طالبت وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بإقالة الرئيس التنفيذي لشركة أورانج الفرنسية العملاقة للاتصالات، ما يسلط الضوء على الغضب العام حيال هدف الشركة المعلن والمتمثل في مقاطعة إسرائيل. جاء ذلك بعد يوم من إعلان الرئيس التنفيذي لأورانج ستيفن ريتشارد في القاهرة أنه سيقطع علاقات شركته بإسرائيل "غدا" لو كان يستطيع ذلك، لكنه ملزم حتى الآن بعقد لم تنته مدته بعد. وأشار إلى حساسية الدولة العبرية تجاه الدول العربية. صعدت الدولة العبرية هجومها على كل من يطالب بمقاطعة اسرائيل باعتبار ان المقاطعة التي استدعت عقد جلسة طارئة للكنيست الاربعاء تشكل تهديدا استراتيجيا للمصلحة القومية. ونقلت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية عن ريغيف قولها في رسالة نصية "لا ينبغي أن تظهر الحكومة الفرنسية تسامحا على الإطلاق مع معاداة السامية" على حد تعبيرها. كما حثت العملاء اليهود في أورانج ومختلف أنحاء العالم على التوقف عن التعامل معها والانتقال إلى شركة اتصالات أخرى. وتقول أسوشيتد برس إن جماعات حقوقية فرنسية تضغط على باريس وعلى الشركة نفسها لإنهاء العلاقة بسبب أنشطة "بارتنر كوميونيكيشز لميتد" في المستوطنات الإسرائيلية. ومع تصريحات ريتشارد، تبدو أورانج أكبر وأشهر شركة ترضخ لضغوط حركة دولية تطالب بالمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل، على ما تقول الوكالة. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن ما تسمى حركة (بي دي إس) لم تظهر لتعزيز السلام، لكنها بدلا من ذلك تهدف إلى "نزع الشرعية" عن إسرائيل كدولة يهودية. وبعثت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، تسيب هوتوفلي، برسالة إلى ريتشارد تطلب منه خلالها توضيح تصريحاته. وقالت هوتوفلي "أناشدك الإحجام عن أن تكون طرفا في صناعة الكذب التي تستهدف بشكل غير عادل إسرائيل وننتظر بفارغ الصبر ردكم". وللحكومة الفرنسية، التي لها علاقات جيدة مع إسرائيل، حصة نسبتها 13.45 في المئة في أورانج. وتحارب اسرائيل نشطاء حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على اسرائيل (بي دي اس) طوال الوقت لكنها صعدت لهجتها ورفعت وتيرة الهجوم عليهم في الأيام الأخيرة منذ ان طلب الفلسطينيون تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وتعمل حركة "بي دي اس" على تشجيع مقاطعة إسرائيل ليس اقتصاديا فحسب بل في كافة المجالات الأخرى سواء اكاديميا أو سياسيا أو رياضيا. واعتبرت اسرائيل الهجوم المضاد على نشطاء حملة المقاطعة من الأولويات الاسرائيلية، بحسب وسائل الاعلام وتصريحات الحكومة. ودعت ثلاثة أحزاب اسرائيلية الأربعاء الكنيست إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة تعزيز مكانة إسرائيل العالمية وصورتها. وقالت وزيرة العدل الإسرائيلية ايليت شاكيد إن المنظمات التي تسعى لمقاطعة إسرائيل "تريد محو دولة إسرائيل عن الخارطة". وطالب رئيس حزب" اسرائيل بيتنا" افيجدور فيلدمان بتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية وزيادة ميزانية الإعلام. وندد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الأربعاء بانضمام اتحاد الطلاب البريطاني الوطني لحركة مقاطعة اسرائيل "بي دي اس"، وقال "رفض اتحاد الطلاب البريطانيين قبل أقل من عام دعم مقاطعة تنظيم داعش الذي يدوس على حقوق الإنسان ويحرق اناسا في اقفاص وهم احياء، وقررت الانضمام إلى حركة مقاطعة إسرائيل. هذا دليل على ماهية طابع حركة المقاطعة". واكد اتحاد الطلاب البريطاني الوطني لوكالة فرانس برس انضمامه لحركة مقاطعة اسرائيل حديثا. وتحدث نتانياهو الاثنين في الكنيست عن