تعود الحياة الى حلبات بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد حيث سيستمتع جمهور حلبة البرت بارك بضجيج محركات الاسطوانات الثماني للمرة الاخيرة لانه سيستخدم محركا جديدا بالكامل في 2014 مكونا من 6 اسطوانات ومزودا بشاحن هوائي "توربو"، وذلك عندما تستضيف استراليا المرحلة الافتتاحية لموسم 2013 وسط توقعات بتكرار ما حصل في 2012. وتنطلق البطولة وسط الغموض الذي يلف هوية الفريق الذي يتمتع بافضلية على منافسيه، وذلك بسبب التخوف من اطارات بيريلي التي عانى معها السائقون في جولات التجارب الشتوية الثلاث على حلبتي خيريز وبرشلونة الاسبانيتين. "نحن هنا، رصيدنا خال من النقاط كما حال الاخرين، وبالتالي الجميع يملك الفرصة ذاتها"، هذا ما قاله سائق ريد بول-رينو الالماني سيباستيان فيتل، المتوج باللقب في المواسم الثلاثة الاخيرة، عن الوضع القائم قبيل السباق الافتتاحي، مضيفا "السيارات لم تشهد فعلا اي تغييرات. الموسم الماضي رأينا بان المنافسة كانت متقاربة جدا ولا اتوقع حقا ان يشهد الموسم الحالي اي سيناريو مختلف عن الذي سبقه، بل اعتقد بان التنافس سيكون اكثر حماوة وبالتالي سيكون من المهم جدا الاستفادة الى اقصى قدر ممكن من كل سباق". ولم تكن بداية الموسم الماضي تقليدية على الاطلاق اذ شهدت تتويج سبعة سائقين مختلفين في السباقات السبعة الاولى قبل ان يتمكن الاسباني فرناندو الونسو (فيراري) من ان يصبح اول سائق يحرز سباقين وذلك في الجولة الثامنة على حلبة فالنسيا الاسبانية. ويبدو فيتل مرشحا هذا الموسم ايضا لكي يتوج باللقب العالمي للمرة الرابعة على التوالي بعد ان قلب في 2012 الطاولة على الونسو ووضع خلفه بدايته الصعبة وتمكن من انتزاع اللقب العالمي في السباق الاخير على حلبة انترلاغوش البرازيلية. واكد فيتل ان فريقه سيكون مستعدا لانطلاق الموسم بشكل افضل مما كان عليه الوضع العام الماضي، واجاب السائق الالماني الذي احتاج الى خمسة اعوام فقط في حلبات فورمولا واحد لكي يصبح ثالث سائق فقط يتوج باللقب العالمي ثلاث مرات على التوالي بعد الاسطورتين مواطنه ميكايل شوماخر والارجنتيني خوان مانويل فانجيو، على سؤال حول رأيه بالسيارة الجديدة مقارنة مع السيارة القديمة، قائلا: "اعتقد انها افضل لاننا الموسم الماضي واجهنا مشكلة من ناحية الاعتمادية. يبدو اننا قمنا بعملنا بشكل جيد هذه المرة"، مستبعدا في الوقت ذاته الوصول الى خلاصات نهائية بهذا الشأن قبل السباق الافتتاحي. واردف فيتل الذي فرض نفسه ملك الارقام القياسية من حيث صغر السن اذ انه اصغر سائق يتصدر سباقا والاصغر الذي ينطلق من المركز الاول والاصغر الذي يفوز باللقب العالمي والاصغر الذي يتوج باللقب العالمي مرتين على التوالي ثم ثلاث مرات متتالية، قائلا بان "استراليا حلبة مختلفة تماما (عن برشلونة حيث اقيمت جولتي التجارب الشتوية الثانية والثالثة) مع ظروف مختلفة جدا". ويأمل السائق الالماني السير على خطى شوماخر، حامل الرقم القياسي بعدد الالقاب (7)، وصولا الى التفوق على البطل الاسطوري الذي يتخلف عن مواطنه الشاب من حيث الاحصائيات اذ كان في الحادية والثلاثين من عمره عام 2000 حين احرز لقبه العالمي الثالث، فيما لم يتجاوز فيتل الخامسة والعشرين. كما يملك فيتل في رصيده 26 انتصارا