الرياض - تباينت توقعات وآراء عدد من الخبراء والمستثمرين العقاريين بشأن مستقبل سوق العقار في العاصمة السعودية الرياض مع بداية العام الجديد، إذ يرى التيار الأول، وهم أكثرية، أن وضع السوق يسير باتجاه الركود الحقيقي، متوقعين أن يشهد الربع الأول من العام الحالي تراجعا في حجم التداولات العقارية، يتبعه ركود على الجوانب كافة، مستشهدين بحجم التداولات التي شهدتها السوق العقارية في الرياض خلال العام الماضي، وهذا يأتي في ظل نقص سيولة وتذبذب أسعار العقارات المحلية. فيما أبدى التيار الآخر بعضا من التفاؤل الحذر تجاه مستقبل العقار، مستندين إلى الدعم الحكومي المنتظر لإخراج العقار من عثراته، ومشيرين إلى أن قرب خروج الأنظمة العقارية إلى أرض الواقع ستزيد من النشاط العقاري. وأوضحوا أن إدارة الأزمة الإسكانية التي تشهدها البلاد في الفترة الحالية مسؤولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص، مطالبين بأن تكون هناك جهة مسؤولة عن القطاع العقاري من خلال الشراكة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة الاقتصادية السعودية اليوم. واستبعد هؤلاء أن تكون المعطيات الحالية في القطاع العقاري قادرة على حل الأزمة الإسكانية وتحقيق حلم المواطن في تملك مسكن يؤوي أسرته، معللين ذلك بمواجهة السوق لمعوقات تحول دون تسهيل تملك المواطن لمسكن. وتعتبر التحديات التنظيمية والتشريعية التي تواجه القطاع العقاري المحلي عنصرا مهما في تقليص الدور التمويلي للمصارف والجهات المتخصصة في التمويل العقاري. وبينوا أن من أسباب الركود قلة السيولة لدى الكثير من الراغبين في تملك السكن ومحدودية الدخل وقصر برامج التمويل العقاري، التي تقابلها كثرة العروض في الوقت الحالي مع محدودية برامج التمويل العقاري؛ ما زاد من الركود وقلة الطلب، موضحين أن من أهم معوقات التمويل الإسكاني، تعود إلى ندرة شركات التمويل الإسكاني، وسيطرة التمويل والتطوير الفردي الضعيف على حساب التطوير المؤسسي الاحترافي. وحول مستقبل العقار في الرياض خلال العام الجديد، توقع محمد عبد الرحمن الصعب، مدير عام مؤسسة روض الخزامى للاستثمار العقاري، أن السوق آيلة للتراجع نوعا ما، خاصة في العقار الاستثماري والتجاري، مع تقلبات خفيفة في السكني، وهبوطا ملحوظا في التجاري، خاصة المكاتب التجارية. وأرجع السبب في ذلك إلى مقياس العرض والطلب، إذ ستتضاءل الطلبات على التجاري، وسيكون العرض أكبر من الطلب، لذلك سوف يشهد السوق تراجعا في الأسعار، الأمر الذي سيجعل الشركات العقارية، حذرة في الدخول في استثمارات جديدة في العام الجديد، رغبة في معرفة توجهات السوق العقاري خلال الفترة المقبلة. وبيّن الصعب، أن وضع السوق لا يبعث على التفاؤل، خاصة القطاع التجاري، أما السكني فإن اتجاه بعض المستثمرين إلى دراسة متطلبات السوق من خلال توفير الشقق السكنية ذات الدورين وفلل الدبلوكس، سيزيد من تحرك السوق في بعض الجهات التي تقل فيها الأسعار. أما عبد العزيز العنقري، العضو المنتدب لشركة إكساب القابضة للاستثمار، فقال: "إن أنظار المستثمرين تتركز حاليا على الأداء العام للاقتصاد السعودي خلال العام الجاري في ظل التطورات المتعاقبة، على صعيد تباطئ القطاع