قبيل انتهاء مسابقة الدوري الممتاز لكرة القدم وهي أعرق وأقوي المسابقات التنافسية المحلية تشير كل الدلائل إلي أن عددا قليلا من المشاركين فيها هم فقط من يستحقون لقب أصحاب المقام الرفيع وهم أيضا بلغة الكرة أصحاب النفس الطويل.. ويحتل القطبان الكبيران الصدارة في تلك القائمة حتي مع التسليم بأن المقاصة استطاع أن يزاحم أحدهما هذا الموسم ويزيحه من مركز الوصيف الذي اعتاده وربما جاءت تلك المزاحمة لأسباب ليست فنية وإنما تعلقت بكثرة التغيير والتبديل في القيادة الفنية ولندرة الاستقرار.. فالقطبان العريقان هما من استطاعا وعلي مر المواسم وتعاقب السنين أن يقاوما الأنواء ويتصديا للرياح المعاكسة لأطول فترة ممكنة كما انهما يتحليان بالقدرة الفائقة علي استعادة التوازن والاستفاقة من الشرود والعودة بسرعة إلي موقعيهما المتقدمين واعتلاء الصدارة من جديد.. أما بقية الأندية فرغم الانطلاقات الموفقة والوثبات الطيبة والبدايات العفية غير ان هذه المقومات تتناقص تدريجيا مع تواصل المشاركات ومواجهة الكبوات والزلات لتفسح المجال للأندية القطبية لاستعادة مواقعها واحتلال أماكنها في المقدمة ولتعود الأندية الطامحة أدراجها وتقهقر خطوات وترضي بما نسميه شرف المحاولة... حدث هذا في الموسم الماضي مع اندية الداخلية وإبني وبتروجت.. وتكرر هذا الموسم مع المقاصة وحتي الاسبوع الفائت ليتوقف قطار الطموح وتتعطل مسيرة الأمل وليرضي الجميع بمركز الوصيف الذي لولا مشاكل القطب الأبيض لما تخلي عن استعادته. وإذا ما تحدثنا عن القطبين والقميين من أصحاب المقام الرفيع والنفس الطويل فإن القائمة لا تضم سوي الأهلي والزمالك فقط ومن الصعب ان يلحق بهما ثالث إلا لظروف استثنائية كما واجه الزمالك.. والناديان الكبيران لديهما مقومات لا تتوفر لغيرهما وتلك المقومات هي التي تدعمها وتعززها للتواجد القمي.. أولي هذه المقومات الشعبية الجارفة والجماهيرية الكاسحة.. وأزعم ان ثلاثة أرباع الجماهير الرياضية تتعاطف معهما.. وتتوزع البقية علي كل الأندية الأخري بل لعل هناك شريحة تمثل الجنسية المزدوجة كما يحدث بين السكندريين من تعاطفهم مع الأهلي بعد ناديهم سيد البلد وجماهير مدن القناة التي تشجع الزمالك بعد المصري والاسماعيلي.. من بين المقومات ايضا توفر الامكانات المادية والثروة البشرية فعندهما موارد عديدة حتي مع توقف ضخ عائد البطاقات الجماهيرية لغياب هذا العنصر وخواء المدرجات من بين المقومات ايضا المشوار التاريخي الطويل والتجارب والخبرات المتعددة وهذا وتلك تفرز كوادر قيادية لديها الدراية والمؤهلات التي تمكنها من حسن ادارة تلك الصروح وتعزيز مواقفها حتي وان مرت ببعض الفترات تقلد فيها بعض القيادات ليسوا علي المستوي اللائق فإن الجمعيات الواعية سريعا ما تتدارك الأمر وتتحسن الأوضاع ولهذه الاندية بروتوكولات ودساتير خاصة بها ولا يمكن ان تحيد عنها مهما تغيرت القيادات وتنوعت الكوادر.. ويعكس جدول ترتيب الدوري حاليا ما يمكن أن يسمح به القطبان من تواجد أحد المجتهدين لبعض الوقت.. لكنهما لا يمكن أن يقبلا بوجوده بينهما أو أمامهما لكل الوقت.. كل الأمنيات للأندية المجتهدة والطامحة وكل الأمل ان تزداد المساحة القمية لتقبل بمزيد من الأندية القطبية وليكون لدينا ثلاثي أو حتي رباعي قمي وقطبي ان شاء الله في القريب.