احتدم الجدل والسجال – على نحو متوقع- حول الجدار الفولاذي الذي تضطلع الحكومة المصرية بتشييده على طول معبر صلاح الدين بقطاع غزة المحاذي للحدود المصرية وطبقا لتقارير صحفية فإن الجدار سيتم غرسه على عمق 20-30 م، ويتكون من صفائح فولاذية طول الواحدة منها 18 متراً وسمكها 50 سنتيمتر. أحد أسباب الجدل المجلجلة قادتها منظمة حقوق الإنسان العربية التي اعتبرت الجدار جريمة ضد الإنسانية، مضيفة أن منطقة رفح الحدودية، أصبحت مرتعاً للاستخبارات الأجنبية، حيث تشرف مباشرة على بناء الساتر الحديدي ونصب أجهزة ومعدات لمراقبة الحدود.. إضافة إلى أن الإدارة الأمريكية خصصت 50 مليون دولار لشراء معدات متطورة لهذا الغرض، بينما تقوم فرنسا بإطلاق قمر صناعي للتجسس أحد أهم مهامه مراقبة القطاع. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، اعتبر الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر على حدودها مع غزة أمراً سيادياً، متهما بعض الأطراف بمحاولة نصب فخ للقيادة المصرية بهدف صرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، واتخاذ معبر رفح سبباً للهجوم على القاهرة.. وعلى النقيض من رأي رئيس السلطة الفلسطينية فإن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، انتقدت بناء مصر للجدار الفولاذي على حدودها الشرقية مع قطاع غزة بحجة أن "غزة لا تشكل خطراً على مصر"، ورغماً عن أن متحدثا باسم حركة حماس وهو طاهر النونو، ركز على سيادة مصر على أراضيها، إلا أنه قال: "نتطلع إلى عدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها زيادة الحصار على أبناء شعبنا، بل نتطلع إلى إجراءات لإنهاء هذا الحصار". وفي خضم هذا الجدل والسجال ارتفع صوت الحكومة المصرية عالياً، حيث رفضت مصر انتقادات وجهت للجدار الذي تبنيه على حدودها الشرقية مع قطاع غزة، وعطفاً على وكالة أنباء الشرق الأوسط، فإن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.. قال: "إنه مهما كان شكل هذه الإجراءات سواء أكانت أعمالاً إنشائية أو هندسية، أو معدات للاستماع فوق الأرض أو تحتها، فهي شأن مصري يتعلق بالأمن القومي، أي أنه يدخل في مسؤوليات الدولة المصرية وأسرارها. الأسرار التي لم يكشف عن كنهها حتى الآن هي: أنه لو لم يحدث الانقسام المريع بين فتح وحماس، وأنه لو لم تنقل شظايا الانقسام إلى الجسد العربي، لما أقدمت إسرائيل على عدوانها المشؤوم على غزة، ولما ألبت إسرائيل أمها الرؤوم "أمريكا" على الإيعاز ببناء الجدار، ولما أصبح العرب يتقلبون في لحج اللهب، ولما تحول كبرياء العرب إلى كرب، ولما أفرح هوانهم وتهوينهم العدو اللدود، ولما طاشت سهامنا وارتدت علينا وأصابتنا في مقتل، حقاً إنه زمن الجدار والأسوار والأسرار والأباليس. فما لم تتخذ الأمة خطوات شجاعة، تنبذ الانقسام، وتترك الفرقة، فإن أسواراً جديدة سوف تشيد في جغرافية الأمة وقريبا، وقريبا جداً سوف نشهد: -ان أسواراً ليست فقط فولاذية، وإنما جهنمية. -ان أسواراً عدة تقسم السودان إلى دويلات يحكمها "النمل". -وأسوارا بين العراق وسوريا.. تديرها "العقارب". -وأخرى بين سوريا ولبنان تحكمها الخنافس. -ورابعة بين شمال اليمن وجنوبه.. يحكمها "إبليس". -وخامسة بين اليمن والسعودية.. يديرها "الهدهد". -وسادسة بين باكستان وأفغانستان.. تديرها "الديدان". وعندها لن يجدينا فتيلاً أن نقلب أيدينا ذات اليمين وذات اليسار من هول الأسوار.. وفداحة الفراسخ التي تفصل بيننا.. ويا لها من فراسخ وبرازخ.