"إبراهيم سردينة" و"الحاج متولي".. شخصيات درامية حفرها مصطفى محرم في أذهان المصريين

رحل عن عالمنا منذ ساعات، السيناريست الكبير مصطفى محرم، عن عمر يناهز 82 عاما، بعد مسيرة فنية حافلة.
مصطفى محرم يعتبر نجما من نجوم كتابة السيناريو والحوار، وبعبارات وجمل عبقرية استطاع الراحل الكبير أن يخلد اسمه بين عمالقة كتابة السيناريو.
ونجد أن دراما مصطفى محرم -سواء كانت في السينما أو التليفزيون- تحتوي على العديد والعديد من الأمثال الشعبية والعبارات التي تخرج من رحم الموقف والمكان والزمان.
وخلال مسيرته الفنية قدم "محرم" شخصيات اعتبرها البعض "أيقونات" في الدراما والسينما، لعل أبرزها:
عبدالغفور البرعي
على الرغم من أن مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" مأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للأديب الراحل إحسان عبدالقدوس، إلا أن كتابة سيناريو وحوار المسلسل أعطى أضعاف مضاعفة من النجاح للرواية.
وبحرفية شديدة استطاع مصطفى محرم أن يكتب شخصية عبدالغفور التي نعتبرها أيقونة الدراما المصرية حتى الآن، فنجد أن "عبدالغفور" رجل عصامي بدأ حياته من الصفر، حتى وصل لأن يكون إمبراطورية، إلى أنه ظل يحتفظ بعاداته وتقاليده كما هي، فلم يفسد الثراء هذه الشخصية، وفي كل مشهد نجد "عبدالغفور" يتحدث بمثل شعبي يناسب الموقف، ويعتبر هذا الدور الذي قدمه النجم الراحل نور الشريف علامة فارقة في مشواره الفني.
ولمعرفة مدى نجاح "محرم" في كتابة هذه الشخصية تحديدا، نجد أن عبدالغفور البرعي في رواية "عبدالقدوس" شخصية بخيلة يتهرب من الضرائب ويدير أعماله بالرشاوي، إلا أن "عبدالغفور" بحسب "محرم" هو هذا الشخص الذي شعرنا أنه يشبهنا جميعا.
إبراهيم سردينة
المعلم إبراهيم سردينة هو "الأب الروحي" لعبدالغفور البرعي، وهو شخصية محورية محركة للأحداث في حياة "البرعي"، إلا أن هذه الشخصية من وحي خيال مصطفى محرم ولم تكن موجودة بالأساس في الرواية، وهذه الشخصية كل جملة أو عبارة تقولها بمثابة حكمة.
ويعد اختيار الاسم بشكل مختلف ومفردات الشخصية الخاصة -التي لا تشبه مفردات عبدالغفور- وكرمها وانفتاحها بشكل أكبر من "البرعي" كل هذه الأمور جعلت شخصية المعلم سردينة أيقونة من أيقونات الدراما.
فهيم أفندي
هو الرجل الثاني في إمبراطورية عبدالغفور البرعي، وبرؤية أخرى نجد فهيم أفندي هو الأذكى والأكثر ثقافة ووعي، لكنه الأقل سعيا والأكثر تخاذلا، فكان مصطفى محرم يحرص على إظهار الفروق بين شخصية "فهيم" و"عبدالغفور"، فالأول وقف "محلك سر"، بينما لم يضع عبدالغفور سقفا لطموحه حتى وصل عنان السماء على الرغم أن "فهيم" كان دائما لديه الحل والمعلومة.
وشخصية "فهيم" التي قدمها مصطفى محرم، هي أيضا من وحي خياله، وأضافت للمسلسل بعدا كبيرا، ففي البداية هو ذلك الشخص الذكي الذي يضع عبدالغفور على الطريق الصحيح، وبنهاية المطاف هو الموظف المطيع الذي يمنح مديره المعلومة وينفذها دون أن يناطحه أو يشعره بأنه الأكثر دراية ببواطن الأمور بالرغم من أنه كذلك بالفعل.
فاطمة كشري
فاطمة كشري أو "فاطنة" كما كان يناديها عبدالغفور، هي المرأة التي شعر كل بيت مصري أن له بها نصيب، فهي الأخت، الحبيبة، الزوجة، والأم، فهذه الشخصية التي كتبها "محرم" تفيض بالمشاعر والحنان والدفء لدرجة أنها أصبحت أيقونة لكل بيت مصري.
وجسدت الفنانة عبلة كامل الدور ببراعة شديدة، وكتابة الشخصية وتقديمها على هذا النحو جعلها من الشخصيات التي لا تنسى في تاريخ الدراما المصرية.
الحاج متولي
ضمن أحداث مسلسل "عائلة الحاج متولي" قدم الفنان الكبير نور الشريف شخصية الحاج متولي سعيد، وهو الرجل الذي تقع الجميلات في غرامه فترضى كل منهم أن تكون واحدة ضمن 3 نساء وربما 4 بحسب ما يقرر "الحاج".
الحاج متولي هي شخصية كتبها "محرم" بحرفية شديدة، فهو هذا الرجل الذي يطمع في أكثر من امرأة، وبنفس الوقت يرفض تزويج ابنه من يحب، وهو الرجل المتدين لكنه من ناحية أخرى يقابل صرخات زوجاته ورفضهن الزواج من امرأة رابعة بكلمة واحدة هي "طظ"، لتظهر هذه الشخصية كل تناقضات النفس البشرية، فتصبح من أشهر ما كتب "محرم" خلال مسيرته.
منتصر
فيلم "الهروب" يعتبر من أهم الأعمال التي قدمها الفنان الراحل أحمد زكي، وكتب مصطفى محرم القصة والسيناريو والحوار لهذا العمل الأيقوني، ولاسم "منتصر" الذي اختاره مصطفى محرم لبطل الشخصية دلالة كبيرة.
فرغم الهزيمة يبقى البطل "منتصر" حتى وهو داخل سجنه، فرغم قتل حلمه إلا أنه ظل للنهاية منتصرا، يتورط في قتل أكثر من شخص دون أن يكون قاتلا، ومن هروب لهروب يتم قتله في النهاية بدم بارد، ليصبح "منتصر" هو الأنقى رغم سجنه ومقتله.
زهرة
"زهرة" هي شخصية تزوجت 5 مرات، قد تبدو للوهلة الأولى فتاة جميلة وشخصية مثالية، إلا أن الجانب الأخر لهذا الوجه الجميل، امرأة "وصولية" تسعى للارتباط بشخص غني رغم ترتيبها "الثالث" بين زوجاته، فتدبر لهن المكائد بسبب غيرتها.
كما نجدها قد تخلت عن هذا الزوج في أول مشكلة وقع بها، لترتبط بأخر وبعده تتزوج من صديقه المقرب، ونجد أنها في البداية كانت مرتبطة بزوج تخلت عنه كذلك، وفي كل مرة لا يهم "زهرة" إلا نفسها، وهذه الشخصية التي أثارت جدلا تشبه في تناقضاتها شخصية "الحاج متولي" على الرغم من تغير الظروف.