بعض صيد البحر يعرفه زبون حلقة السمك في السويس بمجرد رؤيته، إلا أن البعض الآخر يحمل أسماء وأشكالاً غريبة، تبعث أحيانًا على الخوف أو ربما تثير دهشة من يراها لأول مرة. "خليج السويس مليان بالأنواع دي من الأسماك، والناس ساعات بتفتكر إنها مش للأكل" يقول عمرو عمارة شيخ صيادين السويس "أسماك القرش أو الشيطان ينظر لها الناس بشيء من الرهبة إلا أنهم يقبلون عليها بعدما نخبرهم بطيب لحمها وقيمتها الغذائية العالية". السمكة المظلومة "الشخرم سمكة حلوه ومفيدة وفيها معادن ونسبة بروتين عالية ومن غير دهون ومظلومة" يعدد شيخ الصيادين فوائد هذه السمكة الأكثر شعبية في السويس، والتي يطلق عليها "أكلة الفقير" التي تعد مُقلية أو مشوية كما هي دون تنظيف أو تقشير، وتباع بسعر 10 جنيهات للكيلو، وفي بعض الأحيان ب15 جنيهًا للكيلوين منها، ويقدمها بعض التجار هدية مع الأنواع الفاخرة في نهاية اليوم. ويوضح شيخ الصيادين أن سمكة الشخرم رغم قيمتها السعرية المنخفضة، إلا أنها لا تلقى قبولاً في القاهرة الكبرى، بسبب حجمها الصغير، إذ يكاد يبلغ طولها راحة اليد الواحدة "المصاروه بيحبوا السمك الكبير اللي فيه لحم وشوك قليل". داخل حلقة السمك بسوق الأنصاري يحرص التجار على عرض الأسماك بشكل يجذب الزبائن، ولا مانع مع وضع سمكة كبيرة الحجم أو غريبة الشكل، تدفع الزبون للوقوف فيسأل عن اسمها وقيمتها وكيفية إعدادها. الزنان يقول محمود نجم، تاجر أسماك، إن الشخرم نوعين؛ الأول وهو البلدي وقيمته السعرية منخفضة ويخرج من خليج السويس، والآخر الشخرم الزنان وله جلد سميك دون قشور وبه خطين أسودين، وهو من أسماك "العنبك"، يخرج من البحيرات المرة وقناة السويس. ويباع الزنان في السويس بنفس سعر البلدي، بينما ترتفع قيمته في بورسعيد وتتراوح بين 40 و50 جنيهًا للكيلو، لذلك يشتريه التجار من الصيادين ويبيعونه لوكلاء السمك هناك. القملة والفتلة وقف زبون أمام سمكة تشبه القراميط، إلا أن رأسها وأسفل خياشيمها مبطط كقطع البلاستيك التي تلتصق بالزجاج. يسأل المشتري عن سعر هذه السمكة الغريبة فيخبره التاجر "دي قملة القرش، واللي جنبها فتلة". والسمكتان من أصدقاء سمكة القرش، كما يصفهما نجم تاجر السالأسماك، الذي يوضح: "تخرج السمكتان مع القرش بشكل عارض في شباك الصيد.. قملة القرش تلصق بطنها أو رأسها على جلد القرش الخشن عشان تنضفه وتتغذى على العوالق، وهي نفس فصيلة بعض أسماك الزينة التي تباع لتنظيف أحواض الأسماك من العوالق". أما سمكة "الفتلة" فترجع تسميتها إلى كونها من أكثر الأسماك رفعًا، وتعيش في أسراب إلى جوار أسماك القرش، كما يوضح نجم "بتتغذى على بقايا الطعام المتناثر من فرائس القروش". ومؤكدًا صلاحية النوعين للاستهلاك الآدمي، يقول تاجر الأسماك السويسي: "الأولى تُسلخ وتقلى أو تعد صينية، بينما تنظف الفتلة وتقلى، وسعرهما يتراوح بين 25 و35 جنيهًا حسب الحجم والجودة". أما سمك القرش نفسه، فيقول عنه نجم إنه يخرج في شباك الجر كصيد عارض، ولا يتم استهدافه خلال عملية الصيد، مضيفًا: "نطلق عليها اسم القطط بسبب شكل عينها، والخنت لأنها سمكة تتكاثر بالولادة ولا تبيض مثل باقي أسماك البحر". وتتميز سمكة القرش بلحمها اللين الغني بالمعادن، ويتراوح سعرها بين 45 و60 جنيهًا حسب المعروض والحجم. وتُعد للأكل بسلخ اللحم عن سلسلة الغضاريف، تجهيزًا للقلي أو الطهي في طاجن. الديك أحد أغرب الأسماك التي تباع في حلقة السمك بالسويس أيضًا سمكة الديك، التي تنمو وسط الشعاب المرجانية، وتنتشر في الغردقة وشرم الشيخ "قليلاً ما تخرج في غزل الصيد وسميت بالديك بسبب الشوك الذي يغطي رأسها ويشبه الريش في ذكور الطيور خاصة الدجاج، ويمتد من الرأس وحتى منتصف السمكة" كما يصفها تجار الحلقة. "زباين قليلة تعرفها، وهي جميلة في أكلها، وبعد تنظيفها لحمها بيكون أبيض وأطيب من الكوشر" يقول أحد التجار