قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن جهود وزارة المالية في سبيل التطوير المستمر والإصلاح الدؤوب للسياسات المالية والاقتصادية بوجه عام لن تتوقف؛ فقد وضعت وزارة المالية رؤيتها المستقبلية للأعوام المالية الثلاثة القادمة (من 2022/2021 حتى 2029/2023)، وذلك من عدة منطلقات؛ أهمها رؤية مصر الاستراتيجية 2030، وبرنامج الإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية للاقتصاد المصري الذي تتبناه الحكومة المصرية والذي يمثل المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري. وأشار معيط، خلال بيانه أمام مجلس النواب اليوم الإثنين، إلى أن البرنامج، وهو برنامج وطني نابع من داخل مؤسسات الدولة المصرية العامة والخاصة والمجتمع المدني، يعتمد على اتباع إطار النهج التشاركي الذي تتبناه الدولة المصرية في الوقت الراهن، مع استهداف القطاعات الحقيقية للاقتصاد المصري للمرة الأولى بإصلاحات هيكلية جادة وهادفة. وأكد معيط أن الوزارة تسعى في رؤيتها المستقبلية إلى الحفاظ على مكتسبات المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي، ومعالجة جوانب الضعف الاقتصادية، وتشجيع النمو الاحتوائي، وخلق فرص عمل جديدة عن طريق تنويع وتطوير أنماط الإنتاج، وتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، وتوطين الصناعة المحلية وتنافسية التصدير، ورفع قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مسار الاقتصاد المصري من اقتصاد شبه ريعي إلى اقتصاد إنتاجي يقوم على المعرفة ويتكامل ويتنافس مع الاقتصاد العالمي؛ مما يدعم النمو المتوازن والمستدام. وأشار وزير المالية إلى أنه من أجل هذا وضعت وزارة المالية مستهدفات رؤيتها المستقبلية على المدى المتوسط، والتي يمكن إيجازها في النقاط الآتية: على الرغم من التداعيات الاقتصادية السلبية؛ سواء المحلية أو العالمية المصاحبة لجائحة فيروس كورونا؛ فإن التقديرات الحالية المبنية على الأداء الفعلي للفترة (يوليو- ديسمبر) من العام المالي 2021/2020، تشير إلى توقع تحقيق فائض أولي يصل إلى نحو 6.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق الموازنة العامة لعجز كلي يصل إلى نحو 8.7% من الناتج المحلي ومستوى دين في حدود 88٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وتستهدف وزارة المالية على المدى المتوسط تحسين المؤشرات بشكل تدريجي؛ بحيث يتقلص العجز الكلي للموازنة على مدار السنوات القادمة، ليصل إلى نحو 6 ٫ 5% خلال العام المالي 2022/2021، وإلى نحو 5 ٫ 3٪ خلال العام المالي 2023/2022، ثم إلى نحو 6.74 خلال العام المالي 2024/2023. وبالنسبة إلى الفائض الأولي، فتستهدف وزارة المالية على المدى المتوسط إعادة الفائض الأولى إلى مساره، كما كان قبل الجائحة، ليحقق نسبة مستدامة من الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى نحو؛ وهو ما يصب مباشرة في تخفيض الأعباء المتعلقة بالدين وخدمته. وبالنسبة إلى الدين العام خلال السنوات القادمة، فمن المستهدف النزول بمعدلاته ليحقق 87٪ خلال العام المالي 2022/2021، و84% خلال العام المالي 2023/2022، ثم 79٪ خلال العام المالي 2022/2023. . وأشار معيط إلى أنه لتحقيق تلك المستهدفات الكلية، فقد قامت وزارة المالية في ديسمبر 2020 بنشر استراتيجية الدين متوسطة المدى والتي ترسم خارطة الطريق المستقبلية وتوضح المنهجية التي تتبعها وزارة المالية لتحسين إدارة الدين العام، وخفض نسبته للناتج