طهران (رويترز) - هددت ايران يوم الثلاثاء باتخاذ إجراءات اذا حركت البحرية الامريكية حاملة طائرات الى الخليج في أجرأ تصريح لايران حتى الآن بعد أسابيع من استعراض القوة مع بدء تأثر اقتصادها بعقوبات مالية أمريكية وأوروبية جديدة. وأثر احتمال أن يكون للعقوبات التي تستهدف قطاع النفط تأثير جدي لأول مرة على الريال الايراني الذي هبط بنسبة 40 في المئة مقابل الدولار في الشهر الاخير. واصطفت طوابير أمام البنوك وأغلقت بعض محال الصرافة أبوابها مع تدافع الايرانيين لشراء الدولارات لحماية مدخراتهم من تراجع الريال. وقال قائد الجيش الايراني عطاء الله صالحي ان الولاياتالمتحدة حركت حاملة طائرات الى خارج الخليج بسبب مناورات بحرية ايرانية وان ايران ستتخذ اجراءات اذا عادت حاملة الطائرات الى الخليج. ولم يذكر البيان اسم الحاملة الامريكية ولكن حاملة الطائرات جون سي ستينيز تقود قوة بحرية في المنطقة ونشر الموقع الالكتروني للاسطول الخامس الامريكي الاسبوع الماضي صورة لها في بحر العرب. وقال صالحي "ايران لن تكرر تحذيرها... حاملة طائرات العدو حركت الى بحر عمان بسبب مناوراتنا. أوصي حاملة الطائرات الامريكية مشددا بألا تعود الى الخليج الفارسي." وأضاف "أنصحهم وأوصيهم وأحذرهم من عودة هذه الحاملة الى الخليج الفارسي لانه ليس من عادتنا أن نحذر أكثر من مرة." وقالت اللفتنانت ريبيكا رباريتش المتحدثة باسم الاسطول الخامس الامريكي ومقره البحرين انه ليس في وسعها الرد على الفور على البيان الايراني. ويأتي تهديد ايران في وقت بدأت فيه العقوبات تؤثر على اقتصادها على نحو لم يسبق له مثيل وتواجه البلاد غموضا سياسيا حيث ستجرى انتخابات في مارس اذار لاول مرة منذ انتخابات عام 2009 التي أدت الى مظاهرات في شتى أنحاء البلاد. وفرض الغرب العقوبات التي تزداد احكاما بسبب البرنامج النووي الايراني الذي تقول طهران ان أغراضه سلمية تماما ولكن الغرب يعتقد أن هدفه صنع قنبلة ذرية. وبعد سنوات من العقوبات التي كان لها تأثير محدود تعد الإجراءات الأخيرة أول إجراءات قد يكون لها تأثير جدي على تجارة النفط الايرانية التي تشكل 60 بالمئة من اقتصاد البلاد. ووقع الرئيس الامريكي باراك أوباما عشية رأس السنة الميلادية الجديدة قانونا يقضي بفرض عقوبات جديدة على ايران ستمنع أي مؤسسات مالية تتعامل مع البنك المركزي الايراني من التعامل مع النظام المصرفي الامريكي مما يغلق الطريق الرئيسي لسداد مدفوعات واردات النفط الايرانية. ومن المتوقع أن يفرض الاتحاد الاوروبي عقوبات جديدة في نهاية هذا الشهر ومن المحتمل أن تتضمن حظرا لواردات النفط. وحتى الصين وهي أكبر شريك تجاري لايران والتي رفضت تأييد فرض عقوبات عالمية جديدة عليها تطلب خصومات لشراء النفط الايراني مع تقلص الخيارات أمام طهران. وخفضت بكين وارداتها من النفط الايراني بأكثر من النصف في يناير كانون الثاني وتدفع علاوات سعرية لشراء الخام من روسيا وفيتنام عوضا عن الخام الايراني. وردت ايران على تشديد العقوبات بخطاب حربي متزايد. وأثارت فزعا في أسواق النفط لفترة قصيرة عندما أعلنت الشهر الماضي أنها قد تمنع مرور شحنات النفط عبر مضيق هرمز اذا أضرت العقوبات بقطاعها النفطي. ثم أجرت مناورات بحرية استمرت عشرة أيام في الخليج وأجرت تجارب اطلاق صواريخ طويلة المدى قادرة على اصابة أهداف في اسرائيل أو القواعد الامريكية في الشرق الاوسط. ولكن تهديدها اليوم فيما يبدو باتخاذ اجراءات ضد الجيش الامريكي بسبب ابحاره في المياه الدولية ينقل الخطاب الهجومي الايراني الى مستوى جديد. وفي حالة تنفيذ العقوبات الامريكيةالجديدة بالكامل سيستحيل على كثير من مصافي تكرير النفط أن تدفع لايران ثمن الخام. ويسمح القانون بفرض الاجراءات الجديدة تدريجيا ويتيح لاوباما وقف تنفيذ بعضها مؤقتا لتفادي حدوث هزة في أسعار النفط. ومن المتوقع أن يدرس الاتحاد الاوروبي فرض إجراءات جديدة