نقيب الصحفيين: اتفقنا مع وزير الأوقاف على أهمية صون الحياة الشخصية بما يكفل حرية الصحافة    هالة السعيد: انخفاض معدل حوادث الطرق 33% بين عامي 2018 و2022    النرويج: ملتزمون باعتقال نتنياهو حال أصدرت «الجنائية الدولية» مذكرة بحقه    عار عليك.. متظاهرون يمنعون بلينكن من التحدث ويقاطعون كلمته 4 مرات متتالية    هشام نصر يشيد بأداء يد الزمالك أمام الأهلي في نهائي دوري المحترفين    الزمالك يشكر ياسين البحيري لاعب نهضة بركان المغربي    حسين السيد: زيزو وعواد وصبحى لن يرحلوا عن الزمالك ولم نفكر فى لاعبى نهضة بركان    الرئيس التنفيذي لاتحاد جدة يجتمع بوكيل أليجري للتفاوض حول تدريب الفريق الموسم المقبل    كاميرات المراقبة تكشف كذب ادعاءات «أجنبي» باستبدال أمواله بعملات محلية| فيديو    ننشر تفاصيل ضوابط تصوير الجنازات.. أبرزها تخصيص «فيست» للمصورين    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    أزهري: ليس من حق الآباء إجبار بناتهم على ارتداء الحجاب    المصري يفوز على النصر القاهري بهدفين لهدف وديا استعدادا لمودرن فيوتشر    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    تكثيف المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة بالفيوم.. «إحصاء وإنجليزي»    البحوث الفلكية: الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    رفقة سليمان عيد.. كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره كواليس «البيت بيتي 2»    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    أمين الفتوى بدار الإفتاء: سداد الدين مقدم على الأضحية    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    تأثير استخدام مكيفات الهواء على الصحة.. توازن بين الراحة والمخاطر    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    رئيس الوزراء يتابع موقف منظومة رد الأعباء التصديرية    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    عاجل| أسوشيتد برس تعلن تعليق إسرائيل خدمات الوكالة في غزة    ب ممارسات حاطة بالكرامة والتقييد.. شهادات توثق تعذيب الاحتلال ل معتقلي غزة (تقرير)    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    خليفة ميسي يقترب من الدوري السعودي    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    "سيارة الغلابة".. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيه (صور)    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مارك فوتا: الإسماعيلي تواصل معي لتولي الأكاديميات وتطوير الشباب    شبانة: مندهش من الأحداث التي صاحبت مراسم تتويج الزمالك    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    استعدادات وترقب لقدوم عيد الأضحى المبارك 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باب ضريح السيدة زينب.. غسيل الذنوب وطلب العطايا
نشر في مصراوي يوم 12 - 05 - 2015

كنا قطعة خشب واحدة، اجتثت من شجرة في الغابة، كان الونس يحدق بنا من كل جانب، ما أن يهدأ حفيف الطيور، وركض الحيوانات، حتى نخلو إلى أنفسنا، نتذاكر أنساب عائلتنا الممتد إلى مئات القرون، حتى جاء أحدهم بغتة، حاملاً فأسه، قاطعاً شجرتنا جزئين، غير آبها بعتقنا، أو عراقتنا الضاربة في الجذور، أعطى أحدهما لنجار طالباً منه الاعتناء بي وبشقي الآخر المبتور، قائلاً في اقتضاب "هاتان قطعتان، ليستا ككل القطع، منهما يخرج باب لمسجد، وباب لضريح، ترقد فيه حفيدة رسول الله".
وقف النجار أمامي حائراً، يعرف أنه صنيعه هذه المرة ليس كأي صنيع، لن يكون باباً عادياً يصفقه أصحاب المنازل وهم خارجين، أو يستبدلونه كل حين، حتى باب المسجد وما به من نقوش، لا يساويني في شيء، أنا البرزخ، الحد الفاصل بين القلوب المثقلة بالهموم، والصدور منشرحة البال. لا أختال على شقي الثاني الذي أحيل باباً، كلنا عائد إلى الأرض، لكنه يتحدث أحياناً عن كون الداخلين من خلاله يخلعون نعالهم، سائرين في هيبة وتؤدة على سجاد الجامع الطولي. يتغافل عن كون هؤلاء، لا يمرقون من عتبة بابي، إلا وهم متطيبين بالروائح والمسك، من يدلف عبري يوزع عليه التمر، وتزكم أنفه روائح البخور، يعيش أجواء ينفصل بها عن كل عالم، ويندمج في صخب دراويش يلهج لسانهم بذكر الله، وأهل بيته، ويخص صاحبة الضريح، ابنة الإمام علي، بمديح خالص الصفاء: "يا لهفتاه لزينب، تبكي خائفاً وتندب، من دمعه الشعر تخضب، والدمع كالغيث يسكب، وهي بغير رداء، والهفتاه يا حسينا، يا سيد الشهداء".
