تأكد لأستاذنا الدكتور سيد عويس أن الإمام الشافعي. في عقول مرسلي الرسائل. هو شخص حي. علي الرغم من مرور مئات السنين علي وفاته". والواقع أن النظرة إلي ظاهرة إرسال الرسائل وتقديم النذور إلي ضرائح الأولياء. يجب أن تتم في ضوء معاناة أصحاب الرسائل والنذور. وأن الرسائل تعبير عن لجوء أصحابها إلي الأولياء. كمحاولة نجاة يائسة من الظروف القاسية التي يحيونها. وأن تساعد السلطة القائمة في تثبيتها. بدلاً من أن تكون هي أداة الإنصاف والعدل. لقد شكا حوذي تشيخوف مأساة موت طفلته إلي الحصان لما أخفق في محاولته أن يروي المأساة للناس. وقد لجأ البسطاء من المصريين إلي اضرحه الأولياء. يبثونها شكاياتهم حين أخفقوا في محاولاتهم أن تنصت الدولة أو الأفراد الممتازين إلي تلك الشكايات: تعرف ياسعداوي.. بروح أصلي العشاء واقعد جنب المقام أحكيله اللي في ضميري.. وساعات افوت علي السيدة زينب أقرا الفاتحة.. دوا همته اللي حموا البلد.. ولولاهم كان بقي عاليها في واطيها. وكان الناس يعتقدون في رؤية صور الأولياء يوم العيد في مقام سيدي مدين.. دخل رجل إلي المقام في صباح يوم عيد وهتف: ياسيدة زينب.. وظهرت له.. كما روي فيما بعد.. صورة السيدة زينب وهي ملثمة فوق ظهر جواد. من هذه الزاوية. يجدر أن تتحدد نظرتنا إلي تقبيل أهالي الريف عتبات جوامع الأولياء الرخامية بشغف. وإلي إيمان أهالي قرية مصرية بأن شجرة الجميز الضخمة القائمة بجوار ضريح سيدي خضر ترتوي من دم الولي نفسه. وإلي إيمان أهل الدلاتون بقداسة ولي الله الشيخ بيومي. واعتباره شفيعاً في الأولي والآخرة. ودافعاً للشر. وراداً للقدر. ومبادرتهم بإيذاء من يتصور غير ذلك. ومن هذه الزاوية ايضا. يأتي الربط بين وجود عدد كبير من المساجد في حي الجمرك بالإسكندرية. وفي مقدمتها جامعا أبوالعباس وياقوت العرش. وبين استقرار الحياة في الحي. وزيادة الكثافة السكانية. لأن أضرحة الأولياء تكون مراكز جذب للسكان. باعتبار أن الأهالي ينزلونهم من أنفسهم منزله عظيمة. لأنهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وكان ذلك ما حدث بالفعل في قنديل أم هاشم. حين حرص الجد محسوب السيدة زينب علي الاقامة بجوار جامعها. إن السيدة زينب وآل البيت بعامة بضعة من رسول الله. انحدروا من صلبه عن فاطمه عبر الأجيال قلة هم. لكنهم أقرب خلق الله إلي الله. ولعل الإيمان بالأولياء يجد تجسيداً له. في تلك الصورة الطريفة الي يقدمها الفنان في رواية عبدالحميد السحار في قافله الزمان: "داعب آذان الفجر صوت المنادي قبل الفجر: الصلاة يا مؤمنين الصلاة.. الصلاة خير من النوم. فهب أهل البيت من رقادهم. وقام النسوة يجهزن أبنائهن المرضي لزيارة أضرحه الأوليا في الفجر. يلتمسون البرء من أسقامهم. وفتح باب الدار في عماية الصبح. وخرج ثلاث خادمات يحملن ثلاثة أطفال. وما بلغن الشارع الرئيسي حتي افترقن. فما كن ذاهبات إلي ضريح واحد. فإن الأطفال لا يشكون من مرض واحد. وللكلام بقية