لم يتحمل الشاب الثلاثيني فراق شقيقه بعد معاناة مع المرض اللعين. جاهد نفسه نحو عام أملا في الخروج من تلك الضائقة النفسية التي باتت تحاصره. عمد إلى قضاء غالبية الوقت في عمله بأحد المصانع لكن محاولات فراره من تلك الأزمة باءت بالفشل ليقرر إخراج المشهد الأخير من حياته بشكل درامي. حالة من الوجوم ممزوجة بصدمة بدت ملامحها واضحة على وجوه شاردة تحول استيعاب ما جرى لزميلهم "الطيب" -كما عهدوه- بينما يتدلى جثمانه من حبل مُثبت بجنش مروحة غرفته. دقائق قليلة كانت كفيلة بأن يعج المصنع برجال الشرطة بزيهم ناصع البياض من جهة وضباط المباحث بهيئتهم المعتادة؛ لكشف تفاصيل ما شهدته تلك الجدران. منذ الوهلة الأولى لدخول رجال البحث الجنائي الغرفة تلاحظ سلهم سلامة المنافذ. عُثر على جثة عامل "أعزب" في الثلاثينات من العمر، يرتدي ملابسه كاملة وبحوزته متعلقاته الشخصية. جهود البحث والتحري التي أشرف عليها العقيد أحمد نجم مفتش مباحث الشيخ زايد كشفت المستور. منذ عام فقد العامل شقيقه متأثرا بإصابته بمرض السرطان دخل على إثرها في حالة من العزلة والحزن الشديدين. يوم الواقعة، دخل أحد العمال إلى غرفة زميلهم الثلاثيني للاطمئنان عليه ليكتشفوا الطامة الكبرى. عثروا عليه مشنوقا دون وجود بعثرة في محتوياتها. رجحت التحريات انتحار العامل شنقا لمروره بأزمة نفسية وعدم وجود شبهة جنائية في الوفاة. وجرى نقل الجثة إلى مشرحة المستشفى. تحرر المحضر اللازم بالواقعة، وأحاله اللواء رجب عبد العال مدير أمن الجيزة، إلى النيابة العامة للتصريح بالدفن.