مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    بدء تحرك الحافلات مع الصليب الأحمر لاستلام الأسرى الفلسطينيين (فيديو)    منتخب المغرب للشباب يفوز على أمريكا ويتأهل لنصف نهائى كأس العالم    رئيس الوزراء البريطانى يصل إلى شرم الشيخ للمشاركة فى قمة السلام    ترامب: سأكون فخورًا بزيارة غزة وأتمنى أن تطأ قدماى أرضها    محمد صبحى: بشكر الجهاز الفني على ثقته في قدراتى.. والجزار: إحساس لا يوصف    إبراهيم عادل يكشف حقيقة مفاوضات انضمامه للأهلي    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    إبراهيم عادل يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    نادر السيد يكشف تفاصيل مسيرته فى الملاعب حتى الاعتزال: لم انتقل من الزمالك للأهلي مباشرة.. قررت أكون حارس مرمى وأنا عمري 7 سنين.. بطولة أفريقيا 93 مع الزمالك كانت ملحمة.. واعتزلت كرة القدم عندما فقدت شغفي    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    بلال مظهر يسجل أول أهدافه ويقود رديف أولمبياكوس للفوز على كاليثيا    الخامس.. غانا تفوز على جزر القمر وتتأهل إلى كأس العالم    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مدينة خان يونس    الأولى على القسم الجامعي "تمريض": التحاقي بالقوات المسلحة حلم الطفولة وهدية لوالدي    بعد تجاوزات إثيوبيا غير القانونية.. مصر تكشر عن أنيابها في أزمة سد النهضة.. متخصصون: ندافع عن حقوقنا التاريخية في نهر النيل والأمن المائي خط أحمر    فرنسا تُعلن تشكيل حكومة جديدة برئاسة لوكورنو لتجاوز الأزمة السياسية    بوركينا فاسو تختتم التصفيات بفوز ثمين في ختام مشوار إفريقيا نحو المونديال    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    خبير تربوي يضع خطة لمعالجة ظاهرة العنف داخل المدارس    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 125.6 مليار جنيه في عطاء أذون الخزانة اليوم    الغرف السياحية تكشف تأثير قمة شرم الشيخ على مدينة السلام    إعلام عبري: إطلاق سراح الرهائن من غزة بداية من الساعة 8 غدا على دفعتين    زيلينسكي: بحثت مع ترمب تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك وأنظمة باتريوت    وزير الصحة يلتقي الرئيس التنفيذي لمعهد WifOR الألماني لبحث اقتصاديات الصحة    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    نوفمر المقبل.. أولى جلسات استئناف "سفاح المعمورة" على حكم إعدامه    ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة (صور)    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    مي فاروق: أغنية «باركوا» علامة في كل الأفراح.. ومشاركة زوجي في ألبوم «تاريخي» صدفة    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وزارة الصحة: 70% من المصابين بالتهاب المفاصل عالميا يتجاوز عمرهم ال55 عاما    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. اللحظات الأخيرة في حياة ''محمد صلاح'' شهيد ''مجزرة الأولتراس''
نشر في مصراوي يوم 11 - 02 - 2015

مع دقات الثامنة من صباح الأثنين، التاسع من فبراير، كان الأتوبيس الخاص بالجامعة الألمانية ينتظر في ميدان لبنان لجلب الطلاب، كطقس ثابت لا يتغير، طال الانتظار وبدا السائق غير مبال، قبل أن يسأله ''أحمد سامر'': مستني أيه يا عم أحمد؟، فيرد في طبيعية ''مستني محمد صلاح ينزل.. لسة معانا وقت''، يصمت ''سامر'' لوهلة ثم يقول في وجل ''مش هينزل يا عم أحمد''، يُعقب الرجل الخمسيني تلقائيًا ''ليه.. معندوش محاضرات؟''، فيأتي الرد مفجعا من صديق الجامعة، بينما تنهمر عينيه بالدموع ''لأ، اتقتل امبارح في ماتش الزمالك يا عم أحمد''.. ثم ساد صمت طويل حتى وصل الأتوبيس إلى مستقر الجامعة الألمانية خاليا من ''محمد صلاح'' طالب هندسة العمارة.
يد بيد كان ''صلاح'' يسير وسط رفقة الاستاد، حاوطوه في حنو، يحبونه بصدق، ذو ضحكة مميزة، بشوش، خدوم، صاحب صاحبه، يحكي ''حسين طارق'' عن صديق العمر، اتفقوا على الاجتماع بمنطقة الدقي، الزحام على أشده، فضلوا استقلال المترو، في العباسية اتفقوا مع سائق ميكروباص على ''توصيلة''، كانوا 10، في تمام الخامسة اصطفوا أمام الاستاد، الحشود ضخمة، يرفعون ''صلاح'' على الأكتاف، التقط صورة للزحام، تبعها بضحكة، هبط وهو يزفر ''اليوم صعب''، جماهير الزمالك تغني وطالب الجامعة الألمانية يتمتم بكلمات متفرقة ''الليلة جينا.. الدوري لينا.. الزمالك هو نادينا''.
