تسعى مصر في وقت تعاني من أزمة حادة في السولار، واصطفاف السيارات أمام محطات البنزين، إلى الحصول على المزيد من المنتجات البترولية. ويدفع نزيف الاحتياطي النقدي لمصر منذ بداية الثورة والمؤثر الأساسي في قدرة مصر في توفير ذلك الوقود، إلى إعادة رسم خريطة استيراد المواد البترولية من الخارج، كأحد الحلول للخروج من الأزمة، وادخال دول جديدة تستطيع من خلالها مصر توفير الطلب المتزايد على السولار، وإمداد محطات الكهرباء بالوقود الازم لتشغيلها خصوصاً مع دخول فصل الصيف. واتجهت مصر خلال الفترة الأخيرة، إلى العراق وليبيا، بالإضافة إلى تباحث مصر مع الجانب الروسي خلال الزيارة الأخيرة للرئيس محمد مرسي، حول إمكانية تصدير روسيا لبعض المنتجات التي تحتاجها مصر مثل السولار والمازوت، حسبما قال وزير البترول أسامة كمال. واستبعد خبراء طاقة أن يكون توجه مصر إلى دول أخرى من أجل استيراد منها مواد بترولية، راجع إلى تعرضها لضغوط من قبل الدول التي كانت تستورد منها، حيث يروا أن السبب الرئيسي في ذلك ناتج عن نقص السيولة من العملة الازمة لتوفير السولار، مما جعل الحكومة تبحث عن دول أخرى من الممكن أن تتساهل معها في الدفع، لمواجهة الطلب المتزايد على السولار. كما يرى خبراء الطاقة، أن المتسبب الرئيسي في وجود مشكلة بالسولار، نظام الدعم الخاطئ الذي أدى إلى رغبه البعض في استمرار نقص السولار في السوق من أجل تهريبه إلى دول أخرى، مطالبين الحكومة بتغيره، وجعله في شكل رواتب لمن يستحقه. حقيقة الأزمة قال المهندس خالد الوجيه، رئيس لجنه الطاقة بجمعية شباب الأعمال، إن سبب اتجاه مصر إلى دول أخرى من أجل استيراد مواد بترولية كالسولار، يرجع إلى وجود مديونية على مصر لدى مصادرها الأخرى، مما أدى لمحاولة تغيير المصادر. ونفى رئيس لجنه الطاقة، احتمالية أن يكون اتجاه مصر إلى العراق وليبيا يرجع إلى تعرضها لضغوط من دول تستورد منها، مؤكداً على أن الاتجاه لدول أخرى من الممكن أن تنتظر في الدفع. وأشار إلى أن المهندس أسامة كمال وزير البترول قد صرح أن السبب في عدم القدرة على مواجهة الزيادة في الاستهلاك، يرجع إلى عدم توافر السيولة من الدولار. وأضاف ''الوجيه'' أن الحكومة ادعت من قبل أن السبب الرئيسي في أزمة السولار يرجع إلى التهريب، ولكن مع مرور الوقت اضطروا إلى إظهار الحقيقة والاعتراف أن السبب في السيولة، لافتاً أن أي سلعة يوجد بعا تهريب ومنها السولار ولكن لا تؤدي إلى إحداث أزمة بالحجم الذي تشهده مصر حالياً. وطالب رئيس لجنة الطاقة بجمعية شباب الأعمال، من الحكومة أن تعمل على تنظيم منظومة الدعم، حيث يمثل ''الميكروب'' المتسبب الرئيسي في الخلل الموجود حالياً في عدم وصول دعم المواد البترولية إلى مستحقيه وقال ''الوجيه'' إن إيران قامت برفع الدعم عن المواد البترولية، وتم صرفه في شكل رواتب إلى مستحقيه، مما أدى إلى وجود تضخم نتيجة الأموال التي أصبحت في يد الأفراد، مؤكداً على أن رفع الدعم في مصر بحاجة إلى شجاعة. العراق ولبيبا وكانت العراق قد وافقت الشهر الماضي، على تلبية الطلب المصري وإمداد هيئة البترول ب 4 مليون برميل بترول شهرياً من خام البصرة، وتكرير هذه الكميات في معامل التكرير المصرية لسد جزء من الفجوة بين إنتاج مصر من السولار ، بالإضافة إلى حصول العراق على كميات من البنزين ناتج عملية التكرير لحاجة العراق إليه. كما تضمن الاتفاق تسهيلات في السداد تبلغ 9 شهور بما يعنى حصول مصر على بترول خلال تلك الفترة تقدر قيمته بحوالى 4 مليار دولار، وفقاً لمتوسط الأسعار العالمية الحالية للبترول، وكذلك بحصول مصر على مقابل تكرير الخام بالمعامل المصرية. وأعلن المهندس عبده سعد، رئيس