العقاري بفعل أزمة نقص السيولة لدى البنوك، التي يجري العمل على معالجتها من خلال قرب خروج الأنظمة العقارية والتي أعلن عن خروجها قريبا". وبيّن العنقري، أن تجدد السوق يحتاج إلى الكثير من الجهد من قبل المطورين من خلال طرح الأفكار الجديدة والجزئية التي يتم طرحها من قبل بعض كبار العقاريين في البلاد، وذلك عن طريق قنوات الاستثمار أو عن طريق طرح مختلف المشاريع في أرجاء البلاد، الأمر الذي حدد حركة الاستثمار في السوق العقارية في البلاد. وأكد أن المشاريع العقارية المتوسطة الكلفة ستعيد التوازن إلى أسواق المنطقة، حيث إن حجم الطلب على المساكن في السعودية يبلغ 200 ألف وحدة سكنية سنويا، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بإنشاء وتطوير مشاريع عقارية سكنية تستهدف الشرائح المتوسطة ومحدودة الدخل، والكف عن تطوير المشاريع التي لا يقدر على شرائها سوى فئة محدودة من المشترين والمستثمرين الميسورين. ومن جهة أخرى، كشفت بعض المصادر في السوق العقارية عن اعتزام مجموعات عديدة من مستثمرين البدء في استثمارات نوعية في مجال مساهمات الفلل والوحدات السكنية والدبلوكس وشقق التمليك على أن تباع بأساليب عديدة تضمن فتح سوق من جديد في الرياض يتركز أداؤها في السعر المناسب والمساحة المرغوبة ومتطلبات كل مشترٍ، متوقعين أن تحقق نجاحا كبيرا في القدرة على تسويقها. وطالب الكثير من المواطنين بضرورة العمل بين القطاعين العام والخاص لتكوين شركات تطوير إسكاني جديدة وشركات التمويل العقاري وإصدار الأنظمة والتشريعات، التي من أهمها نظام الرهن العقاري، محذرين الجهات المعنية من التهاون في القضية الإسكانية والمراهنة على عاملي الوقت والصدفة لعلاجها، مؤكدين أن المملكة تمر بظروف مالية أكثر من ممتازة تستطيع توظيفها للقضاء على هذه المشكلة بكل سهولة ويسر. ومن جانبه قال منور السميري مستثمر عقاري، إن الركود كان متقلبا في الفترة الماضية لكن بداية العام الحالي أصبح حقيقيا، مما يجعلنا ننظر إلى أن السوق لا يبعث على التفاؤل، خاصة للقطاع الاستثماري. وأوضح أن أغلب الشركات والمستثمرين الأفراد متعثرون في توفير السيولة اللازمة لإتمام أغلب مشاريعهم. وتوقع السميري أن يصاب سوق العقار في الرياض بانكماش، والمطلوب هو تحريكه، من خلال إصدار الأنظمة وحث الشركات العقارية على دراسة السوق ومتطلباته وخاصة أن الطبقة المتوسطة لا تزال غائبة لدى الكثير من الشركات العقارية عند البناء والتسويق وتخطيط الأراضي. وأوضح أن شركات التمويل الإسكاني تهتم برفع جودة المساكن من خلال التقييم العقاري، والمطورون سيجدون أنفسهم مضطرين لمراعاة الشروط الفنية التي تمكن المستفيد من تمويل المسكن الذي يريد شراءه من قبل شركات التمويل الإسكاني التي تعتمد على الأصل الممول كضمان أكثر من قدرات الفرد المالية. وأكد السميري أنه في حال نشاط شركات التمويل الإسكاني ستزيد جودة المساكن حتى تصل إلى المعايير العالمية التي تمنعها من التهالك السريع. وويرى أن شركات التمويل العقاري ستستهدف من خلال الدراسات التي قامت بها، الطبقة المتوسطة القادرة على الالتزام بالسداد أولا، كما أنها تعمل على تطوير منتجات تمويلية لتغطية الأفراد ممن دخولهم دون 4 آلاف ريال.