المحلي، وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل، وذلك من خلال خفض أعباء الدين وإطالة متوسط عمره، وتطوير سوق الأوراق المالية الحكومية لتوسيع قاعدة المستثمرين؛ بما يضمن توفير التمويل اللازم للموازنة في الوقت المناسب. وقامت وزارة المالية بصياغة استراتيجية الإيرادات متوسطة المدى لضمان اتساق واستدامة جهود تطوير منظومة الإيرادات العامة، ولضمان القدرة على تحقيق مستهدفات إيرادات الموازنة العامة على المدى المتوسط؛ بما يسهم في توفير التمويل المطلوب لتلبية كل احتياجات أجهزة الموازنة على جانب الإنفاق. وتتضمن استراتيجية الإيرادات متوسطة المدى إصلاحات وإجراءات إدارية ومؤسسية تضمن تحقيق المستهدفات المالية والضريبية مع مراعاة الاعتبارات التوزيعية المرتبطة بالعدالة الاقتصادية وخلق الحوافز المناسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. ومن ناحية أخرى، تعمل وزارة المالية على إعادة هيكلة المصروفات بما يواكب التطورات والاحتياجات الملحة المتعلقة بالأزمات مع الأخذ في الحسبان خطط والتزامات الدولة المستقبلية. وأوضح معيط أن وزارة المالية تستهدف الحفاظ على ما تحقق من نجاحات في خفض فاتورة دعم الطاقة وتوجيه الوفر المحقق للأوجه ذات الأولوية؛ خصوصًا تلك المتعلقة بتحسين أحوال المواطنين من زيادة في الرواتب والمعاشات وبرامج التنمية البشرية والتنمية الريفية من خلال امتداد نظام التأمين الصحي الشامل والعمل على توفير التمويل اللازم له، وأيضًا لاستكمال منظومة تطوير التعليم. وعلى الرغم من متطلبات الإنفاق الإضافية الاستثنائية والمتعلقة بالتعامل مع جائحة فيروس كورونا؛ فإن وزارة المالية تستهدف زيادة المخصصات الموجهة للإنفاق الاجتماعي، مثل برنامجي تكافل وكرامة، وبرامج التنمية البشرية (الصحة والتعليم)، وكذلك مبادرات دفع النشاط الاقتصادي؛ خصوصًا مساندة قطاع الصناعة والأنشطة التصديرية. كما تسعى وزارة المالية إلى الحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة قبل تفشي جائحة فيروس كورونا، وذلك من خلال الحفاظ على مسارات العجز الكلي والدين دون انحراف أو تدهور، والمساهمة في برنامج الحكومة للإصلاح الهيكلي الشامل والذي يتضمن كل قطاعات الدولة. وأكد معيط: تستهدف وزارة المالية مواصلة الإجراءات والتدابير الإصلاحية التي بدأها في المنظومة الضريبية برفع كفاءة الإدارة الضريبية والحوكمة وميكنة المنظومة ومحاربة الاقتصاد غير الرسمي والتهرب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية ورفع كفاءة تحصيل الضرائب بما يمكن الدولة من زيادة الحصيلة الضريبية دون زيادة أسعار الضرائب والمنظومة الجمركية من خلال تيسير وتسهيل إجراءات التخليص الجمركي، وسداد المستحقات الجمركية، وتطبيق نظام الإفراج بالمسار الأخضر، إلى جانب إعادة هيكلة مصلحة الجمارك إدارية بما يضمن تسهيل وتطوير حركة التجارة وإزالة القيود، وبما يخفض من الوقت والجهد والتكلفة المرتبطة بالتخليص الجمرکي. وتعمل وزارة المالية بالتعاون مع كل الأجهزة المعنية على دعم تمكين المرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب تعزيز الشمول المالي والدفع غير النقدي، وهو ما يضمن التوزيع العادل للثروات كأحد مرتكزات التنمية المستدامة. وأوضح وزير المالية أن الوزارة تعطي أولوية قصوى لجهود التنمية المستدامة؛ خصوصًا التعافي الأخضر ودفع جهود التنمية الخضراء من خلال طرح السندات الخضراء، وإقرار رسوم خضراء تستخدم حصيلتها في تمويل جهود والتزامات الحكومة المصرية في ما يخص التنمية المستدامة.