دخلت منطقة اليورو في الانكماش في الفصل الثالث للمرة الثانية في ثلاثة اعوام، في اشارة جديدة الى تدهور الوضع الاقتصادي في اوروبا بينما تتصاعد حركة الاحتجاج ضد التقشف المتهم بانه المسؤول عن تفاقم الازمة. وتراجع اجمالي الناتج الداخلي في منطقة اليورو 0,1 بالمئة في الفصل الثالث بعدما كان تراجع 0,2 بالمئة في الفصل الذي سبق، بحسب اولى تقديرات المكتب الاوروبي للاحصاءات (يوروستات) الخميس. ولوحظ الانكماش عندما تقلص اجمالي الناتج الداخلي طوال فصلين متتاليين. وكانت منطقة اليورو غرقت في الانكماش بعد اندلاع الازمة المالية في 2008، قبل ان تعود الى النمو في الفصل الثالث من العام 2009. وعودة منطقة اليورو الى الانكماش لم تعد تشكل مفاجأة بالنظر الى قوة ازمة الديون. لكن التقشف المفروض في محاولة لوضع حد للانكماش يتحمل بدوره على ما يبدو جزءا من المسؤولية عن تدهور الاقتصاد. ومن صندوق النقد الدولي الى معهد المالية الدولية --ممثل اكبر 400 مصرف عالمي-- مرورا بما يحصل في الشارع، ترتفع الاصوات منددة بالتاثيرات السلبية لاجراءات التقشف الصارمة الرامية الى الحد من النفقات المالية. وفي بداية تشرين الاول/اكتوبر، اقر صندوق النقد الدولي بانه قلل من شان انعكاس خطط التقشف في الدول الاوروبية التي حصلت على مساعدة مالية مثل اليونان، على النمو الاقتصادي. وامام مجموعة من المصرفيين اليونانيين، اعتبر رئيس معهد المالية الدولية الاميركي تشارلز دالارا الاربعاء ان "التقشف وحده يحكم ليس على اليونان فحسب، وانما على كل اوروبا باحتمال الدخول في عصر مؤلم". وكان دالارا يتحدث في اوج يوم للتحرك الاوروبي ضد التقشف طبعته صدامات وخصوصا في اسبانيا والبرتغال وايطاليا، وهي الدول الثلاث الاكثر تضررا من الازمة. واعتبر مارتن فان فلييت من مؤسسة "آي ان جي" ان الارقام التي نشرت الخميس "تؤكد ان الاقتصاد في منطقة اليورو بحاجة ماسة الى تحريك الاقتصاد القطاعي". واضاف "بما انه يبدو ان المسؤولين السياسيين لا يميلون كثيرا الى اعتماد مقاربة منسقة للعودة عن التقشف المالي، فان الانتعاش النقدي وعملة اكثر ضعفا قد يكونان ضروريين لاعادة وضع منطقة اليورو على سكة نمو دائم". وسجل اجمالي الناتج الداخلي المصحح وفقا للتقلبات الموسمية انخفاضا بنسبة 0,6 بالمئة في الفصل الثالث على مدى سنة مقابل -0,4 بالمئة في الفصل الذي سبق. وتشير ارقام يوروستات الى ان مقاومة المانيا وفرنسا اللتين شهد النشاط الاقتصادي فيهما تحسنا بنسبة 0,2 بالمئة، لم تمنع منطقة اليورو من الوقوع مجددا في الانكماش، بحسب ما راى هاورد ارتشر كبير الاقتصاديين في مؤسسة "آي اتش اس". وفي الوقت نفسه، بقيت ايطاليا واسبانيا غارقتين في الانكماش مع تراجع اجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0,2 بالمئة و0,3 بالمئة على التوالي، وشهدت النمسا وهولندا تقلص نشاطهما بنسبة 0,1 بالمئة و1,1 بالمئة على التوالي بعد تحسن في الفصل الثاني. واعتبر الاقتصادي في مؤسسة "آي ان جي" ان "موجة الانكماش التي تطال دول الجنوب تبدأ بالانتقال الى دول النواة الصلبة" (الاكثر قوة في منطقة اليورو). ويبدو ان الافاق لا تتمتع بفرص كبيرة لتوضيح الصورة على المدى القصير ذلك ان معظم الاقتصاديين يتوقعون بقاء منطقة اليورو في الانكماش في الفصل الرابع، حتى انهم يتوقعون تفاقم الوضع. وعلى مستوى الاتحاد الاوروبي، فقد تحسن اجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0,1 بالمئة في الفصل الثالث بعد انخفاض بنسبة 0,2 بالمئة في الفصل الذي سبق. وبالتالي فان الدول الاوروبية ال27 لم تدخل في الانكماش في حال نظر اليها كحزمة واحدة. لكن اوروبا تبقى قيد المراوحة امام الولاياتالمتحدة وبحدود اقل امام اليابان، الدولتين اللتين سجلتا اجمالي ناتج داخلي من 2,3 بالمئة و0,2 بالمئة على التوالي في الفصل الثالث.