المنطقة. وهو ما تعتبره حكومة الشطر الشمالي تهديدا صريحا لها; خاصة في ظل تصاعد التوتر بين شطري شبه الجزيرة الكورية في الفترة الأخيرة. وفي الوقت ذاته, أعلن متحدث باسم الرئاسة في سول أن الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونج- باك عقد اجتماعا أمنيا طارئا في غرفة حرب تحت الأرض في المجمع الرئاسي بسول لبحث الرد المحتمل مع كل الوزراء والوكالات المعنية. كما دعا مسئوليه لإيجاد السبيل الأمثل لمعالجة الأزمة وتفادي المزيد من التصعيد. كما نفت مصادر في وزارة الخارجية الكورية الجنوبية ما تردد حول اعتزام سول بحث إمكان رفع ملف الأزمة إلي الأممالمتحدة. ورغم حالة التصعيد الخطيرة بين البلدين إلا أن كوريا الجنوبية أبدت رغبتها في عدم تصعيد الموقف, وأرسل الجيش الجنوبي بخطابات عاجلة الي الشمال يطالب فيها باحتواء الموقف وعدم تصعيد العمليات العسكرية. الصين تدعو لضبط النفس.. وواشنطن تؤكد دعمها لسول بكين - واشنطن - طوكيو - وكالات الأنباء: سيطرت حالة من القلق علي دول الجوار الآسيوي والولاياتالمتحدة بعد تعرض حليفتهم كوريا الجنوبية لاعتداء سافر من قبل جارتها الشمالية, وتراوحت ردود الأفعال بين التهدئة والتهديد, وتأكيد الدعم الكامل لسول في أي مواجهة لها مع بيونج يانج. ففي بكين, عبرت الصين عن قلقها إزاء التقارير حول الاعتداء الكوري الشمالي وتبادل إطلاق النار بين الجانبين في أحدث تصعيد للتوترات بين شطري الجزيرة الكورية المجاورة لثاني أكبر اقتصاد في العالم.. وقال هونج لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحفي إن علي الجانبين' بذل مزيد من الجهد لاقرار السلام' وطالب بضرورة العودة إلي المحادثات السداسية التي تهدف لانهاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية, وإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة. وتعتبر الصين الدولة الكبيرة الوحيدة الحليفة لكوريا الشمالية, وما تقدمه من دعم اقتصادي ودبلوماسي كان مهما لتعزيز وضع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج ايل الصين مرتين هذا العام. وفي طوكيو, أمر رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان وزراءه بالاستعداد للرد علي أي تطورات غير متوقعة للموقف المحتدم بين الكوريتين جراء تبادل إطلاق القذائف المدفعية. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية( بي بي سي) عن كان- عقب اجتماع طاريء لمجلس الوزراء الياباني في طوكيو-' أمرتهم بالاستعداد حتي يتسني لنا الرد بحزم في حالة وقوع أي حدث غير متوقع..'. وفي واشنطن,أدان البيت الابيض بشدة الهجوم الذي تعرضت له إحدي الجزر الحدودية لكوريا الجنوبية. وقال روبرت جيبس المتحدث باسم البيت الابيض' إن الولاياتالمتحدة تدين بشدة هذا الهجوم وتدعو كوريا الشمالية لوقف ممارساتها العدائية, والالتزام بشكل كامل ببنود الهدنة' المبرمة بين الجانبين.