تشهد صناعة السياحة في منطقة دول آسيا والمحيط الهادئ انتعاشا على خلفية تنامي الطبقة الوسطى في الهند كما في الصين.. فأبناء هذه الطبقة متلهفون للسفر ولاكتشاف قارتهم الخاصة. وتكثر أسفار الآسيويين... صينيون متقاعدون ميسورون يقضون الشتاء على جزيرة هاينان الاستوائية التي تعرف ب"فلوريدا الصين"... شباب يتولون مناصب رفيعة في بكين يذهبون في رحلة غطس إلى سيبو أو بالاوان (الفيليبين)... هنود يمضون نهاية عطلة أسبوع ممددة في هونغ كونغ أو سنغافورة... وكانت حركة الوافدين إلى المنطقة قد سجلت ارتفاعا بلغت نسبته 11% في العام 2010، بحسب البيانات الأولية لاتحاد سفريات دول آسيا والمحيط الهادئ "باتا". ومن المتوقع أن يستمر الوضع على هذه الحال خلال العام 2011. ويأتي معدل النمو "ليقارب ضعفي المعدل العالمي" بحسب ما يصرح جون كولدوفسكي نائب مدير اتحاد "باتا" لوكالة فرانس برس. يضيف "وهنا يجري كل شيء". وكانت منظمة السياحة العالمية قد لحظت مؤخرا أن "مركز ثقل السياحة العالمية ينتقل باتجاه الصين، وبشكل عام باتجاه آسيا". في العام 2010 ارتفعت حركة وصول المسافرين بنسبة 14% في شبه القارة الهندية (الهند وسريلانكا والمالديف...) وبنسبة 12% في جنوب شرق آسيا (تايلاند وفييتنام وسنغافورة والفيليبين...) ليسجل دخول 70 مليون زائر. بحسب محللي مكتب "فوكوسرايت"، من المتوقع أن يحقق قطاع السفر في منطقة دول آسيا والمحيط الهادئ 212 مليار دولار هذا العام، أي بتسجيل ارتفاع بنسبة 5% خلال عام. ويفسر هذا النمو الفعال من خلال توسع الطبقة الوسطى الميسورة في الصين والهند. وكان 46 مليون صيني وأربعة ملايين هندي قد اتجهوا خلال العام الماضي إلى خارج البلاد حيث مكثوا لبعض الوقت. وخارج البلاد ينفق هؤلاء أموالهم من دون حساب. وتتخطى نسبة صرف الهنود بأشواط المعدل المسجل لدى السياح الآخرين، بحسب اتحاد "باتا". ويلفت جون كولدوفسكي إلى أنه "بالنسبة إلى بعض الأسواق، يعتبر الهنود والصينيون عملاء فائقي الأهمية". ويشرح أن "السياح الهنود في سنغافورة مثلا يسافرون في مجموعات مؤلفة من أربعة أشخاص، مقابل معدل يبلغ 2,9 للجنسيات الأخرى. وهم يمضون في البلاد 5,8 أيام كحد وسط مقابل 4 أيام" لبقية السياح. ويشير كارل جونز مدير فرع آسيا للخدمات الاستشارية لدى شركة "أميريكان إكسبرس بيزنس ترافل"، إلى أنه "وبشكل جيد تم استئناف رحلات السفر بعد الأزمة الاقتصادية العالمية". ويوضح "بالنسبة إلى البلدان النامية التي تشكل جزءا كبيرا من منطقة دول آسيا والمحيط الهادئ، ما زالت تعتبر العطل القصيرة في البلدان المجاورة هي المخطط الرئيسي. لكن، ومع ارتفاع مستوى المعيشة، فإن وجهة هذه الرحلات ستتغير لتبلغ بلدان أبعد". ويستفيد هذا القطاع أيضا من حركة شركات الطيران ذات الكلفة المتدنية، لا سيما في جنوب شرق آسيا. وتأتي الشركة الماليزية "آير آيجا" والفيليبينية "سيبو باسيفيك" من بين الشركات الأكثر شهرة، وقد استحدثت رحلات جوية باتجاه مواقع سياحية جديدة تنمو بسرعة. وكانت حركة المسافرين الوافدين إلى منطقة دول آسيا والمحيط الهادئ من أوروبا وأميركا الشمالية قد سجلت أيضا ارتفاعا بنسبة 11% لتبلغ 24 مليون (للوافدين من أوروبا) وبنسبة 10% لتبلغ 13 مليون (للوافدين من أميركا الشمالية). أما خدمة الحجز عبر الإنترنت فتشكل عاملا إضافيا يعزز نمو هذا القطاع. ويعتزم العملاق الأميركي في مجال حجوزات السفر على الإنترنت "إكسبيديا" إطلاق خمسة مواقع في آسيا على أقل تقدير، وذلك بعد افتتاحه موقعا في سنغافورة. وأوضح متحدث باسم مجموعة "إكسبيديا" لوكالة فرانس برس أن "إحدى أولوياتنا للعام 2011 تقضي بتعزيز تواجدنا في منطقة دول آسيا والمحيط الهادئ. ونحن نخطط للاستثمار بشكل موسع في المنطقة، إذ نرى أن الفرص هنا ضخمة وهي ما زالت غير مستثمرة في بعض الحالات". وكانت "إكسبيديا" قد ابتاعت مؤخرا مؤسسات تطور تطبيقات خلوية في مجال قطاع السفر مثل "إفري ترايل" التي تقدم دليل سفر محدث وتفاعلي يمكن تشغيله من خلال الهواتف الذكية.