لندن (رويترز) - من المستبعد أن تصبح ايران مصدرا كبيرا للغاز الطبيعي مالم تستطع الصين -شريكتها المهمة في وقت أبعدت فيه العقوبات اخرين- تطوير تكنولوجيا متقدمة لتسييل احتياطيات البلاد الضخمة من الغاز الطبيعي. ولدى ايران ثاني أكبر احتياطيات للغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا لكن العقوبات التجارية الامريكية أحبطت خطط الجمهورية الاسلامية لتطوير تلك الاحتياطيات بينما أصبحت ايران ثالث أكبر مستهلك في العام ومن بين أكبر 30 دولة مستوردة للوقود بسبب الطلب المحلي المتزايد. ويعني الحظر الجديد الذي فرضه الاتحاد الاوروبي على امداد ايران بمعدات الطاقة أن من المستحيل تقريبا بالنسبة لطهران أن تحصل على تكنولوجيا متكاملة لتسييل الغاز الطبيعي من شركة سيمنس الالمانية التي تملك البراءة الوحيدة لمثل تلك التكنولوجيا الى جانب جنرال الكتريك التي لا تستطيع بالفعل التعامل مع ايران بموجب القوانين الامريكية. وقال نويل تومناي محلل الغاز الطبيعي لدى وود ماكنزي في ادنبره مشيرا الى العقوبات الاوروبية "يتضح منها أنه اذا كانت ايران ستنتج الغاز المسال فسيتعين أن يكون ذلك تحت عباءة الصينيين وسيكون على الصينيين التوصل لتكنولوجيا خاصة بهم." وأضاف "يعمل الصينيون على ذلك منذ فترة طويلة ... واذا نجحوا في ذلك فسيكون بوسع ايران المضي قدما في انتاج الغاز الطبيعي المسال في مشروع حصري مع الصين لكن ذلك غير مؤكد الى حد بعيد." وأبرمت شركة البترول الوطنية الصينية (سي.ان.بي.سي) اتفاقا هذا العام لتطوير حقل بارس الجنوبي بدلا من شركة توتال الفرنسية وذلك في اطار مساعي شركات الطاقة الحكومية الصينية لتدبير احتياجات اقتصاد الصين سريع النمو. وقال محلل ان اهتمام الصين بتطوير مشروعات تصدير الغاز الطبيعي الايرانية ربما يكون قد فتر بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني ووفرة امدادات الغاز المسال من دول منتجة أخرى. وشكك مراقبون لقطاع الطاقة طويلا في مزاعم ايران أنها ستستطيع قريبا اللحاق بجارتها قطر التي تشترك معها في أكبر حقل غاز في العالم والتي شهدت طفرة في الصادرات جعلتها أكبر دولة مصدرة للغاز المسال في العالم. وأحجمت شركات غربية عن الانخراط في الجانب الايراني من الحقل بسبب العقوبات والتأجيلات المستمرة لمشروعات الغاز الايرانية. وبعد أسبوعين من حظر الاتحاد الاوروبي على الشركات والافراد الاوروبيين نقل التكنولوجيا الى ايران اعترفت طهران أخيرا بأنها أرجأت خططها لبناء محطتين جديدتين لتجميد الغاز وتصديره بالشاحنات لتركز على تصدير الغاز عن طريق خطوط أنابيب. وقال اندرو كلايتون المحلل لدى بي.اف.