بدا الطلاب الذين يحتجون في فنزويلا منذ ثلاثة اسابيع على ادارة الرئيس نيكولاس مادورو، بالتظاهر الخميس في كراكاس غداة البدء ب"حوار وطني" غابت عنه كل المعارضة تقريبا. وفي الوقت الذي تحيي فيه فنزويلا اليوم الخميس "الكراكاسو"، الثورة الشعبية في العام 1989 ضد الرئيس كارلوس اندريس بيريز التي اوقعت مئات القتلى، دعي الطلاب الى التظاهر تحت شعار "لا مزيد من القتلى" اطلقه احد قادة التحرك خوان ريكيسنس. وفي الصباح، وبينما بدات ستة ايام عطلة متتالية بمناسبة الكرنفال، افيد عن قطع طرقات في بعض احياء شرق كراكاس وفالنسيا، ثالث اكبر مدن البلاد والمركز الصناعي الرئيسي. وفي ماراكاو، سجلت عمليات نهب متاجر تبيع المواد الغذائية والكحول. ومع بداية التجمع ظهرا، لم يكن عدد الطلاب قد فاق بضع مئات في حي روزاليس شرق العاصمة، بحسب مصور لوكالة فرانس برس. وفي مكان اقرب الى وسط المدينة، في قصر ميرافلوريس الرئاسي، يتوقع اقامة حفل رسمي بحضور الرئيس مادورو للاحتفال بذكرى ثورة 1989. والحركة الطلابية المدعومة من قسم من المعارضة، تركزت اساسا على الوضع الامني السيء جدا في هذه الدولة النفطية، قبل ان توسع مطالبها لتشمل مواضيع الازمة الاقتصادية والشح المتكرر في المواد الاساسية والقمع الامني. وحصيلة اعمال العنف التي وقعت منذ بداية التظاهرات الطلابية في الرابع من شباط/فبراير بلغت 14 قتيلا، بينهم ثمانية على الاقل سقطوا بالرصاص، و140 جريحا. ومساء الاربعاء، عقد مادورو الذي يشبه حركة الغضب هذه بانقلاب تم اعداده بمساعدة واشنطن، جلسة حوار في القصر الرئاسي مع ممثلين عن نقابة اصحاب العمل والاسقفية ومثقفين وصحافيين ونواب وحكام ولايات. وطبع اللقاء غياب قادة طاولة الوحدة الديموقراطية، اكبر تحالف معارض، وابرز وجوهه انريكي كابرليس الذي خسر في منافسة مادورو في الانتخابات الرئاسية في نيسان/ابريل 2013. وبالفعل فقد رفض زعيم المعارضة انريكي كابريليس وطاولة الوحدة الديموقراطية المشاركة في هذا اللقاء الذي قرر عقده مادورو، ووصفاه بانه "مهزلة". وهما يطالبان بوقف القمع والافراج عن المعارض المتشدد ليوبولدو لوبيز الذي سجن في 18 شباط/فبراير بتهمة التحريض على العنف. واعلن كابريليس قبيل افتتاح الاجتماع ان "الحكومة تتحدث عن حوار وسلام، لكن الامر لا يتعلق بكلام فارغ (...) والذهاب الى قصر ميرافلورس ليلتقطوا لنا صورا هناك". ولم يوضح مادورو الوريث السياسي للرئيس الراحل هوغو تشافيز (1999-2013)، المنتخب منذ 11 شهرا تفاصيل ذلك المؤتمر "من اجل السلام" الذي دعا لعقده في قصر ميرافلورس الرئاسي بمشاركة "كل التيارات الاجتماعية والسياسية والمهنية والدينية". لكنه قال "لا يمكننا ان ننتظر حصول تصعيد (...) في هذا الاطار من الصدمة الوطنية ندعو الى الحوار". ولدى افتتاح الاجتماع، وجه مادورو تحذيرا من تصعيد العنف داعيا مجددا كل الاطراف الى الحوار ومعربا عن الاسف لغياب المعارضة. وكان خورخي رويغ رئيس نقابة اصحاب العمل في فنزويلا، احد اصوات المعارضة في هذا الاجتماع. وقال رويغ الذي تتهمه السلطات باستمرار بالعمل على زعزعة الاستقرار الاقتصادي في البلد ان "بلدنا ليس في حالة جيدة، سيدي الرئيس، نحن الفنزويليين في صدد التقاتل وهذا امر خطير. انتم تتحملون مسؤولية، بصفتكم رئيسا للجمهورية يتعين عليكم تهدئة النفوس". من جهتهم، لم يشارك قادة الطلاب المشاركين في التحرك وعمداء الجامعات في الاجتماع. وفي حين سار الاف المتظاهرين معظمهم من النساء نحو ثكنة للحرس الوطني طالبين "عدم الانصياع للكوبيين، جيش الاجتياح الذي يصدر الاوامر" تجمعت حشود من المزارعين من انصار تشافيز امام قصر ميرافلورس للاستماع الى خطاب الرئيس نيكولا مادورو الذي كان يرتدي قميصا اصفر ويعتمر قبعة من القش. ومنذ بداية حركة الاحتجاج، اطلقت منظمات غير حكومية عدة تحذيرات من انتهاكات مفترضة لحقوق الانسان بيد قوات الامن. واحصت احداها، المنتدى الجنائي الفنزويلي، اخيرا 33 حالة انتهاك، بينما اعلنت النيابة فتح 12 تحقيقا. من جهتها طلبت المفوضية الاوروبية الخميس "الوقف الفوري" لاعمال العنف في فنزويلا، واعربت عن "الاسف" حيال ايداع طلاب محتجين ومعارضين للرئيس مادورو قيد الاحتجاز. وقال ممثل المفوضية امام البرلمان الاوروبي الجيراداس سيميتا "ناسف للحوادث الخطيرة والعنيفة التي وقعت في الاسابيع الاخيرة". واضاف "نرفض كل اعمال العنف وعدم التساهل ايا كان مصدرها (...) هذا العنف يجب ان يتوقف فورا". وقبيل بدء "مؤتمر السلام" مساء الاربعاء، امر قاض بتوقيف خمسة من موظفي الاستخبارات احترازيا وهم مشتبهون بالتورط في قتل طالب وناشط "من اتباع تشافيز"بالرصاص في 12 شباط/فبراير في كراكاس. وفي رغبة ظاهرة للتهدئة، اعرب مادورو من جهة اخرى عن رغبته في تحسين العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة المتهمة مع جهات اخرى بدعم المتظاهرين. واعلن ارسال سفير الى الولاياتالمتحدة سريعا بينما لا يتمثل البلدان بسفراء منذ 2010. والاربعاء دعا البابا فرنسيس من روما المسؤولين السياسيين والشعب الفنزويلي واغلبيتهم الساحقة كاثوليكيين الى تغليب "الحوار" و"المصالحة الوطنية". من جانبها تعقد منظمة الدول الاميركية الخميس جلسة طارئة لمجلسها الدائم لبحث امكانية عقد قمة وزارية اقليمية حول فنزويلا.