بيونس ايرس: يعترف الكاتب الأرجنتيني الأصل البرتو مانجويل في بداية كتابه "المكتبة في الليل" بأننا نعيش عالما يخلو من المعاني والهدف الواضح، ومع ذلك فاننا بسعادة نقوم بمراكمة وجمع كل ما يتوفر أمامنا من معلومات وحشدها في رفوف فوق رفوف ونخصص لها مساحات واسعة في بيوتنا وبناياتنا العامة. ويبحث مانجويل في كتابه وفق صحيفة "القدس" اللندنية عن سر شهوة الإنسان للقراءة التي قد لا تقود للمعرفة والتي تتمظهر على شكل هواية جمع الكتب وترتيبها في رفوف وصفوف. ويقول أن المكتبات تظل أمكنة عظيمة للقراءة ولكنها في إطار آخر تظل أمكنة جنون، تظلل مرتادها بحس المغامرة والبحث في زواياها المعتمة وكتبها التي تدعو القارئ كي يمنحها نظرها ويخرجها من عتمتها للنور ولو مرة باستعارتها، أو على الأقل يلمسها بحنان، بطريقة تمسح الغبار المتراكم عليها منذ سنين. ويضيف مانجويل: أنه قضى نصف قرن وهو يجمع الكتب، وهذه الكتب اتسمت بكرم حياله حيث لم تطلب منه أية مطالب وعوضا عن ذلك منحته كل الإضاءات والمعرفة . وفي الكتاب يطرح مانجويل أسئلته حول هوس الإنسان بالكتابة والكتاب، منسوخا، مطبوعا، مصورا، ومنتجا على أقراص الكترونية ضمن عدد من المحاور التي تشير للمكتبة كبيت للأسطورة والمكتبة كمساحة، وسلطة، عقل، ظل، هوية، ورشة عمل، شكل، خيال وبيت. وعبر هذه المحاور يرحل بقارئه مع تاريخ الكتاب والمكتبة وشهوة الإنسان في جمع المعرفة كل المعرفة الانسانية، فالإنسان عندما يتعلق بفضول المعرفة جشع ويرغب أن يمتلك كل ما تمثله المعرفة المخزنة من كتب تحت سقف واحد أو في كتاب واحد. ويؤكد المؤلف أن لكل منا طريقته في وضع وترتيب الكتب، حسب الجدة أو الموضوع أو اللون، أو اللغة وأحيانا حسب الحجم. وفي كل الأحيان يجد جامع الكتب وصاحب المكتبة الخاصة صعوبة في ترتيب الكتب، حيث يعمل على ترتيبها في مجموعات داخل المجموعات. ويشير المؤلف إلى أن مشكلة تصنيف الكتب ظلت بدون حل عملي حتى جون ديوي الذي اكتشف طريقة رقمية لتصنيف الكتب ظلت الحل الأمثل وتعرضت لتعديل وتجديد، مع أن ديوي عمل طوال حياته على ترتيب نظامه.