''البلد خدت على حالة الطوارئ''.. هذا كان تعليق أحد مرتادي مقاهي القاهرة وهو يستمع لخطاب الدكتور محمد مرسي في كلمته الأخيرة تعقيبا على الأحداث الجارية في منطقة محافظات القناة ''بورسعيد، السويس، الإسماعيلية''، وتدهور الحالة الأمنية هناك، واضطراره لإعلان حالة الطوارئ لمدة شهر. من عجائب الأقدار أن يأتي الإعلان عن فرض حالة الطوارئ بعد أربعة أيام فقط من الذكرى الأولى لرفع حالة الطوارئ، والتي سادت البلاد منذ أن تولى الرئيس السابق حسني مبارك سلطة البلاد منذ سنة 1981، وامتد العمل بقانونها طيلة هذه الفترة أيضا. إلغاء حالة الطوارئ كان بقرار من المشير حسين طنطاوي - القائد العام للقوات المسلحة و''المجلس العسكري - الحاكم للبلاد'' آنذاك في 24 يناير من العام الماضي، بعد 31 عاما من فرضها، جاء احتفالا بالذكرى الأولى لثورة 25 يناير، ومحاولة لكسب ود الشعب بعد أحداث متتالية ورطت أفراد الجيش و الشرطة العسكرية، وانتهكت فيها دماء المصريين، وأيضا بعد سنوات من النضال في المطالبة بإلغائها وإلغاء العمل بقوانينها المقيدة للحريات. والآن.. في الذكرى الثانية للثورة، تشتعل الأحداث من جديد بداية من محافظات السويس والإسماعيلية بحرق بعض مقار حزب الحرية والعدالة، وامتدت ثورة الغضب إلى الجارة الثالثة ''بورسعيد'' منذ يوم 26 يناير الجاري، خاصة بعد سماع الحكم في قضية ''مجزرة بورسعيد''، والحكم بتحويل أوراق 21 متهماً إلى فضيلة مفتي الجمهورية، والانتظار حتى يوم التاسع من مارس القادم لسماع الحكم على بقية المتهمين. ''بورسعيد''.. تلك المدينة الباسلة المتغنية بنضالها ومقاومتها لقوات ''العدوان الثلاثي'' على مصر، صارت بين ليلة وضحاها تعيش تحت وطأة ''حرب شوارع'' سقط فيها أكثر من 30 قتيلاً، شيعت جثامينهم، أمس الأحد، واتشحت المدينة بالسواد ليس فقط حداداً على قتلاها، ولكن أيضا حزنا وكمدا على وصمة العار والمقاطعة الممتدة طيلة عام، بعد أحداث ''المذبحة''. أبناء المدينة أصبحوا ''كبش فداء'' في طريقه لاعتلاء منصة الذبح، جزاء له على جريمة يؤمن الشعب أنها مدبرة لإسقاط الثورة وإحداث فتنة بين أفراد الشعب؛ أهالي المتهمين حاصروا سجن بورسعيد العمومي؛ طلقات النار تبادلت بين أفراد الشرطة وبعض المواطنين بعد اشتباكات امتدت لساعات في محيط السجن، عقبها إعلان نزول قوات من الجيش الثاني الميداني لبورسعيد لحفظ الأمن هناك. ''قنابل مسيلة للدموع، طلقات نارية وخرطوش، دماء وضحايا''.. حصيلة ليست نهائية حتى الآن، بجانب عدم استقرار الأمن، وهو ما استدعى، أمس الأحد، التحذير وإعلان حظر التجوال بالمدينة بعد السادسة مساءً، وبعد استمرار الأحداث بعد تشييع جنازة قتلى الأحداث، اشتعل الموقف، وكان الرد برجوع حالة الطوارئ وحظر التجول في مدن القناة الثلاثة لمدة شهر.