شقوا الصفوف، الأحاديث عن تذاكر المباراة لا تشغلهم؛ حصلوا على دعوات من يد رئيس النادي نفسه -قبل أيام، الجماهير لا تتنازل عن مؤازرة فريقها، والانتظار كلله النجاح ''الناس هيّصت وقالوا الأمن هيدخَل الكُل، حتى اللي مش معاه تذاكر'' يُكمل ''حسين''، داخل الممر الضيق نفذوا، تقلص عددهم من 10 إلى 4، ''حسين'' يربت على يد ''صلاح''، الأجساد تتلاحم، الأنفاس تنقبض، طالب الجامعة الألمانية نحيف لا يقوى على المعافرة، يحمر وجهه، يخالطها ابتسامة بهوان الأمر؛ مقابل متعة تشجيع الزمالك، الأصوات تتعالى في حنق ''واحد ولع شمروخ عشان يرجع الناس''، القفص الحديدي غير أدمي يقول الشاب العشريني ''إحنا لو فراخ هنتعامل أحسن من كدة.. أيه القرف ده.. إحنا بنموت.. ألحقني بدوخ.. نفسي بيتقطع'' كلمات متفرقة ذابت وسط الهياج، فجأة انطلقت سحب الغاز دون مبرر.
تفتتّ الصحبة، تفرقت الأيدي، بصوت متهدج يتابع طالب الهندسة بجامعة القاهرة، جُن الناس، العيون تدمع، الأنوف تسيل لا إراديا، تاه ''صلاح''، تمكن أحد الأصدقاء من تسلق السور، استسلم آخر لجسده السمين فتكوم أرضا ''كان فاضلي ثواني وأموت.. قلت الشهادة وبصيت للسما''، الأجساد تُدهس، حب الحياة سيطر على الجموع ''شفت ناس بتضرب بعض عشان تعيش''، الكلمات تتوه من فمه، لا يقوى على التعبير، النواح يعلو، كنساء فقدن أبنائهن كان الحال، صراخ، عويل ''كانت مجزرة فعلا''، قنابل الغاز لا تجد مفرا لتهبط أرضا، فباتت الرؤوس محطة جيدة للارتطام، وأصبحت عبارة ''بموت'' تتكرر بشكل هستيري غير مُصدق.
بمنزل بسيط في منطقة إمبابة الشعبية، كان يقام سرادق عزاء ل''صلاح''، رجال من الجيرة والأقارب، جاءوا للعائلة المكلومة، ضاربين كفًا بكف على زينة الشباب، صفان من الرجال جلسا يكفكفان دموع الأب، تربت على يده كفوفهم، شقيقيه وقفا مع زملائه خارج السرادق، بين ذهول الموت وقدره، بين حزن وألم يعتصر قلبيهما، لا تترك عيونهما دموع الفراق، ''أسامة'' و''حسام''، غاب ثالثهما قبل أن يذهب لتشجيع فريقه على عتبات الاستاد.
بالطابق الثاني، كانت والدة ''محمد'' تجلس بعيدة، عيون شاردة على فلذة كبدها، جفون بدا عليها أثر عدم النوم، ''ربنا يرحمه ويغفر له، نفسي الناس تقرا له الفاتحة''، تستطرد الأم أن عدد ممن عزوها يقولون ما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ''كل الناس كانوا بيحبوه، بيوصلي كلام كتير عنه من ناس ما اعرفهاش، لكن معنديش وقت اقرا'' تحاول التماسك، تهيمن الدموع، تتبعها كلمات باكية ''ادعو له يا ولاد''.
خلدت الأجساد إلى الأرض، وانخلعت الأرواح، تلطخ ''تيشيرت العمر الأبيض''، وبقيت الأحذية المتراصة وقصاقيص القمصان المهترئة علامة على من كانوا هنا، نجى ''حسين'' من المعركة، يقلب جيوبه فيجد تليفون ''صلاح'' الذي تركه في حوزته، يرد على الأهل في استنكار ''متقلقوش''، يغلق الهاتف، يهرع كالمسوس، ساعة تمر، يتخللها ذكريات الأخ، رفيق الدكة من ابتدائي، زميل الهندسة مع اختلاف الجامعة، طيبة ''صلاح''، تؤامه الروحي ''مفيش أغلب منه.. كنا بنعمل كل حاجة مع بعض.. محدش شافه غير وحبه''، عشق الزمالك، لعبه السباحة في ناشئين النادي.. بعد فترة، دهر، يصل ''حسين'' على مشارف مقابر مدينة نصر، وسط نحيب من كانوا في الطريق للتهليل ترحيبا بناديهم المظفر، يفتح حسابه على موقع ''فيسبوك''، يرى صورة ''صلاح'' بين المطروحين أرضا، يُكذب عينه، ينتابه هلع، تسقط دمعة كرها ''جريت ع المشرحة.. وطلع هو''.

أخر صورة التقطها الراحل بهاتفه قبل الرحيل بلحظات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.