السمنة: أصبحت وباء ومرضا معديا. رغم غرابة المقولة إلا أنها فى الواقع تشير إلى حقيقة أضحت واقعا يخشاه العالم المتمدين وتسعى إلى مواجهته الدول التى تمتلك الرؤية المستقبلية لصحة مواطنيها. الواقع أن بريطانيا تعد من أكثر دول العالم حرصا على صحة مواطنيها، ففيها أفضل نظام للرعاية الصحية والتأمين الصحى الشامل الذى يتيح لمواطنيها بل وساكنيها من غير الإنجليز حقا كاملا فى العلاج وبالتالى الصحة دون شروط أو قيود. بدأت فى إنجلترا منذ أعوام حملة تبنتها الحكومة بالتضامن مع الهيئات الأهلية المهمة بالصحة لإنقاص قدر الملح المستعمل فى إعداد وتحضير الوجبات سابقة التجهيز واللحوم المصنعة. نجحت الحملة فى تحقيق هدفها الرامى لمكافحة مرض ارتفاع ضغط الدم نتيجة لدعم الحكومة للهدف ورغبة الدولة فى حماية مواطنيها. أيضا لارتفاع نسبة الوعى لدى المواطنين بخطورة ارتفاع ضغط الدم ورغبتهم الأكيدة فى حماية أطفالهم من مستقبل يتهددهم. الآن يبدأ الإنجليز أيضا فى محاولة جادة لمقاومة السمنة لدى الأطفال والكبار والتى بدا الأمر بالفعل كما لو كان مرضا معديا ينتقل من إنسان لآخر ومن مجتمع للذى يجاوره فى سلسلة يجب كسرها. خلال هذا العام يبدأ التحضير لبرنامج قومى يستهدف مقاومة السمنة لدى الأطفال بمحاولة إنقاص السعرات الحرارية فى ألوان الطعام سابقة التجهيز مثل البيتزا والبرجر والآيس كريم وغيرها مما يقبل عليه الأطفال فى حدود 200 - 300 سعر حرارى. تغيير محتوى الوجبة أو تصغير حجمها هو الوسيلة التى سيلجأ إليها الإنجليز لاختصار عدد السعرات الحرارية فيها وتقليص قدر الطاقة الذى يتحول غير المستهلك منه فى الحركة أو عمليات التمثيل الغذائى إلى دهون. يحتاج الرجل إلى 2500 سعر حرارى يوميا تقل إلى 2000 لدى المرأة، يختلف هذا القدر بالطبع وفقا لسن الإنسان وحجم وقدر حركته ونشاطه. الأطفال فى سن المدرسة يستهلكون فى المتوسط بين 1600 - 2500 سعر حرارى. فى تلك الحدود يرى العلم أن الكبار والصغار يستهلكون بين 200، 300 سعر حرارى زائدا عن الحاجة يمكن الاستغناء عنها اعتمادا على ذلك البرنامج الذى يبدأ فى أبريل 2025. البرنامج يستهدف أيضا العمل على إنقاص كمية السكر المستخدمة فى المشروبات بصفة عامة خاصة ما يتناوله الأطفال والمراهقون. تجربة بلاشك تعكس الدور الفعال الذى يقوم به المجتمع المدنى تدعمه الدولة فنجاح تلك الدعوة يعتمد بلا شك فى المقام الأول على جهود الجمعيات الأهلية المهتمة بالشأن الصحى والتى هى أقرب للإنسان فى المجتمعات المختلفة. تظل مشكلة الصناعة هى الأهم فإقناع رأس المال الذى يعتمد فى أرباحه الطائلة على تقديم منتج مرغوب فيه خاصة للأطفال هو الأهم. تجارب مماثلة باءت بالفشل لرفض أصحاب رءوس الأموال تلك الشروط التى تطالب الجمعيات الأهلية بها سواء لتقليل الدهون أو الملح والسكر خاصة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. لكن الواقع أن المجتمع الأوروبى فيما يبدو أكثر إدراكا وأقوى التزاما. حينما طرحت وسائل الإعلام السؤال على المسئولة عن الإعداد للبرنامج جاء ردها سهلا متفائلا: لنا تجارب ناجحة سابقة فى تقليص نسب الدهون والسكر والملح فى منتجاتنا الصناعية ولا أظن أننا نلقى صعوبة هذه المرة أيضا فرءوس الأموال البريطانية: وطنية.