بعد قليل.. مؤتمر صحفي يجمع رئيس الوزراء ونائب مدير صندوق النقد الدولى    ويتكوف: الاتصال المقرر غدا بين ترامب وبوتين سيكون ناجحا جدا    زد يطالب بضمانات حال إلغاء الهبوط: نحتاج رؤية واضحة تحترم الاستثمارات واللوائح    حريق يلتهم 3 منازل بدمياط والحماية المدنية تسيطر على النيران دون خسائر بشرية    دنيا عبد العزيز تهنئ الزعيم عادل إمام: أحلى حاجة حصلتلي إنه هو اللي اختارني    شينخوا: معرض الآثار المصرية فى شنغهاى يصبح الأكثر زيارة فى العالم    رئيس جامعة طنطا يتفقد الأعمال الإنشائية بمستشفى الطوارئ الجديد    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل الأمانة الفنية    التعليم العالي: فتح التقدم لإنشاء معامل بحثية مشتركة بين مصر والصين    في اليوم العالمي للاتصالات.. مصر تعزز ريادتها الرقمية بإنجازات نوعية |إنفوجراف    وزير الري ومحافظ أسوان يتفقدان مشروع سيل بقرى وادي الصعايدة بإدفو    معرض خيري ل«مستقبل وطن» بقفط لدعم الأيتام والعرائس والأرامل والمطلقات    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    باكستان وإيران تتفقان على تعزيز التعاون في جميع المجالات    رئيس جامعة القاهرة: الجامعات الأهلية قادرة على تقديم برامج تعليمية حديثة    أندية السعودية تحاصر فينيسيوس بعرض تاريخي    خطوة واحدة تحسم صفقة بديل أرنولد في ليفربول    علاء عبدالعال يوضح مصيره مع الجونة    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي في المنيا الترم الثاني 2025    انطلاق مبادرة تنظيف شواطئ وقاع البحر بشرم الشيخ| صور    يشكل خطراً.. حملة تموينية مفاجئة بدمياط تضبط مخزن غاز غير مرخص    «يوم مفرح ومجيد».. قداس مشترك لبطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالكاتدرائية المرقسية (صور)    رئيس «الحركة الوطنية» يزور مجلس الشيوخ ويشارك في الجلسة العامة| صور    عميد «آثار القاهرة» الأسبق: نحتاج لمشروع وطنى وقانون موحد للآثار    يحيى الموجي يحسم الجدل حول زواج عبد الحليم حافظ وسعاد حسني    تواضع رغم النجاح| 4 أبراج لا تغريها الأضواء وتسعى للإنجاز بصمت    ما العيوب التي تمنع صحة الأضحية؟ الأزهر للفتوى يجيب    الحج رحلة قلبية وتزكية روحانية    حكم قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن؟.. علي جمعة يوضح    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    هل الكركم ضار بالكلى؟    ترحيل المهاجرين لسوريا وأفغانستان.. محادثات وزيري داخليتي النمسا وفرنسا غدا    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    "الإغاثة الطبية في غزة": مليون مواطن يواجهون الجوع وتكدس بشري في الشوارع    لجنة برلمانية توافق مبدئيا على مشروع قانون العلاوة للموظفين    تنفيذ 124 قرار إزالة على مساحة 7.5 أفدنة فى كفر الشيخ    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    بدائل الثانوية العامة 2025.. شروط الالتحاق بمدرسة العربى للتكنولوجيا التطبيقية    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    بعد عرض "كله مسموح".. كارول سماحة تشكر فريق المسرحية والجمهور    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    في أجندة قصور الثقافة.. قوافل لدعم الموهوبين ولقاءات للاحتفاء برموز الأدب والعروض المسرحية تجوب المحافظات    رومانيا.. انتخابات رئاسية تهدد بتوسيع خلافات انقسامات الأوروبي    واشنطن تتحرك لرفع العقوبات عن دمشق.. مسؤولون يؤكدون بدء المراجعات الفنية    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اكتشف فوائد "الفضول" في كتاب البرتو مانجويل
نشر في مصراوي يوم 07 - 10 - 2015

لعل الثقافة المصرية بحاجة لاذكاء قيمة الفضول المعرفي وثقافة التساؤل فيما يشكل هذا النوع من الفضول الحميد قاعدة في الثقافة الغربية تنطلق منها العديد من الاكتشافات العلمية المبهرة والانجازات التي غيرت وتغير اوجه الحياة الانسانية.
