يواجه جيش جنوب السودان الخميس متمردي رياك ماشار النائب السابق للرئيس قرب بنتيو احدى كبرى مدن جنوب السودان التي يحاول استعادتها، فيما يواصل السكان الفرار مع اقتراب المعارك. وقال المتحدث باسم الجيش فيليب اغير في تصريح لوكالة فرانس برس "ما زالت المواجهات مستمرة في ولاية الوحدة" الغنية بالنفط شمالا التي تشكل بنتيو عاصمتها، موضحا "اننا قرب بنتيو". وصرح احد السكان طالبا التكتم على هويته "نتوقع معارك في بنتيو بين لحظة واخرى"، موضحا ان السكان بدأو بالهرب، إما للاحتماء في قراهم وإما لطلب الحماية لدى الاممالمتحدة. في زيارة الى بنتيو تحدث رئيس العمليات الانسانية للامم المتحدة في جنوب السودان توبي لانزر عن عمليات نهب ولا سيما في السوق. في وسط المدينة "لم يعد هناك تقريبا اي مدني" على ما افاد عبر موقع تويتر مشيرا الى لجوء المئات الى مراكز الاممالمتحدة. ويشهد جنوب السودان الذي استقل عن السودان في تموز/يوليو 2011، معارك عنيفة منذ 15 كانون الاول/ديسمبر. ودارت المواجهات في البداية بين وحدات من الجيش الموالية لرئيس جنوب السودان سالفا كير ووحدات موالية للنائب السابق للرئيس رياك ماشار الذي عزل في تموز/يوليو. ثم تطورت المعارك، والتمرد الذي يقوده ماشار بات يضم تحالفا هشا وغير متجانس من قادة الجيش المتمردين والميليشيات الاتنية. ويتهم الرئيس خصمه وحلفاءه بتدبير محاولة انقلاب ضده. وينفي رياك ماشار ذلك ويتهم سالفا كير بالسعي صراحة الى القضاء على منافسيه. واستولى التمرد الذي يقوده رياك ماشار على بنتيو منذ الاسبوع الاول للمواجهات. وتعد ولاية الوحدة التي تضم قسما كبيرا من الحقول النفطية في جنوب السودان، منطقة استراتيجية. لكن المعارك امتدت ايضا الى اجزاء اخرى من البلاد، خصوصا قرب بور، كبرى مدن ولاية جونقلي (شرق). واتهم المتحدث باسم المتمردين حسين مار نيوت الخميس اوغندا التي نشرت قوات في جنوب السودان لاجلاء رعاياها، بالمشاركة الفعالة في المعارك وحتى "بقتل ابرياء"، الامر الذي نفته كمبالا. وبدأت الحكومة والمتمردون الاثنين مفاوضات في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا للتوصل الى وقف لاطلاق النار. لكن هذه المفاوضات ما زالت تصطدم باحتمال اطلاق سراح معتقلين مقربين من التمرد اوقفوا في الايام الاولى للتمرد. ويعتبر الوفد المتمرد في اديس ابابا اطلاق سراح هؤلاء شرطا مسبقا لوقف اطلاق النار، الا ان جوبا ترفض ذلك، مؤكدة ان الافراج عنهم يجب ان يمر عبر العملية القضائية المعتادة على غرار ما يحصل مع كل متهم. واتخذت خارجية الولاياتالمتحدة، عرابة استقلال جنوب السودان في 2011، وابرز الداعمين منذ ذلك الحين لهذا البلد الجديد، موقفا صريحا حول هذه المسألة الاربعاء، داعية الى الافراج الفوري عن المعتقلين حتى يتمكنوا من المشاركة في مفاوضات اديس ابابا. غير ان المبعوث الخاص لواشنطن الى جنوب السودان دونالد بوث شدد على ضرورة الا يكون الافراج عن المعتقلين شرطا مسبقا لوقف المعارك. وصرح لفرانس برس في اديس ابابا ان "الامر الاهم، الامر العاجل هو وقف العنف". وما زال من الصعب وضع الحصيلة الدقيقة للنزاع المستعر منذ ثلاثة اسابيع. فالاممالمتحدة تقدر ان اكثر من الف شخص قد قتلوا، فيما تشير مصادر انسانية اخرى، الى الاف القتلى حتى الان، نظرا الى عنف المعارك في جوبا في الايام الاولى والمواجهات الدامية المستمرة ايضا في ولايات جونقلي واعالي النيل والوحدة. وتقول الاممالمتحدة ان حوالى 200 الف شخص قد تهجروا. وجازف عشرات الاف الاشخاص معرضين حياتهم للخطر باجتياز النيل الابيض الذي تكثر فيه التماسيح هربا من المعارك في بور. ولجأوا الى مكان يبعد 25 كلم في الجنوب الغربي ورووا لفريق من وكالة فرانس برس الاهوال التي واجهوها. وقال احدهم وهو غبريال بول فيما كان ينتظر تسلم مواد غذائية واغطية توزعها وكالات انسانية "كثيرون لقوا حتفهم في الماء". واضاف "لقد عمنا مع مجرى التيار ... ثم سبحنا من جزيرة الى جزيرة من اجل النجاة". وقال "جئنا بالثياب التي نرتديها ولا نحمل شيئا آخر". وهرب اكثر من 30 الف شخص ايضا من البلاد الى اوغندا خصوصا. وسجلت لدى الطرفين مجازر وعمليات اغتصاب وقتل عرقي ووعدت الاممالمتحدة باجراء تحقيقات حولها. لان النزاع قد اتخذ طابعا قبليا بين الدينكا التي ينتمي اليها سلفا كير والنوير التي ينتمي اليها رياك ماشار.