حملة المقاطعة ضد اسرائيل بقوله "إننا في أوج حملة سياسية وفي هذه الحملة يتم تشويه حقيقة دولة إسرائيل وتشويه ممارساتها حيث يسوقون ضدنا الكثير من الاتهامات الكاذبة" داعيا "الى توحيد القوى المحلية والعالمية للتصدي لهذه الاكاذيب وتفنيدها". وكان الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين حذر الخميس الماضي من المحاولات الفلسطينية لدفع مقاطعة اسرائيل في المحافل الاكاديمية والمحافل الرياضية واعتبرها "تهديدا استراتيجيا للدولة"، اثناء لقائه اعضاء لجنة رؤساء الجامعات الاسرائيلية. واعتبرت صحيفة يديعوت احرونوت كبرى الصحف الاسرائيلية "ان الحرب ضد حملات المقاطعة ليست حربا سياسية فقط بل هي حرب قومية". واطلقت الصحيفة حملة الاثنين تحت عنوان "اسرائيل اولا، نحارب المقاطعة"، و"تجند في معركة التصدي" وقالت انها ستنشر خلال الشهر والاشهر القادمة مقالات ومواضيع خاصة ضد نشطاء المقاطعة. ودعت الصحيفة كل القوى من اليمين واليسار للالتفاف والتجند ضد حملات المقاطعة لان "حركة المقاطعة تشكل تهديدا استراتيجيا على الوجود الاسرائيلي"، وشبهت دعاية حملات المقاطعة التي يرددها نشطاء "بي دي اس" ضد اسرائيل بالدعاية اللاسامية النازية ضد اليهود. ومن جهته قال عمر البرغوثي، أحد مؤسسي حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل لوكالة فرانس برس "إن الحركة ترتكز على القانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان. وترفض رفضا قاطعا كل أشكال العنصرية، بما في ذلك معاداة السامية وواقع ازدياد الدعم اليهودي للحركة في الغرب هو نتيجة الانسجام الأخلاقي للحركة". وأضاف "الحقيقة أن الحركة لا تستهدف اليهود، لآنها تستهدف أصلا نظام الاحتلال الإسرائيلي، والاستيطان الاستعماري والابارتايد (الفصل العنصري)". وأضاف البرغوثي "ان اسرائيل وآلة الدعاية الصهيونية تتهم اي مؤيد لحركة المقاطعة على الفور بمعاداة السامية وتستخدم ذلك كشكل من أشكال الترهيب لإيقاف كل اشكال معارضتها، وتستخدم تكتيك تشويه السمعة خصوصا ضد مؤيدي المقاطعة من الأوروبيين لشعورهم بالذنب من المحرقة (النازية) ونجحت إسرائيل نسبيا خلال العقود الماضية باستخدام عقدة الذنب عند الأوروبيين للتواطؤ على قمع الفلسطينيين". وأوضح "نحن نطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت عام 1967 وتفكيك المستوطنات وجدار الفصل العازل وإنهاء الابارتايد الذي ينطبق على المواطنين الفلسطينيين بحسب تعريف الأممالمتحدة". وأكد عمر البرغوثي "أن استهداف نشطاء حركة المقاطعة من قبل إسرائيل لا يخيفهم لان ذلك حدث في الماضي ويحدث". وقال البرغوثي "استخدمت إسرائيل أسلوب تشويه السمعة والترهيب والتخويف ومع اقتراب السنة العاشرة لتأسيس الحركة من الواضح أن مثل هذه التكتيكات لم تعد تؤثر علينا لآن إسرائيل تفقد التعاطف والسند في أرجاء العالم بما في ذلك أوروبا وتدريجيا في الولاياتالمتحدة". وينص قانون المقاطعة الإسرائيلي على تقديم دعوى قضائية وطلب تعويضات ضد كل من يدعو إلى عدم شراء منتجات المستوطنات أو إلى عدم المشاركة في النشاطات الثقافية التي تنظم بداخلها. كما يخول القانون وزير المالية بفرض عقوبات اقتصادية كبيرة على كل من ينادي بالمقاطعة أو يعلن مشاركته بالمقاطعة. وقالت المحامية الإسرائيلية ليئا تسيمل "هذا القانون هو ضد حرية التعبير ويعني تكميم الأفواه. الشيء الوحيد الذي جعل نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا يخضع ويغير نظامه هو المقاطعة الاقتصادية. إسرائيل تحتل شعبا اخر وتضرب بعرض الحائط حقوقه فهذا النشاط السلمي الذي يقوم به فلسطينيون ومنظمات يسارية قد يؤثر على إسرائيل سياسيا".