والفضول في سياق ثقافة التساؤل يقف على النقيض من الظلامية والثقافة الماضوية القامعة للسؤال والمكتفية بالماضي والرافضة بصورة مريضة لأي تجديد بما يلحق افدح الخسائر بأي محاولة للتقدم والاستجابة الفعلية لتحديات تتجدد باستمرار واشكاليات لم تكن مطروحة في الماضي.
وها هو الكاتب والأديب الأرجنتيني الأصل والكندي الجنسية البرتو مانجويل الذي يعيش حاليا في فرنسا محاطا ب 30 ألف كتاب اختار "الفضول" عنوانا لكتاب جديد هو بالفعل "مثير للفضول" بقدر مايؤكد على حقيقة جوهرية ألا وهي أن الفضول ولد مع الانسان الأول واستمر كدافع لاستمرارية الحياة على الأرض.
ومراقبة سلوكيات حيوانات مثل القطط والكلاب تكشف عن أن الفضول ليس حكرا على الكائن الانساني كما يمكن بالملاحظة فهم علاقة الفضول بالتعلم عبر التجربة والمحاولة والخطأ وهكذا يحق وصف الفضول "بالمعلم العظيم".
غير أن الإنسان يبقى الأكثر فضولا ورغبة في الاستقصاء بين كل الكائنات كما يؤكد البرتو مانجويل في كتابه الجديد وهذا الفضول الانساني الطاغي مفيد في رحلة البحث عن فرص جديدة بل وتصور او اختراع هذه الفرص.
ويؤكد العديد من أساتذة وخبراء علم النفس أن الفضول جزء اصيل من المنظومة الاساسية للمشاعر الانسانية فيما يصف البرتو مانجويل مؤلف هذا الكتاب الجديد نفسه بأنه صاحب عقل متسائل ويفخر بوصفه كأحد كبار الفضوليين.
وإذا كان التاريخ الثقافي يقدم دروسا دالة حول أهمية الفضول المعرفي فواقع الحال أننا في وضعنا الراهن بحاجة للفضول بمعنى العقل المتسائل والمستفسر ليحل محل العقل الأسير والمكبل والمقيد بقيود عديدة أغلبها من صنع عقولنا.
ومن الدال في الثقافة الغربية أن كتابا آخر يحمل العنوان ذاته :"الفضول" كان قد صدر من قبل بقلم كاتب بريطاني متخصص في مجال الكتابات العلمية وهو فيليب بال كما أن الفضول كقضية ثقافية يشكل قوام كتاب "الأشياء" لايمي ليخ فيما تتفق هذه الكتب والكتابات الغربية على اختلاف المعالجات حول أهمية الفضول المعرفي وإمكانات السؤال والعقل المتسائل.
وللفضول فوائد جمة ومخاطر عظيمة أيضا ويمكن وصفه "بملح الحياة" فهو حاضر في تفاصيل المشهد الانساني عبر الزمان والمكان , فهو حاضر مثلا في جائزة نوبل للفيزياء التي منحت هذا العام للعالم الياباني كاييتا وزميله العالم الكندي ارتر بي ماكدونالد تقديرا لبحوثهما حول "كتلة النيوتريونات" واكتشاف الذبذبات في جسيم النيوترون بما يفيد أنه يمتلك كتلة.
والتجليات الحميدة للفضول المعرفي ستتوالى خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة مع الاعلان عن بقية الفائزين في جوائز نوبل لهذا العام بينما يثير الكتاب الجديد لالبرتو مانجويل تأملات حول دور الفضول في انجاز اعمال ادبية وثقافية خالدة مثل "الكوميديا الالهية" للشاعر الايطالي دانتي اليجيري والامكانات التي يتيحها الفضول لارتياد مناطق جديدة في السرد الأدبي وابداعات الشعر.
ثم أن الفضول يشكل محركا رئيسا لجهود انسانية فذة في مجال الاكتشافات الأثرية وحل الغاز وشفرات الماضي ناهيك عن ابجديات لغات سادت ثم بادت وان كانت الثقافة الغربية ذاتها لاتخلو من قصص واساطير دالة حول مخاطر الفضول الانساني الزائد مثل قصة "صندوق باندورا" التي وردت في الميثولوجيا الاغريقية حيث لم تصمد باندورا امام اغواء فضولها ففتحت الصندوق الذي يحوي كل شرور البشرية!.
