اجتمع عدد من الشباب حول طاولة خشبية وُضع عليها عدد من البنادق، أمسك أحدهم ببندقية محاولاً التصويب على الأشكال المثبتة بتلك الطاولة وإصابتها، والبقية يشاهدونه حتى يأتي دورهم ليجربوا حظهم في المحاولة، ورغم صوت الفرقعة العالي الذي يُحدثه إطلاق الرصاص الزائف على كرات ''البومب'' إلا أن ذلك لا يخرج عن كونه إحدى الألعاب الذي يفضلها الشباب بالموالد. ووسط ذلك الصوت والتجمع في شارع المعز لدين الله الفاطمي، جلست ''أم أحمد'' جوار عربة ''النيشان''، فهكذا اعتادت منذ 20 عاماً بعد أن قررت شراء تلك العربة لكسب الرزق. ''قلت أجرب حظي''.. كلمات كانت دافع ''أم أحمد'' لشراء عربة '' النيشان'' خاصة بعد مرض زوجها وعدم قدرته على العمل؛ ومنذ ذلك اليوم وأصبحت الموالد وجهة عربة ''أم أحمد'' من مولد ''الحسين'' و''السيدة زينب'' وغيره، فيمكنك أن تعتبره ''موسم'' تنتظره ليساعد في المعيشة إلى جانب عملها في الأيام التي لا توجد بها موالد ''في غير المولد بجيب شوية جرير أو جبنة ''.
350 جنيه هو حصيلة ''أم أحمد'' في أي مولد لكنه معين بالنسبة لها لأن '' مثلا لو مستلفة فلوس أسد جزء من اللي عليا وأصرف من الباقي''، كل متاعب عربة ''النيشان'' عند '' أم أحمد'' أنها '' عايزة اللي يشيل واللي يرفع على العربية وأنا ست لوحدي''، لكنها تتخطى ذلك بمساعدة عدد من الشباب تتواجد عند المكتب الذي تستأجر منه عربة النقل. ''عندي بنتين كانوا بيقفوا معايا الأول لكن من ساعة ما اتجوزوا طبعا مليش حكم عليهم ''.. قالتها السيدة الخمسينية بابتسامة لم تفارق حديثها حتى مع تذكرها ابنها الكبير ''أحمد'' الذي توفت زوجته، فتزوج بأخرى تاركاً ابنته ''أمل'' وأخيها '' عماد'' لتربيهم. ''أمل'' الحفيدة ابنة العشرة أعوام ترافق جدتها ''أم أحمد'' في عملها كما ترافق حياتها كما قالت ''وأنا وهى على الزمن''.