شركة سوميد الأسبوع الماضي، أن بنود الاتفاق مع الجانب العراقي شملت الحصول على 4مليون برميل سولار سنويًا يتم توريدها للجانب المصري بنهاية شهر مايو، وهو ما يعمل على إنهاء أزمة السولار نهائيًا، بحسب ما قال. وفي نفس السياق.. أعلنت مؤسسة النفط الليبية تزويد مصر بمليون برميل من النفط شهريا للمساهمة في حل الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، وأوضحت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أن أسعار هذه الكمية ستكون بحسب الأسعار العالمية المعلنة، كما سيكون الدفع بالآجل من خلال ضمان معزز من المصرف الليبي الخارجي. وتوقع مصدر مسؤول في الهيئة العامة للبترول، استلام مصر أول شحنة من النفط الليبي خلال أسبوعين، مضيفاً ''نتفاوض الآن مع ليبيا لاختيار نوعية الخام التي تتناسب مع معامل التكرير المصرية، نتوقع استلام 600 ألف برميل خلال أسبوعين بعد الاتفاق على نوعية الخام.'' الضغوط حديث ''ساذج'' قال الدكتور تامر أبو بكر رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، إن الحديث عن وجود ضغوط على مصر من الدول التي تستورد منها المواد البترولية، مما أدى إلى توجها إلى دول أخرى، كلام ''ساذج'' وغير صحيح، مؤكداً على ان اتجاه مصر إلى دول أخرى ناتج عن رغبتها في سد احتجاجات السوق من دول لديها فائض. وأضاف أن المشكلة الحقيقية لأزمة ''للسولار'' المتزايدة حالياً، ترجع إلى عيوب داخليه بسبب سوء نظام الدعم، ليس لها علاقة بضغوط خارجية. وأكد على أنه في ظل استمرار نظام الدعم، بالإضافة إلى تسعير خاطئ وتوزيع خاطئ للمواد البترولية، هناك فئات من مصلحتها استمرار الأزمة، مطالباً الحكومة برفع الدعم وإعطاء مستحقيه تعويض دعم مادي فقط. وقال إن الحكومة تقوم باستيراد كميات أكثر من الازم، وفي المقابل يقوم أفراد بتخزين كميات كبيرة من السولار، وآخرون يقومون بتهريبه إلى الخارج، مما يعني أنك تدعم دول أخرى. مصر مديونة ب 5 مليارات دولار وكانت وكالة رويترز البريطانية قد ذكرت، أن تقارير شركات أظهرت أن مصر مدينة لشركات النفط ب5 مليارات دولار على الأقل نصفها مدفوعات متأخرة، مما يبرز الصعوبات التي تواجهها الدولة لسداد تكاليف الطاقة المرتفعة، في ظل دعمها للأسعار لتفادي احتجاجات شعبية. وقالت الوكالة، إن معظم شركات النفط تأمل في الحصول على مستحقاتها كاملة، لكنها تقر بأن ذلك قد يستغرق عدة سنوات، وبالرغم من أنها لا تزال تخطط للاستثمار في مشروعات جديدة في مصر إلا ان مسألة الديون تظل تحدياً، وقد يؤدي تأجيل السداد للشركات المنتجة للنفط والغاز إلى إعاقة الاستثمار في القطاع وهو ما قد يهدد أمن الطاقة في مصر. وتبلغ ديون الحكومة لدانة غاز 230 مليون دولار، وهي مدفوعات متأخرة عن إمدادات غاز، وتقول الشركة إنها تجري محادثات مع الحكومة بهذا الشأن، كما تظهر إفصاحات مالية من شركات مثل ''بي.بي وبي.جي'' و ''أباتشي'' و ''إديسون'' و ''ترانس جلوب إنرجي'' أن مصر مدينة لها بأكثر من 5.2 مليار دولار حتى نهاية 2012، فيما بلغت مستحقات ''بي.بي'' 3 مليارات دولار حتى نهاية 2012 منها نحو مليار دولار تأخر سدادها، بينما تبلغ مستحقات ''بي.جي'' 1.3 مليار دولار منها 600 مليون دولار تأخر سدادها. من جهتها، رفضت الحكومة متمثلة في وزارة البترول من قبل تقديرات تشير إلى أن حجم الدين يتراوح ما بين 7 و9 مليار دولار، منوهاً إلى أن الأرقام الحقيقية أقل من ذلك بكثير جداً وهذه المستحقات أشبه بالحساب الجاري فهو رقم ديناميكي يتغير بصفة يومية طبقاً للفواتير الواردة من الشركاء والمبالغ المسددة لهم، حسبما قال، وفي المقابل ترفض الحكومة الإفصاح عن الحجم الحقيقي للمديونيات.