34 عاماً مرت على انتصارات أكتوبر 73 بكل ما حققته من متغيرات فى مصر الدولة والشعب وتحديداً يوم السادس من أكتوبر الذى أعتبره رمزاً للكرامة. والكل يعلم أن ما تحقق فيه ليس مجرد انتصار عسكرى فقط , بل كان أيضاً انتصاراً للعزيمة والأصرار والأمل فى مستقبل جديد تفوق من خلاله المواطن المصرى على احباطاته بعد نكسة 67 , و لم يكن هذا التحدى والأنتصار للجيش فقط بل كان للدولة بكل طوائفها وفئاتها التى خاضت متكاتفة رحلة رد الأعتبار القاسية والمجيدة فى أن واحد. وبالعودة للوراء نجد ان حالة الإحباط والتشاؤم التى كانت سائدة لدى الجميع بعد النكسة أصعب الأن , و كذلك كان هذا الإحباط مقروناً بضعف كبير فى الإمكانيات مع إحكام السيطرة الخارجية على مصر بشكل أكبر مما هو عليه الأن أيضاً , أضف إلى ذلك سلسة التحديات والحروب التى انهكت مصر خلال مشاركتها فى مساعدة الدول العربية على استكمال تحررها, ناهيك عن عدم اكتمال النضج السياسى والأفتقار إلى الخبرات الإدارية نتيجة حداثة تحول مصر إلى النظام الجمهورى بعد أن جثم على صدرها الحكم الملكى لفترات طويلة . وعلى الرغم من ضخامة التحديات والصعوبات الا ان التكاتف وتوحد الهدف لدى جموع الشعب بدءاً من أطفال المدارس وصولاً إلى إعلى درجة فى القيادة السياسية مكن الجميع من تحقيق نتائج باهرة و بأقل الامكانات وكان انتصاراً للدولة على نفسها قبل أن يكون انتصاراً على عدوها , و هذة هى الحقيقة التى لابد أن نعيها فالأنتصار يبدأ من النفس وينتهى بالمواجهة للخصم , فلكى تستطيع الانتصار على ند قوى لابد أن تكون قادراً على الانتصار على نفسك أولا. والبداية كانت بتأهيل الجيش والشعب نفسياً لإيجاد دافع قوى لتحقيق الإنجاز الذى ما كان ليتحقق لولا العزيمة والأصرار والطموح فى مستقبل أفضل لأجيال حالية وقادمة , و هذه هو الذى صنع الفارق رغم تفوق العدو فى العتاد العسكرى . وبعد مرور كل هذه السنوات التى مرت علينا خلالها أيام نعيش فيها نشوة النصر و تحرير الأرض , و بعد أن مرت علينا سياسات عديدة بداية من الإنفتاح الإقتصادى وانفتاح العالك الخارجى علينا بكل الطرق ״ثقافياً و اجتماعياً وعلمياً״ و بعد كل ما يعيشه العالم من تطور تكنولوجى حول العالم إلى قرية صغيرة , أين نحن الأن من كل ذلك وماذا حققنا وهل استفدنا بالفعل من كل هذا الانفتاح الذى سرعان ما تحول إلى انفتاح استهلاكى ؟ الحقيقة تقول أن معظم عاداتنا قد تبدلت واستطاع الغرب أن يفرض علينا ما يريده , و لم نستطع مع الأسف الحصول على ما يجب حصولنا عليه , و باستعراض شريط الذكريات نجد أحداثاً ومتغيرات كثيرة مرت علينا منذ لحظة الأنتصار وحتى الأن لابد من مراجعتها وتحليلها لمعرفة أسباب ما وصلنا إليه , و هل هذا هو الشعب الذى خضنا من أجله حرب أكتوبر, وهل هذه هى الدولة التى ضحى من أجلها الآف الرجال وقدموا حياتهم فداء لأولادهم و ذويهم ؟ أعتقد أنه لو علم هؤلاء الأبطال الشجعان أنهم قدموا أرواحهم من أجل فئة معينة من الشعب هى المستفيدة بالدرجة الأولى من توابع الانتصار وتنعم الأن وحدها بكل ما هو جميل لكان قرارهم مختلفاً بالتأكيد ولكنا حتى الأن واقعين تحت سيطرة الأحتلال دون استرداد شبر واحد من أرض مصر. و إذا كانت دماء الشهداء ومعاناة شعب بأكمله طوال سنين عجاف من أجل النخبة المختارة من الحكام وسادة القوم من السياسيين وصفوة المجتمع من رجال الأعمال الذين تتضخم ثرواتهم كل ساعة دون أن يبالى أحدهم بالظروف المعيشية للغالبية العظمى من الشعب بعد أن وصل بنا الحال إلى أن ما يقرب من 50% من أفراد المجتمع المصرى يعيشون تحت خط الفقر بحسب تقدير الحكومة الذى أشك أنه صحيح , و إن كنا قد وصلنا فى عام 2007 إلى اضاربات متكررة كل يوم للحصول على لقمة العيش وعدم تشريد الأبناء , فالأمر يستدعى منا وقفة لتنظيم مسابقة على غرار ما يحدث فى معظم القنوات الفضائية خلال شهر رمضان على مستوى الدول العربية , ومسابقتنا هذه المرة لن تكون جوائزها بالملايين ولن تكون لحل الأسئلة , لكنها معينة بالبحث عمن يستطيع تحضير روح أكتوبر و الجائزة هى الشعب المصرى .