قدمت الحكومة البريطانية الاربعاء موازنة تقشف جديدة، هي الاقسى منذ اجيال، لكنها اضطرت الى تقديم بعض التنازلات امام تنامي الرفض الشعبي لسياسة التقشف. ولدى تقديم الموازنة لعامي 2011-2012 في البرلمان، فاجأ وزير المال جورج اوزبورن النواب باعلان تخفيض للضريبة على الوقود بنسا واحدا (1,15 يوروسنت) لكل ليتر، مقابل زيادة ضريبية على الشركات التي تنتج النفط من بحر الشمال. وذكر اوزبورن باولوية الائتلاف المحافظ الليبرالي الديموقراطي الحاكم منذ ايار/مايو الماضي وهي التخلص بحلول العام 2015 من عجز عام قياسي (حوالى 10% في 2010) نتيجة الازمة المالية والخطة لانقاذ القطاع المصرفي. وقال اوزبرن "لبريطانيا خطة وهي متمسكة بها" مؤكدا ان بلاده "تواجه واقعا قاسيا". وتضم الموازنة المقبلة التي تصبح سارية في نيسان/ابريل اقتطاعات بقيمة 20 مليار جنيه (23 مليار يورو) مقررة في اطار خطة اقتصاد على اربع سنوات هي الاهم بين الدول الاوروبية الكبرى. وبالتالي ستتراجع القروض الى البلديات بنسبة 10% في ضربة واحدة، ما سيولد عواقب متلاحقة للبلديات التي ستضطر الى الاقتطاع من المساعدات الاجتماعية او اغلاق مئات المكتبات. كما ستؤدي الاقتطاعات المالية الى الغاء اكثر من 300 الف وظيفة عامة. ولم يترك الاقتصاد البريطاني الرديء اي مجال للمناورة امام اوزبورن ورئيس الوزراء ديدفيد كاميرون لتدوير الزوايا. واخذ اوزبرن في الاعتبار خفض توقعات النمو الرسمية لعامي 2011 و2012 التي تراجعت الى 1,7% و2,5% (في مقابل 2,1% و2,6% في الخريف). واعلن سلسلة تدابير ترمي الى تشجيع النهوض الاقتصادي على غرار احياء المناطق الحرة الموروثة من حقبة تاتشر. وحيال استمرار تراجع شعبية سياسة التقشف حاولت الحكومة تخفيف العبء فوعدت بمساعدات مثل تبسيط الاجراءات الادارية لانشاء شركات او تقديم مساعدات لشراء عقارات وتجميد الضرائب على وسائل النقل وتخفيضها على الوقود. واضاف اوزبرن ان الحملة ضد التهرب الضريبي والضريبة المفروضة على المصارف اعتبارا من كانون الثاني/يناير ستسمحان بتمويل هذه التدابير. كما انشئت ضريبة "رمزية" على السفر بطائرات خاصة. وهاجم زعيم المعارضة العمالية اد ميليباند هذه السياسة التي "تذهب ابعد مما ينبغي باسرع مما يجب" في التقشف. وقال "الامر مؤلم وغير مجد". ويندد حزب العمل والنقابات "بمجرزة بحق المجتمع البريطاني" غير انهما فشلا في الدفع بالبريطانيين الى النزول الى الشارع، بالرغم من الاعتماد على تظاهرة اولى تنظم السبت في لندن احتجاجا. وبحسب استطلاعين اخيرين يعتبر 70% من البريطانيين ان الاقتطاعات في الموازنة سريعة جدا ويرى ثلثاهم ان الحكومة "لا تتفهم المشاكل الاقتصادية للاسر العادية". واعرب حاكم بنك انكلترا ميرفن كينغ انه "فوجىء" في مطلع الشهر من عدم ابداء البريطانيين المزيد من الغضب حيال حجم التضحيات المطلوبة.