بعد أيام من خطابه المتحدي في الأممالمتحدة والذي رفض فيه المطالب بإنهاء الحرب في غزة، يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقاء أهم داعميه وهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لكن اجتماع نتنياهو اليوم مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن يأتي في لحظة حرجة. إذ باتت إسرائيل معزولة بشكل متزايد، وفقدت دعم العديد من الدول التي كانت تعد من أبرز حلفائها. وعلى الصعيد الداخلي، يظهر ائتلاف نتنياهو الحاكم أكثر هشاشة من أي وقت مضى. وفي البيت الأبيض تلوح مؤشرات على نفاد الصبر. وكتب ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي الأحد: "لدينا فرصة حقيقية لتحقيق العظمة في الشرق الأوسط. الجميع مستعدون لشيء خاص يحدث لأول مرة على الإطلاق. سننجزه!!!" ومن المقرر أن يلتقي ترامب ونتنياهو في المكتب البيضاوي، مع توقع عقد مؤتمر صحفي مشترك لاحقًا. وقال البروفيسور إيتان غلبوع، الخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بجامعتي بار-إيلان وريخمان لوكالة أسوشيتد برس، إن الغموض المحيط بالاجتماع يجعله "واحدًا من أكثر اللقاءات حساسية" في العلاقة الممتدة لسنوات بين الزعيمين. خيارات صعبة أمام نتنياهو أوضح جلبوع: "قد يضطر نتنياهو للاختيار بين ترامب وأعضاء ائتلافه، الذين يريد بعضهم استمرار الحرب. أي خطوة لإنهائها ستضعه على أرض سياسية هشة في الداخل قبل عام واحد من الانتخابات". وقال أوديد أييلام، الباحث في مركز القدس للشؤون الأمنية والدولية لوكالة أسوشيتد برس، إن ترامب من المرجح أن يطالب بوقف دائم لإطلاق النار، وهو ما سيترك نتنياهو أمام خيارات محدودة، خاصة أنه تعهد مرارًا بمواصلة الهجوم حتى تدمير حماس. وأضاف أييلام، أن نتنياهو قد يسعى لوضع "خطوط حمراء" في أي اتفاق، مثل تفكيك حماس، أو الإصرار على حق الجيش الإسرائيلي في التحرك بحرية داخل غزة إذا عادت الحركة إلى القتال أو الحكم. وانضم ترامب إلى نتنياهو خلال الحرب القصيرة مع إيران في يونيو، حيث أمر قاذفات شبح أمريكية بضرب ثلاثة مواقع نووية، كما دعم نتنياهو خلال محاكمته بتهم فساد، واصفًا القضية بأنها "مطاردة سياسية". لكن العلاقة شهدت توترات مؤخرًا، إذ أحبط ترامب من فشل الضربة الإسرائيلية هذا الشهر ضد قادة حماس في قطر، الحليف الأمريكي الذي يستضيف مفاوضات إنهاء الحرب. وأبدت واشنطن مؤخرًا نفاد صبر متزايد. فقد تعهد ترامب الأسبوع الماضي بمنع إسرائيل من ضم الضفة الغربية، وهي فكرة يروج لها بعض شركاء نتنياهو المتشددين. ويعارض المجتمع الدولي الضم باعتباره يقضي على آمال حل الدولتين. مع ذلك، اعتبر مايكل دوران، الباحث في معهد هدسون، أن تصريحات ترامب لم تكن علامة على خلاف، بل خطوة ذكية سمحت لنتنياهو بمقاومة ضغوط اليمين المتطرف داخل حكومته، وقال: "لقد كان ذلك تصرفًا بارعًا من ترامب، أظهر استجابة لحلفاء عرب ومسلمين، وفي الوقت نفسه ساعد نتنياهو." خطة أمريكية لوقف الحرب رفع ترامب سقف التوقعات قبل اللقاء، قائلاً للصحفيين في حديقة البيت الأبيض الجمعة، إن الولاياتالمتحدة "قريبة جدًا من التوصل إلى اتفاق بشأن غزة". وتنص الخطة، وفق ثلاثة مسؤولين عرب مطلعين، على وقف فوري لإطلاق النار لأسوشيتد برس، وإطلاق سراح جميع الأسرى خلال 48 ساعة، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع. كما تشمل إنهاء حكم حماس ونزع سلاحها، مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بالمؤبد. وتدعو الخطة أيضًا إلى نشر قوة أمنية دولية لتولي الأمن في غزة بعد الحرب، مع إدارة شؤونها المدنية من قبل لجنة فلسطينية من التكنوقراط، على أن تنتقل لاحقًا إلى سلطة فلسطينية مُصلَحة. لكن نتنياهو يرفض أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة. بينما أكد مسؤول في حماس أن الحركة أُبلغت بالخطة عبر وسطاء مصريين وقطريين، لكنها لم تتلقَ عرضًا رسميًا، مجددًا رفضها تسليم السلاح وربط ذلك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وقال نتنياهو الأحد في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز: "نحن نعمل مع فريق الرئيس ترامب... وآمل أن ننجح في إنجاز الأمر". إسرائيل تفقد التعاطف الدولي لكن وفي خطابه الجمعة أمام الأممالمتحدة، أشاد نتنياهو بترامب واصفًا إياه ب "الشريك الأساسي الذي يفهم أكثر من أي زعيم آخر أن إسرائيل وأمريكا تواجهان تهديدًا مشتركًا", لكن باستثناء الولاياتالمتحدة، فقدت إسرائيل معظم الدعم الدولي الذي اعتادت عليه. ففي جلسة خاصة لمجلس الأمن الأسبوع الماضي،وجه ممثلو الدول انتقادات واسعة لإسرائيل، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار وتدفق المساعدات إلى غزة. وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد قتلت الحملة العسكرية الإسرائيلية أكثر من 66 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 168 ألفًا منذ بداية الحرب، فيما نزح 90% من سكان القطاع، ويعاني عدد متزايد منهم من المجاعة. وفي الأسابيع الأخيرة، طالبت 28 دولة غربية حليفة لإسرائيل بإنهاء الحرب، كما انتقدت القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية. واعترفت 10 دول، بينها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، بدولة فلسطين الأسبوع الماضي. كما اتهمت عدة دول عربية إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهو ما يدرسه حاليًا أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة بناءً على دعوى جنوب أفريقيا، فيما تنفي إسرائيل ذلك بشدة.