هل أسرفت في الحديث عني، ليس بعد، لم أقص حكاية نشأتي كاملةً.. لم أخبركم كيف شذب النجار خشبي، كما يهذب الشاب لحيته.. قشر الشجرة، كحلاق يقص الشعر في مهارة، عراني في الهواء، غمرني بدهانات ذات رائحة نفاذة، أخذ يخط التعاريج، ويجعل للباب ملمس كالحرير، لا يجرح من يتبركون به، ويضعون أيديهم عليّ بالساعات، فلست كباب الحديقة يُفتح طوال اليوم دون أن يلمسه زائر. صرت ضلفتين، وضع على أحدهما كلمة الله في شكل دائري معدني، وفي الضلفة الأخرى وضع اسم سيد الخلق، وجد صاحبة البيت: محمد.
جميع المارين من بابي، متساوين كيوم خرجوا من رحم أمهاتهم، عرايا، لا يسترهم شيء، الباشا الكبير، الذي منع الله عنه الصحة، يجثو هنا على ركبتيه، يحمل الطلب للراقدة بين الأوشحة الخضراء والبيضاء، لعلها تشفع له عند ربه، ليمنحه عمراً يتمتع فيه بثروته.. السيدة الوقورة، لا تتوقف عن النحيب، دموعها تنهمر في توسل، تسترضي ابنة الإمام، وبنت الطاهرة فاطمة، بأن تفك عقدة زواجها، أعوام تنقضي، والعمر ينسرب من بين يديها، تخشى أن تموت وحيدة، لا تجد من يحمل نعشها، أو يشاركها خوف اللحظات الأخيرة.. جندي عسكري، ملابسه خضراء، يتطلع إلى أجواء الضريح في انبهار، يشخص ببصره ناحية الورود الزاهية، المسقوف بها الضريح، يمحي صورة الرمال الصفراء من خياله، المعسكر الذي قض مضجعه، وجعله يرى الموت أكثر من مرة، حين دخل العسكرية، أوهموه بأنه ذاهب لأرض الفيروز، لم يجن إلا ذعر من مفارقة الحياة، دون أن يدخلها. صنوف من البشر، يموجون في تتابع كالبحر، لا ينقطعون عن المرور، لا يخجلون من وجود مكتظ، لا يأتون إليّ إلا بكرب يكبلهم كالقيد، يجثون أرضاً في خضوع، يرفعون أيديهم في رجاء، يعلقونني في تذلل، يحلمون بانكسار القيد، يعزون أنفسهم ببركة السيدة زينب الشريفة، التي لا ترد طالباً، ولا تخيب راجياً، باب الأمنيات الذي لا يغلق في وجه أحد.
أظنكم تحيطون علماً، بذلك الأديب يحيى حقي، الذي أسره الضريح الساكن خلف عتبتي، وصاحبته "أم هاشم"، وسحر لبه قناديل الزيت المعلقة، ذلك الزيت الذي يشفي العيون، ينقحها من كل مرض، ويهذب بصيرة القلب، ليشع النور من الداخل، قبل أن تبهر العين أضواء الخارج الزائفة، هنا لا مكان للاصطناع، لا جدوى من الأحاديث المزعومة، والمشاعر الخادعة، أنا باب الصدق مع النفس، والتطهر من الخطايا، وتلمس آيات الغفران. لا تتهمني بهتاناً بالكِبر، فأنا باب التيه، باب الاعتداد بالنفس، الباب الذي يعرف ماذا يحوي داخله، ومن يقف على عتبته، باب يحرس ضريح بنت بنت رسول الله، فكيف لا أتيه بنفسي؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.