يا شباب .. ميدانكم الأول أنفسكم .. فإذا انتصرتم عليها كنتم علي غيرها أقدر، وإذا أخفقتم في جهادها كنتم عما سواها أعجز، فجربوا الكفاح معها أولا .. واذكروا أن الدنيا جميعا تترقب جيلا من الشباب الممتاز بالطهر الكامل والخلق القوي الفاضل .. فكونوا أنتم هذا الشباب .. ولا تيأسوا. إن الرجل سر حياة الأمم ومصدر نهضاتها وإن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ من ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات .. وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما تقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة .. وإني اعتقد والتاريخ يؤيدني أن الرجل الواحد في وسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته، وفي وسعه أن يهدمها كذلك إذا توجهت هذه الرجولة إلي ناحية الهدم لا ناحية البناء. أيها الحائرون في طريق الاصلاح .. لو آمن الناس برقابة الله وعدالته وإطلاعه عليهم ونظره إليهم وإحاطتهم بما يعلمون واستقرت في أنفسهم معرفة الله العلي الكبير .. لألهمهم هذا الإيمان يقظة في الضمير، وحياة في الشعور، وعدالة في التعامل، وتعاونا علي مطالب الحياة، وبعدا عن الشرور والآثام. إننا ندعو جميعًا إلى الأمن والأمان والسَّعادة والسلام، وإيثار المصلحة العامة على الأنانية المفرطة؛ لأن الخير حينما يَعُمّ سَيُسْعِد الجميع، أما الفتنة فهي تأكل اليابس والأخضر، وتستجلب غضب الله تعالى: (واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ) (الأنفال: 25). إن يوم الخلاص لقريب، وإن الفجر ليبعث خيوطه، وإن النور سيتشقق به الأفق ، ولن ينام هذا العالم الإسلامي بعد صحوته، ولن يموت هذا العالم الإسلامي بعد بعثه، ولو كان مقدرا له الموت لمات، ولن تموت العقيدة الحية التي قادته في كفاحه، لأنها من روح الله، والله حي لا يموت. و اذكروا دائما أن لكم هدفين أساسين :. الأول .. أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي. الثاني .. أن يقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة، تعمل بأحكام الإسلام، وتطبق نظامها الإجتماعي، وتبلغ دعوته للناس. علينا أن نوقظ الأمة من غفلتها، وأن نقف أمام هذه الموجة الطاغية، ونستعيد مجد الإسلام، ونغزو الدنيا في عقر دارها حتي يهتف العالم بإسم النبي صلي الله عليه وسلم وينتشر ظل الإسلام علي الأرض. وأعلموا إن الأمة التي تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة، يهب الله لها الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة، وما الوهن الذي أذلنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت، فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم .. واحرصوا علي الموت توهب لكم الحياة .. واعلموا أن الموت لابد منه، وأنه لا يكون إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها في سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة. إنكم روح جديدة تسري في قلب هذه الأمة فتحييه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت وارد يعلو مرددا دعوة الرسول صلَّ الله عليه وسلم .. ومن الحق الذي لا غلو فيه إن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد إن تخلي عنه الناس.