الكتاب سيظل سيد أدوات المعرفة, والقراءة ستظل النبع الأساسي للوعي الذي ينظر إليه باحترام وإجلال , فالكتاب هو النتاج الطبيعي للعقل الذي يبدع, ويفكر, ويتأمل, ويتخيل. ومنذ بداية الفكر المصري الحديث, من رفاعة الطهطاوي إلي كل رموز التنوير, وأحدث أجيال الفكر والفن والثقافة برهن الكتاب أنه الوسيلة الأولي والأهم في البناء العقلي والوجداني للإنسان ينتقل به في الزمان والمكان, وفي الحاضر والتاريخ, ويحلق من خلاله في المستقبل, ويفتح آفاق الطموح للجميع. ومنذ أيام, أطلقت السيدة الفاضلة سوزان مبارك الحملة القومية ل القراءة للجميع, حيث تشهد نشاطا مكثفا علي مستوي المحافظات والجهات المشاركة لتفتح مئات وآلافا من نوافذ الفكر والثقافة والاستنارة لشباب مصر من خلال المكتبات التي فتحت أبوابها للجميع, تأكيدا لشعار القراءة حق للجميع. واستطاعت الحملة في قرابة عقدين من الزمن أن ترسخ الكلمة والمعني في النفوس, وتشيع مناخا ثقافيا متميزا بين شرائح المجتمع, وبالتالي انضم عاما بعد آخر إلي ساحة القراءة المزيد من عشاق القراءة ومريديها, حبا واقتناعا بعبقرية الفكرة, ونبل الهدف. والحملة تعد وبحق حدثا ثقافيا واجتماعيا تتطلع إليه كل الأسر المصرية وتتفاعل معه, لأنها تسعد بما يتم تقديمه من أفكار, ورؤي, وقضايا, من خلال وصول الكتاب إلي كل طفل, وكل قارئ بمصر, خاصة المناطق المحرومة في الريف والحضر. والحملة تؤكد ترسيخ عادة القراءة, وحب الكتاب, وتنمية الشعور بأهمية القراءة باعتبارها حقا لكل فرد في المجتمع. إن مشروع القراءة للجميع لم يكن مجرد دعوة للقراءة, وإنما كان دعوة لإعادة تشكيل الإنسان فكرا ووجدانا, علما وثقافة, إلهاما وخيالا. إنها دعوة للتنوير تستند إلي إيماننا بأن الثقافة كما قالت السيدة الفاضلة سوزان مبارك هي استثمارنا للحاضر والمستقبل, ودعوة للتحول إلي مجتمع المعرفة وسد الفجوة بيننا وبين المجتمعات التي سبقتنا. إن القراءة للجميع ظلت في تجدد مستمر بإنشاء نوع جديد من المكتبات الحديثة البسيطة في شكلها, العميقة في مغزاها من خلال مكتبات بالحدائق العامة أقبلت عليها الأسر المصرية, وأطلقوا عليها مكتبة القراءة للجميع المكيفة, وتزامن معها توزيع مليون كتاب علي مترددي المكتبات لاقت رواجا كبيرا, ليصل عدد الكتب التي شملتها إلي ثلاثة ملايين كتاب في العامين الماضيين فقط. وعلي الرغم من كل هذا النجاح الذي حققته الحملة القومية للقراءة للجميع, فإنها مازالت تحلم بكتاب لكل أسرة, ومكتبة في كل بيت, ونحن نحلم أيضا معها.