حتى الان، فيما كان "شومي" في الثامنة والعشرين من عمره حين وصل الى هذا العدد من الانتصارات (عام 1997 في سباق بلجيكا). لكن فيتل يرى بان الانتصارات التي حققها سابقا لن يكون لها اي تأثير على الموسم الجديد، مضيفا "اعتقد بان السر هو عدم التفكير بما حصل في المواسم الثلاثة الاخيرة. اللقب الاول كان مميزا جدا جدا. بعد ذلك، لا تشعر بالضغط لانك اثبت لنفسك اكثر من اثباتك للغير ان باستاطاعتك القيام بهذا الامر. بعد ذلك، حققنا دون ادنى شك موسمين رائعين، كل منهما مختلف عن الاخر، لكن كما قلت سابقا لا نفكر فعلا بما حصل العام الماضي او في الاعوام الثلاثة الاخيرة". وتوقع فيتل ان يدخل البريطاني لويس هاميلتون، المنتقل من ماكلارين الى مرسيدس اي ام جي، في الصراع معه ومع الونسو على اللقب العالمي، مضيفا "الموسم الماضي فاز سائقون مختلفون وفرق مختلفة بالسباقات الاولى (البريطاني جنسون باتون في استراليا والونسو في ماليزيا والالماني نيكو روزبرغ في الصين وفيتل في البحرين والفنزويلي باستور مالدونادو في اسبانيا والاسترالي مارك ويبر في موناكو وهاميلتون في كندا قبل ان يكسر الونسو التناوب على الانتصارات بفوزه الثاني في جائزة اوروبا على حلبة فالنسيا)، ولا ارى اي شيء يحول دون تكرار هذا الامر في الموسم الجديد ايضا". وواصل "القوانين لم تشهد فعلا اي تغيير، واعتقد بان المنافسة في الطليعة ستكون اكثر احتداما وبالتالي الجميع امام فرصة الدخول في الصراع". وعن السيارة الجديد لريد بول، يقول فيتل "اعتقد انها افضل لاننا الموسم الماضي واجهنا مشكلة من ناحية الاعتمادية. يبدو اننا قمنا بعملنا بشكل جيد هذه المرة". وتبدو المنافسة حامية داخل الفريق الواحد قبل المواجهة مع سائقي الفرق الاخرى، اذ يسعى الاسترالي المخضرم مارك ويبر (36 عاما) الى قول كلمته هذا الموسم خصوصا انه لم يخف يوما امتعاضه من اكتفائه بلقب دور السائق الثاني في الفريق ووصل به الامر حتى الى مخالفة الاوامر ومحاولة تجاوز زميله الالماني على حلبة سيلفرستون في سابق حاسم من موسم 2011. ويبدو ان مسألة الارتباط بويبر لموسم واحد فقط ثم تمديد العقد من موسم الى اخر بسبب تقدمه بالعمر (36 عاما حاليا)، يعطي السائق الاسترالي الدفع لكي يقول لمسؤولي الفريق انه بامكاني الفوز وقد اظهر ذلك خلال موسمي 2010 و2011 حين خرج فائزا في خمسة سباقات وصعد الى منصة التتويج في 15 مناسبة اخرى، منهيا البطولة في المركز الثالث لموسمين على التوالي. وسيسعى ويبر جاهدا في موسمه الثاني عشر في سباقات الفئة الاولى الى الدخول منذ البداية في دائرة الصراع على اللقب من اجل الرد على مستشار الفريق النمسوي هلموت ماركو الذي اعتبر ان السائق الاسترالي يعاني من مشكلة عدم قدرته على المحافظة على مستواه خلال تقدم الموسم ويدخل بسهولة في دوامة التدهور لانه ليس باستطاعته التعامل مع المشاكل. ومن المؤكد، ان المنافسة الاشد ستكون وبحسب التوقعات والمعطيات مع الونسو الذي اعتمد لهجة تحذيرية لمنافسيه بتأكيده "هذا هو عامي". وقدم الونسو اداء مميزا الموسم الماضي رغم المستوى العادي لسيارة فيراري، اذ قاتل على اللقب العالمي حتى السباق الاختتامي قبل ان ينحني في النهاية امام فيتل، وقد انتخب السائق الاسباني الذي يبحث في 2013 عن لقبه الاول