الذي يوضح فارق السعر بينها وبين سمكة الكوشر الشهيرة التي يزيد سعر الكيلو منها عن 100 جنيه، بينما يتراوح سعر الكيلو من سمكة الديك بين 30 و40 جنيهًا. إلا أن هذا النوع من الأسماك يُفضل أن يتعامل معها عمال تنظيف السمك ولا يُنصح بتنظيفها في المنزل لأن وغز شوكها قد يسبب تنميلاً بكف اليد والساعد، حسب التاجر الذي أكد أنها رغم ذلك غير مسممة إطلاقًا وتصلح للاستهلاك. الجلخ والقراض يتحدث أيمن الجداوي، تاجر الأسماك بالحلقة، عن سمكة أخرى تُدعى "الجلخ" فيقول إن الكثير من الزبائن يحسبها قراميط، بسبب التشابه في شكل الرأس والزعانف، لكن يوضح الفارق بين النوعين بأن القراميط لا تعيش في البحر، وأن للجلخ شوكة في الرأس تتسبب في تنميل اليد إذا ما أصابت يد صيادها، مضيفًا أن لحمها أبيض اللون ويتم تجهيزها بالسلخ ومن ثم إعداد حساء من لحمها. الأرنب رغم أن سمكة الأرنب خطرة جدًا في تناولها، حسبما يوضح الجداوي "سمكة أمعائها ودمها وكبدها سام ما ننصحش حد يشتريها لأنها خطر وعايزه محترف ينظفها"، إلا أن هناك من يشتريها ويجهزها للشوربة، مشيدًا بحسن طعمها، وهو ما يفسره تاجر الأسماك تحت بند "الممنوع مرغوب". الخنزيرة من أكثر الأنواع غرابة اسمًا وشكلاً سمكة الخنزيرة -كما يوضح التاجر أيمن الجداوي- ومنها 3 أنواع: الخنزيرة البلدي والصندوق والبلاط، وسميت الأخيرة بذلك لأنها مبططة وذات جلد لونه رمادي، يظهر بعد سلخه اللحم الأبيض كأنه شمع. وتعد للطهي قليًا أو طبخًا في طاجن. ويتراوح سعر الخنزيرة البلاط بين 40 و120 جنيهًا حسب حجمها، ومنها ما هو بحجم كف اليد، بينما تصل الكبيرة منها إلى وزن 10 كيلوجرامات. ويقل الطلب على الخنزيرة البلدي بسبب حجمها الصغير ولونها الأخضر، أما السمكة الصندوق ذات الرأس مربع الشكل، فتعد مشوية فقط كما هي دون تنظيف أو سلخ، وبعد نضجها تظهر عظمتين بجانب الرأس تشبه الموجودة في صدر الدجاج تكسران فيخرج فصي لحم. حداية وشبين "البحر ملئ بالأسرار وفيه أسماك وكائنات لا نعرفها ربما تخيف من يراها" يقول مرسي بدير وكيل مراكب صيد، مستدعيًا مشاهد مما يعود به الصيادين في نهاية رحلاتهم بالبحر. أسماك الحداية والشيطان مثالان على غرابة الكائنات البحرية، كما يوضح مرسي "الاثنين من فصيلة واحدة لكن يختلف شكل الجناحين والرأس فيهما؛ فالأولى رأسها مستدير وبطنها بيضاء وفيها عيني السمكة وفمها، أما الخياشيم ففي الظهر وتشبه الدائرة، وفي نهاية فقرات الظهر زيل طويل ورفيع". بينما سمكة الشيطان -كما يوضح مرسي- ذات رأس عريض بعينين في المقدمة وفم كبير وزيل قصير عن الحداية. وتنضم سمكة شبين أو عروس البحر لهذه الفصيلة أيضًا، برأس مثلث الشكل وفم وخياشيم وفتحتين بمقدمة الرأس تشكلان معًا ما يشبه وجه الإنسان، بينما العينان تشقان الظهر. الصرع ومز البياض الملص ومز البياض من الأسماك الفضية اللامعة التي يجذب شكلها زبائنها في حلقة السمك. ويخرج هذا النوع من الأسماك من البحر بأحجام كبيرة "مز البياض نوعين؛ الأول عريض، والثاني يأتي بجسد اسطواني، ويحمل النوع الثاني كمية أكبر من اللحم" كما يوضح مرسي، الذي يضيف أن من لا يعرف في أنواع الأسماك، يخلط بين الصرع والمرجان، لأن لهما اللون نفسه المائل للاحمرار والزعانف الصفراء ذاتها، بينما تتميز سمكة المرجان بالجسم المستدير قليلاً. يباع سمك الصرع بسعر يتراوح بين 15 و30 جنيهًا، وهي صغيرة الحجم، أما المرجان فالحجم المتوسط يصل ثمنه إلى 80 جنيهًا، فيما يباع الكبير بسعر يبدأ من 120 ويصل إلى 160 جنيهًا، حسب الوزن. الببغاء من الأسماك الشهيرة أيضا سمكة الببغاء أو الحريد، وتتميز بقشورها السميكة، ويمكن أن تجفف وتحفظ لعدة شهور بعيدًا عن الثلاجة، ثم تقطع وتنقع في الماء وتصبح جاهزة للأكل بعد إضافة التوابل والليمون. ويبرع سكان سفاجا وحلايب في تجفيف هذا النوع من الأسمك، ويطلق عليه سمك بكالا.
