يترقب المجتمع الدولي، مخرجات مؤتمر نيويورك لحل الدولتين برئاسة فرنسا والمملكة العربية السعودية، يوم الاثنين، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويتأمل الفلسطينيون، أن يسفر مؤتمر نيويورك عن نهاية لمعاناة بدأت في عام 1917 حينما أعلن وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر بلفور، بإنشاء وطن قومي لليهود في الدولة الفلسطينية، قبل أن يُغلن قيام دولة إسرائيلية في فلسطين عام 1948، على يد دافيد بن جوريون الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية. وبعد ما يزيد عن 100 عام من المعاناة، اتخّذ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قرار قد يبدو "تصحيحا" لخطأ تاريخي بدأ ب"عود من لا يملك لمن لا يستحق" في أرض فلسطين، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميا اليوم الأحد. وفي وقت متزامن، أعلنت أسترالياوكندا، ثم البرتغال أيضًا الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، كما أعلنت 7 دول أخرى اعتزامها الاعتراف خلال مؤتمر نيويورك غدًا الاثنين بحل الدولتين. في إطار ذلك، يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية من شأنه أن يحدث تغييرا فعليا في مكانة ووضع فلسطين كدولة، منوّها إلى أهمية مؤتمر نيويورك بشأن حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، للقضية الفلسطينية. يشير الدكتور فهمي، إلى أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيلقي كلمة غدًا في الأممالمتحدة، ثم سيلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 29 سبتمبر الجاري في البيت الأبيض، مؤكدًا أن الرسالة الإسرائيلية ستكون غرضها الأول والأخير "شيطنة" إجراءات الدول التي اعترفت أو ستعترف بالدولة الفلسطينية واتهام الجانب الأوروبي، مما سيكون له تداعيات كبيرة وخطيرة. ويتوقع أستاذ العلوم السياسية، أن تكون هناك ثلاثة مسارات محتملة بعد الاعتراف بدولة فلسطين في مؤتمر نيويورك، موضحا أن المسار الأول هو تزايد الاعترافات الدولية، الأمر الذي يغير صفة الحضور الكبير للدولة الفلسطينية، إذ يحمل دلالات رمزية أكثر من كونه سياسيًا على أرض الواقع. أما المسار الثاني، فيؤكد فهمي أنه سيكون هناك تحرك في اتجاهات متعددة، من السلطة إلى المنظمة، ومن المنظمة التي أنشأت السلطة إلى الدولة الفلسطينية بصورة أو بأخرى بشكل أكثر شمولية من المرجّح أن يضم كافة التيارات السياسية. ويرى أستاذ العلوم السياسية أن المسار الثالث يربط المسار الفلسطيني في الضفة الغربية بقطاع غزة، وبدء اتصالات في هذا الإطار. يؤكد فهمي أن الرفض الإسرائيلي للاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يؤدي إلى تجاوب مع السلطة الفلسطينية، حيث ستستمر الإجراءات الإسرائيلية في قطاع غزة لفرض استراتيجية الأمر الواقع، وبالتالي تبقى الكرة في ملعب السلطة. ويشدد رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، على ضرورة التوجه للأمم المتحدة للحصول على قرار صادر من الجمعية العامة، مشيرًا إلى أن هذا القرار، بمثابة قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بأغلبية كبيرة ضمن صيغة "متحدون من أجل السلام"، ليكتسب الاعتراف الدولي من مجلس الأمن، إذا لم تستخدم أحد الأعضاء الدائمين حق النقض "الفيتو" للاعتراض. وفي ما يخص ردود الفعل الإسرائيلية، يوضح فهمي أن تل أبيب رفضت الاعترافات الدولية بفلسطين، كما أن تعليقات المسؤولين الإسرائيليين اليوم بعد اعتراف بريطانياوكنداوأستراليا كانت غير مبشّرة، وربما يتم الإعلان من قبل إسرائيل عن ضم الضفة للسيادة الإسرائيلية في تداعيات ربما سيتم اللجوء لها في الفترة المقبلة. وأكد على أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة مهم وشجاع في كل الأحوال، ولا يأتي لإرضاء السلطة الفلسطينية لكي يتم التعامل معها كما يزعم بعض الأطراف، مشيرا إلى أن من المبكر ربط ما حدث في غزة بالاعتراف بدولة فلسطين، لكن ضغوطا شعبية كبيرة في أوروبا وخاصة في بريطانياوفرنسا، وتغير الحكومات في فلسفتها وشعورها بالجانب الإنساني وهناك تفسيرات عديدة في هذا السياق. على الجانب الإسرائيلي، هاجم المسؤولون مؤتمر نيويورك، زاعمين أن الاعتراف بدولة فلسطين سيكون مكافأة لحركة المقاومة الإسلامية حماس، حيث وجه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رسالة لقادة العالم بعد اعتراف بريطانياوأسترالياوكنداوالبرتغال رسميًا بالدولة الفلسطينية، واعتزام 7 دول أخرى الاعتراف خلال مؤتمر نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال نتنياهو: "رسالتي للقادة الذين اعترفوا بدولة فلسطينية بعد 7 أكتوبر 2023، أنتم تمنحون مكافأة ضخمة لحماس". وأضاف أن رد إسرائيل على الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون بعد عودته من الولاياتالمتحدة، مؤكدًا: "لن تقام دولة فلسطينية وسنواصل توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية". بدوره، اعتبر وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهار أن اعتراف كنداوأسترالياوبريطانيا بدولة فلسطينية هو إعلان بلا معنى تفوح منه رائحة معاداة السامية وكراهية إسرائيل، مطالبًا بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان الأحد إن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس إلا مكافأة لحماس بتشجيع من جماعة الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة، مشيرة إلى أن قادة حماس يقرون بأن الاعتراف بدولة فلسطينية هو نتيجة مباشرة لهجوم السابع من أكتوبر.