للوهلة الأولى قد تتساءل ما المختلف في هذا الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمد مرسي عن كل الخطابات السابقة، إلا أنك بعد التدقيق سترى أن هذه المرة مختلفة، من حيث ما جاء في الخطاب ومن حيث المناسبة بل وحتى من حيث مكان إلقاء الخطاب . شاهد الفيديو مرسي فى خطاب الاتحادية الرئيس ''مرسي'' ألقى الخطاب بمناسبة إصدار الإعلان الدستوري الذي تم الإعلان عنه منذ، الخميس الماضي، والذي أثار جدلا واسعا بين الأوساط المصرية؛ فأصبح هناك مؤيد ومعارض لما يتضمنه هذا الإعلان . ربما لفت نظرك في البداية هذا الطائر الموجود في خلفية ''المنصة'' التي يقف عليها الرئيس، والذي قد يوحي بالقوة أو الثقة أو الإثنين معاً؛ حيث بدأ ''مرسي'' الخطاب بحمد الله على الثورة المباركة والشعب المصري العظيم، ثم لم يلبث الرئيس أن علق على المعارضين لقراراته قائلا: '' أنا مع من يؤيدني ومن يعارضني في كل مكان''، معللا ذلك بأنه يريد ''مصر مستقرة''، بغض النظر عن أي خلافات سياسية قائمة. على الرغم من مقاطعة الجماهير له من حين لآخر هاتفين ''الشعب يريد تطهير الإعلام ''، إلا أن ذلك لم يمنعه من إكمال حديثه عن المعارضين، الذي غازل فيه الموجودين في ميدان التحرير وكل الميادين الأخرى، مثنيا عليهم ثم ترى ارتفاع نبرة صوت الرئيس بعد ذلك؛ حيث وبخ من يسعون للتفرقة بين وحدة المصريين واصفا إياهم ب''البلطجية'' و''المأجورين'' خاصة في محيط شارع محمد محمود و القصر العيني. وعن القضاء أكد مرسي أنه يجب محاسبة ''المنفلتين'' وأن يسري القانون على الجميع بما فيهم هو شخصيا؛ حيث يقاطع الرئيس تصفيق الناس من حين لآخر، فما يلبث أن ينقطع عن الكلام ثم يقول '' أنا مبصفيش حسابات خاصة مع حد.. لكن اللي غلط لازم يتعاقب''، ومن أجل ذلك يجب '' أن نفرز السوس اللي موجود في البلد ونجنبه.. عشان البلد كلها تمشي ''. وبعد العديد من الكلمات التي تحيي ''مرسي'' على غرار ''الله أكبر يا ريس '' وتأتي من جانب الجماهير، يقول مرسي '' أنا بحلم معاكوا كلكو إننا يبقى عندنا دستور ومجلس شعب منتخب جديد بإرادة الشعب كله''، ثم تنطلق بعض ''الزغاريد'' المعبرة عن حالة الرضا عند الحاضرين بكلام ''الرئيس''. وعن حادث قطار أسيوط فجّر ''مرسي'' المفاجأة بأنه رفع قيمة التعويضات ل 30 ألف جنية لكل أسرة شهيد و20 ألف لأسرة كل مصاب؛ فصرخ أحد المواطنين حينئذ ''وشهداء العباسية يا ريس'' ليرد مرسي '' كل اللى ماتو أو اتصابوا في أحداث معروفة هيكون لهم تعويضات.. زي محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية ''. كانت السمة الغالبة على الخطاب هو مقاطعة الجمهور للرئيس في بعض الأحيان بهتافات مختلفة في كل مرة مثل '' الشعب يريد تطبيق شرع الله ''، فيرد مرسي '' الشرع تطبيقه هيكون في العدالة الاجتماعية والحق والعدل والعمل الصحيح ''. يقول ''محمود خليل'' - المدرس بكلية الإعلام جامعة القاهرة قسم الصحافة - أن خطاب ''مرسي'' يعبر عن فكرتين أساسيتين هما ''فقد السيطرة'' و''الفوضوية''؛ مضيفاً:'' أما فكرة فقد السيطرة فتتلخص في أن مرسي اختار أن يكون خطابه أمام قصر الاتحادية بدلاً من أن يذهب للتحرير؛ حيث يقف معارضيه ويتكلم عن سبب الإعلان الدستوري ويشرح للناس فكرة المواد''. ويتابع استاذ الصحافة تحليله لخطاب الرئيس قائلاً:'' المراوغة ظهرت في كلام مرسي بشكل ملحوظ؛ فمثلا نجد عندما قاطعه مويديه بالهتاف للمطالبة بتطهير الإعلام، كان يراوغ في الإجابات ولا يجيب بشكل سريع وهذا كان فى معظم الطلبات التي هتفوا بها متظاهري الاتحادية'' . ولم تغب فكرة ''الفوضوية'' عن الخطاب تبعا لكلام ''خليل''؛ إذ يؤكد أن '' الخطاب مطرحش حاجة، هو مفروض كان طالع يتكلم عن الإعلان، لكنه اتكلم عن كل حاجة، ومفادش الناس بحاجة وبرضو موضحش سبب الإعلان ''. على الجهة الأخرى، رأى الخبير الإعلامي ''أن الرئيس كان كالعادة بيعتمد على لغة الخطابة وعدم القراءة من ورقة، وده غلط هنا؛ لأن الخطاب ده كان هدفه توضيح نقاط معينة أثارت جدل، ومش مجرد فكرة إنه يتكلم مع الناس، وكمان كان بيستطرد كتير داخل الخطاب ''، مضيفا أنه يرى أن الخطاب كان ''تتويهي'' معتبره ''لا يسمن ولا يغني من جوع''. واعتقد ''خليل'' أن خطاب مرسي أمام قصر الاتحادية كان مختلفاً عن الخطابات السابقة ''الرئيس هذه المرة بدأ يستخدم مصطلحات من قبيل ''البلطجة'' و''الفوضى الموجودة في التحرير''، ومصطلحات من قبيل ''عجلة الإنتاج'' و''الاستقرار''، مثلما كان يفعل النظام القديم''، مشيرا إلى أن الرئيس بشكل عام لم يقدم إجابات شافية ووافية للمواطن المعترض على فكرة الإعلان الدستوري. وعلى الجانب النفسي، ترى الدكتورة ''عزة حجازي '' - رئيس قسم الصحة النفسية وعلم النفس الإكلينيكي بجامعة عين شمس - أن الرئيس مرسي يعتبر من الشخصيات ''الطيبة'' و''المسالمة''، ولكن هذا على الناحية الشخصية؛ إلا أنه على الناحية العامة فقد أوحى الخطاب لها بأن '' مرسي غير صالح بالقدر الكافي إنه يدير المشاكل الموجودة في البلد، وهذا كان ظاهراً جداً من أسلوبه في الكلام أثناء الخطاب''، مشيرة إلى أنها ترى أن مرسي '' غير صالح لتقلد منصب قيادي كرئاسة الجمهورية''، على حد قولها . كما تعتقد الخبيرة النفسية أن فكرة ''الترضية '' التى اتبعها ''مرسي'' في ''خطاب الاتحادية'' تدل على عدم قدرته السيطرة على الموقف، مثل فكرة زيادة أموال معاشات أسر ضحايا ''قطار أسيوط''.