ولاجدال أن الفضول حاضر وبقوة في مستجدات المشهد الاقليمي وتطورات العلاقات الدولية وقد يتأجج بتساؤلات مثل التي تثيرها الصحافة الغربية الآن حول الدوافع الحقيقية للتدخل العسكري الروسي في سوريا والتأكيد على وجود أسباب خفية لموسكو.
وبالتأكيد الفضول أقوى من الخوف عند البعض ومن هنا يقترن الفضول بالخطر وهاهو كتاب "الفضول " لالبرتو مانجويل يتضمن قصة مؤلمة عن الفيلسوف طاليس المالطي وهو أحد الحكماء السبعة عند اليونان وقد سقط في بئر وهو غافل جراء فضوله المتقد بمتابعة حركة النجوم في السماء!.
ويقول الكاتب والشاعر والناقد البريطاني الراحل صمويل جونسون أن الفضول حاضر دوما في العقول العظيمة والمعطاءة وهو أول المشاعر وآخرها أما الفيلسوف اليوناني العظيم ارسطو فقد أعلى من شأن الفضول لحد القول أن الكثير من البشر يعيشون من أجل إشباع فضولهم فحسب فيما حالة النهم غير قابلة للاشباع.
لاحاجة للقول ان هذه الحالة اسهمت وتسهم كثيرا في اعمار الأرض وتحقيق مانسميه بالتقدم الانساني كما أنه لابد من القول أن الفضول يمكن تطويعه وتكييفه بما يحقق حياة أفضل ليتفادى الانسان المخاطر ويتمتع بامكانية أفضل للفهم والتحكم قدر الإمكان في عديد الظواهر عبر رحلة المسير والمصير!.
ولئن كان من ذهب إلى أن الفضول يصل ذروته عندما يدرك أي شخص في صباه أن الموت مصير كل إنسان فهناك من يقول إن الفضول يتجاوز الموت ذاته!، لاريب أن مايحدث بعد الرحيل عن الحياة الدنيا كان وسيبقى مثيرا لأقصى درجات الفضول الانساني، ولكن هل تنطبق مقولة أن الفضول يتراجع كلما تقدم الانسان في العمر على كل البشر أم أن هناك فئات مثل العلماء والباحثين لاينخفض منسوب فضولهم أبدا؟!، في كل الأحوال الفضول حاضر في العديد من قصص الاكتشافات العلمية التي غيرت أوجه الحياة الانسانية.
وإذا كان الفضول قرين ثقافة التساؤل فكثيرا ماتبقى أسئلة هامة في حياة الانسان دون إجابة تشفي غليل الفضول لأن الكثير من التصرفات والممارسات الانسانية تبدو مستعصية على التفسير وقد تكون دوافعها غير مفهومة من منظور المنطق او العقل.
ومن الضروري في سياق كهذا الاشارة للظلال والفوارق الدقيقة بين مفهوم "الفضولي" وهو مطلوب لأنه مفيد ومفهوم اخر بغيض هو "المتطفل" لأنه يقترن بالتلصص على الآخرين ومحاولة اقتحام خصوصياتهم الانسانية وهو مايسمى في العامية المصرية "بالشخص الحشري" بكسر الحاء ورغم فضول مثل هذا الشخص فان الفضول هنا من النوع العقيم الذي لن يفيده في نهاية المطاف بقدر مايضر الآخرين.
والفضول صاحب فضل في عالم الكتاب فكثيرا مانقرأ من باب الفضول والرغبة في التعرف على تجارب الآخرين واسرارهم ايضا واحيانا يكون الشخص المدمن للقراءة فضولي عظيم مثل البرتو مانجويل مؤلف الكتاب الجديد حول الفضول .
إنه الفضول الذي يبدد ظلمة الكهوف القديمة ويطلق برق مصابيح العقل الانساني في رحلة الاجابة عن اسئلة القلق العاتي وعناوين المستقبل..الفضول الذي يفتح كتاب الزمان والمكان على كلمات جديدة ودروب مغايرة وبيوت لم نسكنها بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.