توقعت دراسة حديثة لغرفة تجارة وصناعة دبي أن يزيد التضخم تدريجياً في الدولة خلال النصف الثاني من العام الحالي، حيث من المرجح أن تؤدي الزيادات الأخيرة في الرواتب إلى دعم الطلب المحلي ووضع ضغوط متزايدة على الأسعار، إلا انها أضافت ان التوجه التنازلي في أسعار المواد الغذائية عالميا وتوقعات زيادة قوة الدولار خلال الأشهر المقبلة، سيؤدي إلى تقليص أي ضغوط يمكن أن تحدث على الأسعار . وأضافت الدراسة أنه مع النمو في الائتمان المصرفي ودخول المعروض النقدي في مرحلة التعافي، لا يتوقع من السلطات المختصة اتخاذ أي تدابير سياسية اقتصادية، حيث أشارت الدراسة نقلاً عن مسؤولين في مصرف الإمارات المركزي إلى إن التضخم لا يشكل قلقاً في الإمارات بما أن مصادر هذا التضخم تحت السيطرة . ومنذ عام 2009 خفت حدة معدلات التضخم المرتفعة في الإمارات والتي كانت قد أثارت قلقاً واسعاً حتى منتصف عام 2008 والتي تأثرت كثيراً بتدفقات رؤوس أموال المضاربين وارتفاع أسعار العقارات وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار السلع مثل المواد الغذائية . ومع ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي مصحوبا بانخفاض الطلب في الاقتصاد (بشكل رئيسي في القطاع العقاري الذي شهد إعادة ترتيب لأوضاعه)، بالإضافة إلى انخفاض أسعار السلع العالمية، بدأت الضغوط التضخمية في التراخي مجدداً . وبعد أن بلغ متوسط تضخم أسعار المستهلك في الإمارات 3 .12% في عام ،2008 عاد وانخفض إلى 6 .1% في 2009 . وفي نهاية ديسمبر ،2010 سجل تضخم أسعار المستهلك تراجعا تاريخيا لم يحدث منذ عام 1990 . وحسب المركز الوطني للإحصاء بالإمارات بلغ معدل التضخم 7 .1% على أساس سنوي في ديسمبر 2010 وذلك مقارنة بنسبة 0 .2% في الشهر السابق . وعلى الرغم من أن هذا المستوى المنخفض يعكس التراجع الذي حدث في تكاليف السكن نتيجة للتباطؤ الاقتصادي، ونظرا إلى حقيقة أن قطاع العقارات قد ظل متراجعا في عام ،2011 إلا أن انخفاض تكاليف السكن والإيجار قد بلغت أدنى مستوياتها . ومع ذلك، فإن ارتفاع تكاليف السكن مرة أخرى سوف يكون عملية بطيئة وقد تستغرق وقتاً . ومن المتوقع أن يظل نمو أسعار المستهلك منخفضاً نسبياً وقد يبلغ حسب توقعات صندوق النقد الدولي 5 .2% في عامي 2011 و2012 . بالإضافة إلى ذلك، فإن النمو المحتمل لأسعار السكن سوف يعوضه تأثير قوة الدولار الأمريكي الذي سيدعم في المقابل بقاء أسعار الواردات منخفضة، وذلك على الرغم من أن تعافي الاقتصاد العالمي سوف يؤدي إلى ضغوط تصاعدية على أسعار السلع . كذلك تشير بيانات المعروض النقدي إلى أن نسبة نموها في نهاية عام 2010 (2 .6%) تعتبر الأدنى منذ نحو عشرة أعوام، ويخفف ذلك من أي ضغوط على الأسعار . وعلى الرغم من ذلك، فإنه إذا ارتفع التضخم بصورة مقدرة على المدى الطويل، سوف يثير ذلك القلق بشأن ارتباط الدرهم بالدولار . ومن المحتم أن يدل ذلك على عدم قدرة الإمارات على استخدام أسعار الفائدة للمساعدة في التحكم بالتضخم . إضافة إلى ذلك، يساعد ضعف الدولار على تغذية التضخم المستورد ويؤدي كذلك إلى زيادة في تدفقات أموال المضاربات التي تراهن على إعادة تقييم للعملة، مما يزيد من الضغوط التضخمية وكذلك التأثير في استقرار الاقتصاد . استخدمت السياسة النقدية لتحفيز الاقتصاد في عام 2009 . الهدف الرئيسي لسياسة الإمارات النقدية، كما هو الحال لدول مجلس التعاون الخليجي، هو الحفاظ على سعر صرف ثابت مقابل الدولار . وتدل مثل هذه السياسة على أن التحكم في التضخم أصبح مسألة ثانوية من حيث الأهمية، في حين أن التركيز على سعر الصرف الثابت قد نتج عنه فقدان السيطرة على بعض العوامل النقدية . بمعنى آخر، لا تستطيع الحكومة الاستفادة من سياسة أسعار الفائدة للتحكم في المعروض النقدي . والحال كذلك، فإن حركة السياسة المحلية لأسعار الفائدة يجب أن تعكس أسعار الفائدة الأمريكية وذلك لأجل الحفاظ على القيمة النسبية للعملات . وأدت فترة ارتفاع التضخم 2007 / 2008 إلى توقعات قوية بأن السلطات قد تخفض من قيمة الدرهم المرتبط أصلا بالدولار . إلا أن ذلك لم يحدث، خاصة أن ارتباط العملة بالدولار قد خدم الإمارات بشكل جيد منذ عام 1978 . ومع وصول الضغوط التضخمية إلى آخر مستويات انخفاضها، هناك ضغوط بسيطة الآن على السلطات المختصة لبحث ترتيبات أسعار صرف بديلة تستمر في أن تكون ركيزة متماسكة للاقتصاد . وطبقاً للمكتب الوطني للإحصاء بالإمارات تباطأ معدل التضخم بصورة ضئيلة في فبراير 2012 على أساس سنوي إلى 6 .0% وعلى أساس شهري -4 .0% مقارنة بنسبة 7 .0% سنوياً و3 .0% في الشهر السابق، وظلت أسعار السكن انكماشية ونقصت 5 .1 نقطة من المؤشر العام في حين لا تزال المواد الغذائية مساهماً رئيسياً في تصاعد التضخم، حيث أضافت 1 .1 نقطة مئوية إلى نسبة التضخم السنوية الرئيسة، وعلى أساس مقارنة شهر بشهر، تراجعت أسعار السكن بنسبة 7 .0% في فبراير 2012 في حين انخفضت كذلك أسعار المواد الغذائية على أساس التغير الشهري . وانخفض معدل التضخم الأساسي، الذي لا يحتسب السكن والمواد الغذائية، في الإمارات بشكل ضئيل إلى 9 .1% في فبراير 2012 على أساس سنوي مقارنة ب 1 .2% سنوياً في الشهر السابق . ويظل التضخم في الإمارات ثاني أقل معدل في دول مجلس التعاون . والدليل على ذلك أن المتوسط الموزون للتضخم في دول المجلس قد بلغ 7 .3% على أساس سنوي في يناير 2012 . وقد استمر انكماش أسعار السكن في البحرين وقطر والإمارات في الضغط التنازلي على تضخم أسعار المستهلك في دول المجلس . ومن جهة أخرى، استمر تضخم المواد الغذائية حسب الأوزان في دول المجلس في توجه تصاعدي مسجلاً 9 .4% على أساس سنوي في يناير 2012 . المصدر : جريدة دار الخليج الاماراتية