أنزل مصر ولا منزلش؟..يسألنى صديقى المغترب.. وأجيب: هى دى عايزة استئذان يابنى ؟.. ما تنزل دى بلدك ..أنت بتسألنى سؤال غريب جدا ! لأ إزاى يا عم دى الدنيا عندكم مولعة والنور بيقطع ، والناس هتولع فى بعضها يوم 30 يونيو! "هتولع فى بعضها"؟ ..يا ساتر أنت يابنى بتقول كلام أقل ما يوصف به أنه يحول البلد لغابة الناس بتأكل فى بعضها ومفيهاش غير حرب أهلية ..إحنا مش الصومال ولا سوريا ربنا يعافى أهلنا هناك من اللى بيحصل فيهم. يا سيدى أنت مش عارف يعنى التجييش والحشد اللى شغال الله ينور بسبب بتوع "تمرد" و" تجرد" والناس داخلة فى صدام مرعب يوم 30 يونيو .."تمرد" عايزين يخلعوا مرسى من الحكم ،و " تجرد" نازلين يدافعوا عنه فى الاحتفال بمرو سنة على انتخابه. طب لما أنتم ولاد البلد واللى عارفين رأسها من رجليها وأهلكم فى مصر وأخبارها مبتنقطعش عنكم تقولوا كده ..يبقى الأجانب يقولوا عليها ايه ؟ أنا فعلا مش نازل مصر وهأقضى إجازتى فى تركيا السنة دى ! .. تركيا؟.. أنت مش عارف إن فى مظاهرات هناك ضد قرارات أردوجان ببيع الخمور ،والتيار الليبرالى عامل مظاهرات "بجد" مش "مشروع مظاهرات" زى اللى أنت خايف منها تحصل فى مصر يوم 30 يونيو ؟ لا يا باشا أنت مش واخد بالك إن مونديال كأس العالم للشباب هيتلعب هناك من 23 يونيو ،يعنى كمان 10 أيام كده ومنتخبنا هيلعب هناك والناس كلها مرشحاه ليكون مفاجأة البطولة ،بعد ما أخد بطولة إفريقيا للشباب بدون هزيمة واحدة ،وكسب كل ماتشاته مع غانا فى الافتتاح والختام مع إنها بطلة إفريقيا والعالم تحت 17 سنة وهو نفس الجيل اللى رايح مونديال الشباب، وفاز كمان على ونيجيريا والجزائر وبنين .. طب ما أنت ممكن تتابع هنا من مصر . يا عم مفيش قناة مصرية واحدة توحد ربنا ذايعة الماتشات ، وكله على الجزيرة الرياضية حصرى يا باشا... وأنا علشان أجى مصر وأطلب تعاقد وأعمل هيصة وسط الاضطرابات اللى فى البلد ،وبعد كده أنفعل وتيجى لى نقطة لو النور قطع وأنا بتابع ماتش من الماتشات ..طب أنا أحط نفسى فى قلق ليه؟. .. ألتزم الصمت التام من الحزن والقرف وقلة الحيلة. يكمل صديقى المغترب: نسيت أقولك كمان إن دورة ألعاب البحر المتوسط هناك فى تركيا ، وهتبدأ خلال أيام ، والسياحة هناك عاملة ترويج جامد أوى للحدثين "مونديال الشباب ودورة الألعاب". لا اشعر أن هناك جدوى من الجدل ،فقد إنطبع القلق والقرف على بعض المصريين بالخارج – وليس كلهم- مما يحدث فى مصر ،لكنى فى المقابل أجد رجلا امريكيا شديد البأس ،يومن بأفكاره ويسير وسط دروب اليأس والاحباط ، يحاولون جذبه من معطفه ،فلا يلتفت .. يهاجمونه بكل قسوة، ويتهمونه بأنه جاسوس ،فيكتفى بابتسامة ثم يمضى هادئا واثقا فى طريقه. تجرى معه وكالات الأنباء ومحطات التليفزيون العالمية أكثر من ريبورتاج ،ويتكرر نفس السؤال فى كل مرة :ألا تخشى من حالة الانفلات الأمنى فى مصر ؟.. ويجيب وكأنه مصرى أكثر من المصريين: عن أى انفلات أمنى تتحدثون؟.. وعن أى بلد تسألون؟.. أنا لا أشعر بما تقولون فى مصر .. أقيم هنا منذ أكثر من عامين..وزوجتى تسهر وتتسوق ليلا ونهارا ،ثم تعود إلى المنزل فى أمان ،بينما أفاجأ أن قنواتكم الفضائية تتحدث عن أحداث لا أرى لها أى وجود على أرض الواقع. هكذا يقول برادلى المدير الفنى لمنتخب مصر والذى حقق العلامة الكاملة فى مشوار تصفيات كأس العالم .. حارب الرجل ولا زال ،رغم كل المعوقات .. يضرب لنا مثلا أراه محرجا للمصريين ..حينما يرون رجلا يدافع عن علم بلادهم اكثر منهم ،ويتمسك بالبقاء فى مصر ، من أجل تحقيق حلم تأهل مصر للمونديال بعد غياب 24 عاما. ليس هناك على الأرض أخطر من رجل عاش من أجل فكرة..وليس هناك أسوأ من يهرب من مشكلات وطنه ، ويفترش أرض وطن آخر ، ويلتحف بسمائه !..مهما كانت مشكلات الوطن لابد أن نواجهها ،والناس لا تقيم وزنا لمن لا يقيم لوطنه وزنا