بيروت (رويترز) - سبعة أسابيع مرت على الاحتجاجات في سوريا .. انها سبعة أسابيع من القمع الدامي. وقد تصاعدت الانتقادات الدولية وشددت الولاياتالمتحدة العقوبات التي تفرضها على سوريا كما فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات من جانبه. لكن الرئيس السوري بشار الاسد يكافح للحفاظ على حكم عائلته التي تولت السلطة قبل 40 عاما ولن يجعل الضغوط الخارجية تصرفه عن قمع المتظاهرين الذين يطالبون بالحرية مثلما فعل غيرهم في أنحاء أخرى من العالم العربي. وقال مرهف جويجاتي أستاذ دراسات الشرق الاوسط بجامعة جورج واشنطن ان للعقوبات الامريكية والاوروبية تأثيرا نفسيا أكثر من كونه تأثيرا ملموسا. وأضاف أن كبار المسؤولين السوريين الذين جمدت أموالهم بموجب العقوبات الامريكيةالجديدة لا يملكون أصولا أموالا في الولاياتالمتحدة كما أن الاتحاد الاوروبي الذي يفكر في فرض حظر أسلحة على دمشق لا يبيع أسلحة لسوريا وقال ان حظر الطيران لا يكون له تأثير كبير. وذكر جويجاتي أن العقوبات لن تنجح وحدها في ردع المسؤولين السوريين عن استخدام القوة المميتة ضد المحتجين لانهم يشعرون أن استمرار النظام يواجه خطرا. وأضاف انه يتعين على الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي بذل جهد أكبر اذا أرادا كبح نظام الاسد. وبعد فشل تحرك من جانب الاممالمتحدة اقترح جويجاتي المزيد من الاجراءات مثل التجميد الكامل لاموال الاسد وحلفائه وحظر سفر المسؤولين السوريين وسحب السفراء وخفض التمثيل الدبلوماسي. وأضاف أنه يجب حرمان سوريا من السعي للحصول على مقعد في مفوضية حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة. وقالت جماعات حقوقية ان 560 مدنيا على الاقل قتلوا في الاحتجاجات التي بدأت يوم 18 مارس اذار. لكن سلطات سورية ذكرت أن عدد القتلى هو 148 شخصا بينهم 78 من أفراد قوات الامن. وتعرض الاسد الذي أدان زعماء غربيون تعامله مع الاضطرابات لانتقادات أيضا من جانب بان جي مون الامين العام للامم المتحدة ومن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي أقام علاقات سياسية وتجارية قوية مع جارته سوريا. وحث اردوغان الاسد على اجراء اصلاحات قبل فوات الاوان وحذره من "حماة أخرى" في اشارة الى المدينة السورية التي قمع فيها الرئيس الراحل حافظ الاسد والد بشار احتجاجات اسلامية عام 1982 مما أدى الى مقتل عشرات الالاف من المدنيين. وقال جوشوا لانديس الاستاذ المساعد في دراسات الشرق الاوسط بجامعة أوكلاهوما "ستؤمن سوريا على كلام الاتراك لكن الاسد لن يبدأ في اصلاحات تشبه تلك التي أدخلها اردوغان في تركيا دون أن ينهي نظامه." وعلى الرغم من نشر الاسد دبابات في مدينة درعا وفي مناطق احتجاج أخرى مضطربة فانه وجد دولا مثل روسيا والصين ولبنان مازالت مستعدة لحماية سوريا من صدور بيان من مجلس الامن الدولي يندد بما يحدث هناك ناهيك عن فرض عقوبات. وقال اندرو تابلر وهو زميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى "سيكون مثيرا أن نرى ما اذا كانت مقاومة روسيا والصين ولبنان ستتلاشى أمام تزايد أعداد القتلى .. وقد تشمل اجراءات أخرى مثول الاسد وعائلته أمام المحكمة الجنائية الدولية." وبالنظر الى معاناة العراقيين بسبب عقوبات الاممالمتحدة على بلادهم والتي استمرت 12 عاما وفشلت في تغيير نهج الرئيس الراحل صدام حسين فان عددا قليلا من زعماء العالم يدفعون باتجاه فرض عقوبات تجارية واسعة على سوريا التي يحكمها حزب البعث مثلما كان الحال في العراق. وحث نائبان أمريكيان كبيران الولاياتالمتحدة يوم الخميس على زيادة العقوبات التي تفرها من جانب واحد على سوريا والتي بدأت عام 2004 لاسباب متعددة من بينها دعم سوريا لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني. لكن يبدو ان من غير المرجح أن تؤثر الاجراءات الجديدة على الاسد والمقربين منه خاصة في الازمة الحالية. وقال الياس مهنى وهو أستاذ في شؤون الشرق الاوسط بجامعة هارفارد ان الضغط على الحكومة السورية بعد اغتيال (رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق) الحريري كان أكثر بكثير مما هو حاليا لكن الاسد استطاع الصمود في وجهه. وقادت واشنطن وباريس والرياض موجة التنديد باغتيال الحريري في 2005 ونفت دمشق أي ضلوع لها في الحادث. وبعد ضغوط سحبت سوريا قواتها من لبنان تطبيقا لقرار من مجلس الامن لكنها تعمل بجد منذ ذلك الحين لاستعادة نفوذها هناك. ويبدو ان لبنان الذي يشغل حاليا المقعد العربي في مجلس الامن الدولي في وضع لا يمكنه من انتقاد سوريا حتى اذا أرادت جامعة الدول العربية انتقاد الاجراءات السورية القمعية مثلما فعلت مع دول أخرى أعضاء بها. ولم تتحرك الجامعة العربية الا في حالة ليبيا حيث علقت عضويتها بسبب القمع الدامي الذي يقوم به الزعيم الليبي معمر القذافي للاحتجاجات. وقال جويجاتي ان الجامعة العربية لم تنتقد سوريا لان معظم الدول الاعضاء فيها هي نفسها أنظمة حكم مطلق. واختلف تعامل الزعماء العرب مع ليبيا لان معظمهم لا يحترمون القذافي وليست لهم مصالح في ليبيا. ويختلف الموقع الجغرافي لليبيا عن سوريا التي تقع في قلب العالم العربي وبجوار العديد من النقاط المضطربة في الشرق الاوسط. وقد يكون لانعدام الاستقرار وانهيار حكم حزب البعث الممتد في سوريا منذ 48 عاما عواقب يمتد صداها على نطاق واسع. وقال مهنى ان الجامعة العربية تخشى من أن يؤدي أي فراغ سياسي الى زعزعة استقرار المنطقة كلها. وأضاف أن العرب يخشون أن تتفشى الصراعات العرقية والطائفية -اذا ما اندلعت في سوريا- الى خارج حدودها وتصل الى لبنان والعراق وربما حتى تركيا. وأضاف أنهم لهذا السبب يتعاملون بحذر مع ما يحدث في سوريا. ووصف لانديس سوريا بأنها دولة كبيرة للغاية ولا يمكن تحمل أن تفشل وقال "اذا نجحت الثورة فان مؤسسات الدولة السورية قد تنهار مثلما حدث في كل من لبنان والعراق." وقد يؤجج انهيار النظام تدفقا للاجئين وسيتوجه الكثير منهم الى أوروبا عبر تركيا التي تمتد حدودها مع سوريا لنحو 800 كيلومتر خاصة في ظل عدم الحاجة لتأشيرات دخول. وقال لانديس "لا يريد أحد هذا الامر. أوروبا تضيق بالفعل بمسلميها. ويخشى جيران سوريا من الفوضى وتدفق اللاجئين."