مع فيراري والثالث في مسيرته بعد عامي 2005 و2006، افضل سائق لموسم 2012 من قبل مدراء الفرق اعترافا بالمجهود الجبار الذي قام به بمواجهة منافسين بحوزتهم سيارة افضل بكثير من فيراري. ويبدو الونسو عازما على تعويض ما فاته الموسم الماضي وهو اكد انه قادر على حسم اللقب العالمي لمصلحته طالما باستطاعة فريقه ان يؤمن له سيارة قادرة على الفوز بالسباقات والصعود الى منصة التتويج. "هذا العام يجب ان نكون على منصة التتويج ولا يوجد هناك اي سبب يمنعنا من تحقيق ذلك منذ السباق الاول. لا يمكننا الجزم باننا سنفوز بالسباقات لكن السيارة افضل من العام الماضي واكثر تنافسية. شعوري رائع، هذا هو عامي. انا متحمس للعودة الى السباقات والانتصارات"، هذا ما قاله الونسو لصحيفة "ذي ميرور"، ليضيف هذا التصريح الذي ذلك الذي ادلى به سابقا حين اكد انه حاليا في افضل مستوى له خلال مسيرته. "اعتقد ان بامكان المرء التطور دائما وانا مستعد للقيام بذلك"، هذا ما قاله الونسو منذ ايام ردا على سؤال من موقع "اوتوسبورت" المتخصص حول اذا كان بامكانه ان يقدم اداء افضل من الذي قدمه الموسم الماضي. واضاف السائق الاسباني "العام الماضي كان افضل عام في مسيرتي وكنت سعيدا جدا بالاداء الذي قدمته، لكني اعتقد بان العام الحالي سيكون افضل. لدينا نقطة انطلاق افضل وتعلمت من بعض الاخطاء التي ارتكبتها الموسم الماضي". واشار الونسو ان ثقته ليست نابعة فقط من واقع انه افضل بدنيا بعد ان قرر عدم المشاركة في الجولة الاولى من التجارب الشتوية، بل لان "اف 138" تبدو افضل من سيارة الموسم الماضي، مضيفا "(في 2012) كان اندفاعي واضحا واردت الفوز، لكني وصلت الى استراليا وماليزيا دون ثقة كافية بقدرتنا على الفوز، دون ثقة كافية بالسيارة. لم اكن واثقا تماما بما كنا نقوم به لاننا، وكما قلت في اكثر من مناسبة، كنا تائهين بعض الشيء". وتوقع الونسو ان لا يفرض اي فريق هيمنته في 2013، مضيفا "كما لا اتوقع ايضا ان نرى سبعة فائزين في السباقات السبعة الاولى كما حصل العام الماضي. ستكون المنافسة متقاربة جدا. من وجهة نظرنا، النتيجة الجيدة في عطلة نهاية الاسبوع الحالي ستخفف بعض الضغط علينا. انا استمتع بالقيادة على حلبة البرت بارك...". وكان الفوز في استراليا الموسم الماضي من نصيب باتون الذي سيخوض 2013 بجانب زميل جديد في ماكلارين-مرسيدس هو المكسيكي سيرخيو بيريز الذي خلف هامليتون. وقد تحدث السائق البريطاني المتوج باللقب العالمي عام 2009 عما ينتظره من عطلة نهاية الاسبوع الحالي، قائلا "اشعر وكانه لم يمر سوى اسبوع فقط على وقوفي على منصة التتويج في ساو باولو (فاز بالسباق الختامي في البرازيل). لا يمكنني ان اصدق باننا نستعد لركوب الطائرة والتوجه الى استراليا...لكنهم يقولون بان الوقت يمر بسرعة حين تكون مستمتعا بوقتك، واختبرت شتاء مذهلا. لم اتوقف يوما عن التدرب والعمل، اشعر باني جاهز بدنيا ومركز تماما على الموسم المقبل". وتابع "هذا العام، لا اعتقد ان هناك اي فريق يعلم فعلا تراتبية المنافسة. كان من الصعب جدا قراءة المعطيات من تجارب الشتاء بسبب اختلاف حجم الوقود (الموجود في السيارات) ونسبة تآكل الاطارات، ما جعل من الصعب توقع من سيأتي الى استراليا بافضل سيارة. لكن كل ذلك يشكل جزءا من اللعبة...".