بنهاية الشهر الحالي ربما تشمل فرض حظر لواردات النفط. ولا تزال بعض دول الاتحاد الاوروبي مثل اليونان التي تعاني من أزمة من بين مشتري النفط الايراني الذين استفادوا من الخصم على سعر الخام الايراني. وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه ان باريس تريد اتخاذ اجراءات جديدة بحلول 30 يناير كانون الثاني عندما يجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد. وقال ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اقترح تجميد أصول البنك المركزي الايراني وحظر مشتريات النفط. وقال جوبيه لقناة (اي تيلي) الاخبارية التلفزيونية الفرنسية " فرنسا... تريد تشديد العقوبات وتقدم الرئيس (نيكولا ساركوزي) باقتراحين ملموسين فيما يتعلق بهذا الامر.. الاول هو تجميد أصول البنك المركزي الايراني وهو اجراء صارم والثاني حظر صادرات النفط الايرانية." وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية ان برلين تجري مشاورات مع دول الاتحاد الاوروبي الاخرى بشأن فرض "عقوبات جديدة نوعيا ضد ايران... لضمان نضوب مصادر تمويل البرنامج النووي الايراني." وقال مايكل مان المتحدث باسم كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي ان الدول الاعضاء ستبحث الموضوع هذا الاسبوع أملا في التوصل الى اتفاق بخصوص خطوات جديدة تتخذ قبل اجتماع 30 يناير. وقال "الكرة لا تزال في ملعب ايران." ومن غير المرجح أن تنضم الصين والهند ودول أخرى الى أي حظر نفطي لكن نتيجة لتشديد العقوبات الغربية سيكون في مقدورها الاصرار على مزيد من الخصومات على سعر النفط الايراني وهو ما من شأنه أن يقلص دخل ايران. وتقوم بكين بالفعل بمساومة قاسية. فقد خفضت مشترياتها من النفط الايراني لشهر يناير بنحو 285 ألف برميل يوميا أي أكثر من نصف الكمية التي بلغت 550 ألف برميل يوميا التي اشترتها من خلال عقد في عام 2011. واشترت الصين 11 في المئة من وارداتها النفطية من ايران في أول 11 شهرا من العام الماضي. وتأثير انخفاض دخل الحكومة الايرانية من مبيعات النفط يمكن لمسه في الشارع الايراني متمثلا في ارتفاع أسعار السلع التي تدعمها الدولة وتراجع قيمة الريال. وقالت بعض مكاتب الصرافة في طهران التي اتصلت بها رويترز انها أوقفت التعاملات حتى إشعار آخر. وقال حميد بخشي بوسط طهران "يتغير السعر كل ثانية ... لا نستبدل أي ريالات بالدولار او أي عملة أخرى." وقالت زهرة غبادي وهي ربة منزل كانت تقف في صف طويل في البنك "ادخر مبلغا في حسابي ... أحاول سحبه وتحويله الى دولارات." وهونت السلطات الايرانية من وجود أي صلة بين ارتفاع سعر الصرف والعقوبات الامريكية. وقال رامين مهمان باراست المتحدث باسم وزارة الخارجية "لم تطبق العقوبات الامريكيةالجديدة بعد. سيستغرق تطبيقها بالكامل بضعة أشهر." والتأثير الاقتصادي للعقوبات محسوس في ايران قبل انتخابات برلمانية في الثاني من مارس اذار وهي أول انتخابات منذ انتخابات الرئاسة عام 2009 التي أدى الخلاف على نتائجها الى تظاهر عشرات الاف الايرانين في الشوارع. وقمع حكام ايران تلك الاحتجاجات بالقوة ولكن انتفاضات "الربيع العربي" تبين أن الحكومات الاستبدادية في المنطقة معرضة لان تواجه اضطرابات. وفي علامة على التوتر السياسي داخل النخبة الايرانية قبل الانتخابات أصدرت محكمة ايرانية حكما بالسجن على ابنة الرئيس الايراني الاسبق اكبر هاشمي رفسنجاني اليوم الثلاثاء ومنعها من الانشطة السياسية لقيامها بترويج "دعاية مناهضة للدولة". وانحاز رفسنجاني الى جانب الاصلاحيين خلال المظاهرات بعد انتخابات 2009. وقالت وكالة الطلبة للانباء ان فائزة هاشمي رفسنجاني مثلت أمام القضاء الشهر الماضي بتهمة "القيام بحملة دعاية ضد المؤسسة الاسلامية". (شارك في التغطية هاشم كلنتاري في طهران وحميرة باموق في دبي وبرايان لاف في باريس وكيث وير ووليام ماكلين في لندن وفلورنس تان في سنغافورة)