* أفرزت مباريات الأسابيع العشرة الماضية من مسابقة الدوري الممتاز ظواهر إيجابية متعددة. وكشفت عن معادن أصيلة ونفيسة في العناصر المختلفة التي شاركت فيها. ولأننا نسعي للتحدث عن نصف الكوب المملوء تاركين النصف الفارغ ليكشف عن نفسه.. فإننا سنحاول الكشف عن بعض المجتهدين من العاملين في الحقل التدريبي. الذين صنعوا من أنفسهم ولاعبيهم نجوماً شهيرة تفوقوا وتألقوا علي أقرانهم في الأندية القطبية الكبيرة مع أن لاعبي الفرق المكافحة لا يمكن مقارنتهم أو موازنتهم بالنجوم الآخرين من كافة النواحي خاصة بالنسبة للماديات حيث من الممكن أن يساوي فريقاً بأكمله قيمة ما تم دفعه للاعب واحد من الأندية الأخري.. يأتي علي قمة هؤلاء المدربين علاء عبدالعال. المدير الفني لنادي الداخلية. يحمل الكابتن علاء رتبة العقيد بوزارة الداخلية ولا يزال بالخدمة. بالرغم من تخصصه في مهنة التدريب. حيث وفرت له القيادات الشرطية التفرغ لأداء رسالته التربوية.. والفنية السامية.. ويتحلي هذا الرجل بالمقومات الشخصية الحازمة. والإمكانات الفنية اللازمة. التي جعلته قدوة ومثلاً يحتذي لكل لاعبيه.. وتمكن عبدالعال من إخراج كل ما بجعبة لاعبيه من كفاءة ولياقة ومهارة. ولم يكتف بهذا. بل دفعهم لأن يصبوا كل هذا في بوتقة الأداء الجماعي. ولتنامي المحصلة الإجمالية للإنتاج للذورة. فيقدموا عروضاً جيدة. ويحققوا نتائج طيبة جعلتهم يتربعون علي القمة لمدد وفترات. ويناطحون الأندية القمية لحين استكمال المباريات المؤجلة.. يميز علاء عبدالعال الواقعية. فلا يري فيما يصنع أموراً إعجازية. وإنما يقيمه بمنطقية. ويتمني أن يواصل تقديم المفاجآت ومواصلة المقاومات لإثبات أحقية وجود فريق الداخلية بين أهل القمة. * الثاني في هذا العقد الماسي هو الكابتن إيهاب جلال.. المدير الفني لنادي المقاصة.. لديه دأب كبير في تأهيل نفسه علمياً وفنياً مهما تطلب هذا التأهيل من التضحيات المادية.. يستغل جلال فترة التوقف بين المواسم ليشد الرحال علي نفقته الخاصة إلي أوروبا لينضم إلي فترات إعداد الأندية الكبري. ومتابعة التدريبات علي الطبيعة.. وينهل من هذه المعايشة ما يجعله ينمي خبراته ودرايته ويعينه علي تنويع وتعميق برامج إعداده.. وقد تمكن هذا الرجل المجتهد من الارتقاء بمكانة النادي الفيومي الذي دخل عالم الممتاز منذ سنوات قليلة. وليجعل منه شبحاً مخيفاً للكبار. حيث أنزل هزيمة نكراء بالأهلي. وتتحسب بقية الأندية القطبية عند ملاقاته.. ما يميز جلال أنه يتدرج بفريقه من حسن إلي أحسن ولا تصدمه أحياناً المفاجآت غير السارة عندما تقع. بل يسارع بعلاج أسبابها وتلاشي دوافعها لينهض من كبوته سريعاً وليعود من جديد أقوي مما كان عليه في السابق. * الثالث من الحبات اليانعة من العنقود. هو كابتن أحمد حسام.. هذا المدرب الشاب. حتي وإن اختلفت معه حول الأمور الشخصية التي تسببت في قصر عمره بالملاعب. وإنهاء تجربة الاحتراف بأسرع مما كانت. موهبته تفرضه عليها.. غير أنني لابد أن أعترف أنه استفاد كثيراً من تنقله كلاعب في الأندية الأوروبية. وتمكن من التقاط المهارات والقدرات التي تحلي بها بعض المدربين الأفذاذ الذين تدرب تحت قيادتهم.. يتمتع ميدو المدير الفني الشاب الذي بدأ تجاربه التدريبية بالزمالك. وانتهت بسرعة.. كما انتهت به حياته في الملاعب. فتلقفته قيادات الدراويش. وتوسمت فيه مدرباً جيداً.. ورغم أن حساسيته دفعته لتقديم استقالته بعد العروض والنتائج غير الجيدة مع البدايات. غير أن الدراويش تمسكوا به ورفضوا استقالته وأشعروه بالتعاطف وعاونوه في التواصل.. ميدو كمدرب شاب يشكل مشروع مدير فني واعد. شريطة أن يتخلي عن نسبة من اعتداده بشخصيته. وأن يتحلي بقدر معقول من الثقة بالنفس وأن يحاول اكتساب بعض من المشاركة الوجدانية مع الآخرين.. فضلاً عن ضرورة مواصلة التعلم. ولا أقصد بالتعلم المؤهلات العلمية التقليدية. وإنما الحصول علي الرخص التدريبية من الأكاديميات العالمية. وليس الاكتفاء بما استقاه من المدربين العالميين فقط. الثلاثي الذي سُقته للاستدلال علي الاجتهاد في مجال التدريب نجح كثيراً في قيادته للمباريات وأخفق قليلاً.. لم تدفعه النجاحات للغرور والتعالي ولم تتسبب الإخفاقات في اليأس والإحباط. ولا شك أن عدداً ليس بالقليل قد ينضم إلي قائمتهم الذهبية.. وقد يخرج من نفس القائمة بعض من ذكرته لأن عالم التدريب يقبل بالإجادة. ويسمح أيضاً بالتردي والفشل.