سي انرجي في واشنطن "بدون الحصول على تكنولوجيا التسييل الغربية سيكون من المستحيل تقريبا بالنسبة لايران أن تمضي قدما في أي من مشروعات الغاز الطبيعي المسال." وحتى أكثر مشروعاتها تقدما وهو ايران للغاز الطبيعي والذي بدأ العمل فيه عام 2007 من المستبعد أن يكتمل في العقد الحالي. وقال سياماك أديبي من فاكتس جلوبال انرجي "فرص ايران ضئيلة للغاية في أن تستطيع انتاج معدات أساسية لعملية التسييل في ظل العقوبات الاوروبية الحالية." وأضاف "بدون أي تحسن في المناخ السياسي لن يتم تشغيل مشروع ايران للغاز الطبيعي في أي وقت مستقبلا." وتقر ايران بأنه سيتعين تأجيل مشروعات الغاز الطبيعي المسال التي تحتاجها للوصول الى سوق عالمية الا أنها مازالت متفائلة علنا على الاقل بشأن فرصها في تصدير الغاز بالانابيب الى الاسواق القريبة منها. لكن تنامي الطلب المدني واعتماد القطاع الصناعي على الغاز الطبيعي بشكل متزايد والاحتياج الى كميات كبيرة من الغاز لضخها في حقول النفط لزيادة الانتاج كلها عوامل ستحد من الصادرات في المستقبل المنظور. وقال جريج بريدي محلل الطاقة في يوراسيا جروب في واشنطن "يتطلب الامر اما رفع العقوبات أو أن تستطيع الصين انتاجها (تكنولوجيا تسييل الغاز) في المستقبل لكننا ربما نتحدث عن عشر سنوات تقريبا." ولم تستطع ايران أن تفي دائما بالتزاماتها من الامدادات لتركيا سوقها الوحيدة لتصدير الغاز حتى الان وذلك لان الطلب الداخلي الايراني عادة ما يتجاوز المعروض في فصل الشتاء. ويقول محللون ان العقوبات الامريكية منعت فعليا الشركات الغربية التي تستطيع تطوير أنشطة التصدير الايرانية من العمل هناك حتى قبل أن يعزز الاتحاد الاوروبي الحظر الغربي على استثمارات الطاقة والتكنولوجيا. وقاومت شركات طاقة عالمية مثل رويال داتش شل وتوتال وريبسول اغراء الاحتياطيات الايرانية الضخمة خشية تعريض استثماراتها الكبيرة في أمريكا الشمالية للخطر باثارة غضب واشنطن. وقال محللون ان العقوبات الاوروبية الجديدة فرضت أيضا قيودا على الانشطة المصرفية مما جعل من الصعب للغاية اتمام اي معاملة ايرانية من أي نوع عبر بنوك أوروبية وهو ما يعني خنق تجارة الوقود. وتبدو فرص نجاح استراتيجية أنابيب الغاز الايرانية والتي تركز على تعزيز المبيعات الى تركيا التي تسعى للانضمام الى الاتحاد الاوروبي وباكستان أفضل قليلا من خططها لانتاج الغاز الطبيعي المسال. وتمد ايران خط أنابيب الى باكستان بهدف أن تصل صادراتها في نهاية الامر الى الهند. لكن باكستان كانت تكافح بالفعل لتمويل الجزء الممتد في أراضيها من خط الانابيب قبل أن تعم الفيضانات أجزاء كبيرة من البلاد مما أثار مخاوف من حدوث كارثة اقتصادية في اعقاب الكارثة الطبيعية. ورغم عدم قدرة ايران على انتاج ما يكفي من الغاز للتصدير بشكل منتظم حتى الى تركيا قال مسؤولون بقطاع الغاز الايراني ان الجمهورية الاسلامية يمكنها امداد أوروبا عبر خطوط أنابيب مزمعة مثل نابوكو الذي يهدف لتقليل الاعتماد على روسيا باستيراد الغاز من اسيا الوسطى أو حتى العراق. لكن محللين قالوا ان احتمال حدوث ارتفاع كبير في صادرات الغاز عبر خطوط أنابيب الى أوروبا يظل ضعيفا مثله مثل فرص نجاح خطط ايران لانتاج الغاز الطبيعي المسال مادامت العقوبات سارية. ويبدو أن فرص حدوث ذلك قريبا ضئيلة بعدما قالت ايران يوم الاثنين انها ستمضي قدما في برنامج التخصيب النووي. وقال تومناي "اذا كانت أوروبا قلقة بالفعل بشأن تأمين الامدادات فهل سيكون دعم خط أنابيب نابوكو بالغاز الايراني هو السبيل لذلك.. يبدو الامر كالمستجير من الرمضاء بالنار."