شهدت ساحة الصراع في سوريا، خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، سباقًا محمومًا على الأرض بين مختلف القوى المحلية وداعميها الإقليميين والدوليين، وذلك للسيطرة على أكبر قدر ممكن من المساحة الجغرافية السورية؛ استباقًا لانهيار تنظيم داعش وفرض وقائع على الأرض قبل تسوية سياسية ممكنة للصراع المستمر منذ نحو ستة أعوام، ولذلك ظلت فرص صمود كل الاتفاقات السابقة، سواء أكان على مستوى وقف النار أو المناطق الآمنة أو مناطق خفض التوتر. وبعد عامين على التدخل الروسي المباشر في الحرب الأهلية السورية، نجحت روسيا في تطبيق المبادرة التي تهدف إلى وقف القتال بين قوات الحكومة السورية ومسلحي المعارضة في مناطق مختلفة، حيث جرت في موسكو مشاورات روسية سورية حول ضمان فعالية نظام الهدنة في مناطق تخفيف التوتر، إذ أكدت الخارجية الروسية، في بيان لها الجمعة الماضية، أن هذه المناطق تساهم في تقييد أنشطة الإرهابيين، إضافة إلى تحسين الوضع الإنساني في سوريا. على صعيد آخر، نفى المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، أن تكون الاتفاقيات المتعاقبة لمناطق تخفيف التوتر مقدمة لتقسيم سوريا، وقال دي ميستورا في لقاء مع صحيفة "الشرق الأوسط": "أريد أن يعرف السوريون أن الأممالمتحدة والمجتمع الدولي مصمم بشكل مستمر، أن هذه مناطق مؤقتة والتقسيم لن يكون جزءًا من مستقبل سوريا". ويذكر أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل منطقة ثالثة لتخفيف التوتر في مدينة حمص السورية، بعد التوقيع على اتفاقيتان لتخفيف التوتر في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة في الجنوب، وفي الغوطة الشرقيةلدمشق. الجنوب السوري في هامبورج اعتبر مراقبون أن اتفاق وقف إطلاق النار، في 7 يوليو الماضي، في مناطث جنوبسوريا جاء نتيجة اجتماعات غير معلنة، استمرت على مدار أشهر، بين الولاياتالمتحدةوروسيا بشأن سوريا، حيث جسد التعاون بين موسكو وواشنطن طريقا متعرجا لتفاهمات في حل الصراع السوري، وذلك حسبما أشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". ويستهدف الاتفاق وقف القتال في جنوب غربي سوريا، والتي تتضمن محافظة درعا على الحدود مع الأردنوالقنيطرة المتاخمة لهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، والتي تعتير مناطق حساسة من الأراضي السورية المجاورة للحدود مع إسرائيل والأردن، وذلك حسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وجاء الإعلان عن الاتفاق بعد اجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة مجموعة العشرين في ألمانيا، على الرغم من أن كل من روسياوالولاياتالمتحدة تدعمان أطرافا مختلفة في الصراع الدائر في سوريا منذ عام 2011. توقيع الاتفاق جاء بعد تنسيق مع الأردن وإسرائيل اللذين يتاخمان الحدود مع سوريا من ناحية الجنوب. الغوطة الشرقية في القاهرة بعد صمود هدنة جنوب غربي سوريا، سارعت جميع الأطراف على المضي قدمًا نحو عقد اتفاقات أخرى تشمل عددًا من المدن والمناطق المشتعلة في الداخل السوري، ولذلك استمرت مفاوضات بين ممثلي فصائل "المعارضة المعتدلة" والنظام السوري في القاهرة، حتى تم الاتفاق على إعلان هدنة في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، اعتبارًا من 22 من يوليو الماضي، وذلك حسبما أعلنت وزارة الدفاع الروسية. وفي هذا الصدد، يرى متابعون أن الدور المصري في اتفاق الغوطة الشرقية يأتي في إطار الانسجام في المواقف بين القاهرةوموسكو، حيث قالت مصادر مطلعة لصحيفة "العرب" اللندنية إن مصر تعمل على توسيع دورها في الأزمة السورية، بالتنسيق مع قوى إقليمية ودولية، بعد نجاح وساطتها في اتفاق الهدنة في الغوطة. وتعتبر منطقة الغوطة الشرقية معقلاً للفصائل المقاتلة قرب دمشق، وتشكل هدفاً للعمليات العسكرية التي تشنها القوات النظامية وحلفاؤها، وهي من ضمن المناطق الأربع التي تشملها خطة "خفض التصعيد" التي أبرمتها روسيا وإيران حليفتا النظام السوري وتركيا الداعمة للمعارضة في مايو، لكن الخلافات بشأن الجهات التي ستراقب هذه المناطق الأربع أخرت تطبيقه. ريف حمص الشمالي في القاهرة أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم الخميس التوصل إلى اتفاق في العاصمة القاهرة حول إنشاء منطقة ثالثة لتخفيف التوتر في سوريا. ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف القول إن خفض التصعيد شمالي مدينة حمص سيبدأ ظهر اليوم. وأوضح أن منطقة تخفيف التصعيد الثالثة تضم 84 بلدة يقطنها أكثر من 147 ألف نسمة. وقال كوناشينكوف: "في ال 31 من يوليو، عقدت محادثات في القاهرة بين ممثلي وزارة الدفاع الروسية والمعارضة السورية المعتدلة. ونتيجة اللقاء، تم التوصل لاتفاق حول نظام عمل منطقة خفض التصعيد الثالثة، شمالي مدينة حمص". وتتضاعف أهمية حمص، بالنسبة لجميع أطراف الأزمة السورية، حيث تنتشر الميليشيات التابعة لإيران، علاوة على مساحتها الواسعة التي تقارب ربع مساحة سوريا، كما أن وقوعها على حدود ثلاثة بلدان، هي العراقوالأردن ولبنان، يزيد من صعوبة آليات المراقبة التي تقترحها روسيا لأي اتفاق بخصوص مناطق خفض التصعيد، وذلك وفقًا لما أورد موقع قناة "العربية". جدير بالذكر، أن البلدات الموجودة في تلك المنطقة كانت من بين أوائل المناطق التي سقطت في أيدي المجموعات المسلحة في 2012 بعد اندلاع الازمة السورية، والتي من أبرزها الرستن، والدار الكبيرة، وتلبيسة، وتل دوكما. داعش خارج الهدنة في سياق آخر، يستمر القتال الدائر في مدينة الرقة التي تعد معقل تنظيم داعش بوتيرة متفاوتة، بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولاياتالمتحدة، وميليشيات التنظيم المتطرف، لاسيما وأن مناطق "خفض التوتر" لا تشمل المناطق الخاضعة لتنظيم داعش وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، وذلك يعني استمرار العمليات العسكرية على مواقع هذين التنظيمين. ويسيطر داعش على مناطق في محافظات الرقة وحلب وريف اللاذقية ودمشق وريفها ودير الزور وحمص وحماة والحسكة وإدلب، حيث كشف بريت مكجورك، المبعوث الأمريكي الخاص لدى التحالف الدولي ضد داعش، عن وجود نحو 2000 مقاتل من مسلحي التنظيم ما زالوا موجودين في مدينة الرقة السورية، وذلك حسبما نقلت وكالة رويترز الإخبارية. وبحسب رويترز، وأشار ماكجورك إلى أن تنظيم داعش قد خسر 78٪ من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق، و58٪ في سوريا خلال الأشهر الستة الأخيرة. مناطق خفض التوتر وكانت كل من روسيا وتركيا وإيران قد وقعت في العاصمة الكازاخستانية أستانة في شهر مايو الماضي على اتفاقية تقضي بإنشاء مناطق خفض التوتر في سوريا من دون أن تحمل توقيع أي طرف سوري. وتتوزع هذه المناطق على ثمانِ محافظات من أصل 14 ولا تشمل الوثيقة محافظتي دير الزور والرقة التي يتواجد فيهما تنظيم داعش، وتؤكد ضرورة مواصلة القتال ضد الجماعات المتطرفة مثل جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) والجماعات المتحالفة معها. وقعت الاتفاقية برعاية وضمان الدول الثلاث. والمناطق هي المنطقة الأولى: أجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة وتمتد من مرتفعات الجولان المحتلة في محفظة القنيطرة واجزاء من محافظة درعا التي تمت الى الحدود مع الأردن. المنطقة الثانية : الغوطة الشرقيةلدمشق المنطقة الثالثة: أجزاء من محافظة حمص وسط سوريا. المنطقة الرابعة : محافظة ادلب شمالي سوريا والتي تسيطر عليها بالكامل “هيئة تحرير الشام” ( فتح الشام وجماعات متحالفة معها). هناك شكوك في إمكانية تنفيذها بعد سيطرة الهيئة عليها كاملة منذ أيام.