ببساطة شديدة وما أبقاش ببالغ أبدا لو قلت إنى فخورة إنى بعرف بنت اسمها هند عبد المتجلى. بداية معرفتى بهند كانت فى كلية الإعلام، عارفين الإنسان اللى أهلك دايما يدعوا ربنا سبحانه وتعالى يوفقك لصديق زيه؟ اللى ترتاح له أول ما تشوفه، اللى معرفتك بيه تدفعك لقدام وتحسسك دايما إنك عايز تبقى أحسن؟ الإنسان ده بالظبط هو هند. فى كل مرة كنت بشوفها بتؤدي الصلاة في وقتها، مابتجرحش حد و لو بالهزار، الدين عندها مبائ وسلوكيات، والحجاب حاجة فى قلب الواحد مش طرحة تتقلع في أي وقت، عاقلة ورزينة لدرجة كانت بتحسسنى فى أوقات كتير إنى عيّلة رغم إننا في سن واحدة! بشوشة وهادية تحت ى ظرف. كنت بحس إن ربنا أكرمنى لما رزقنى بصديقة زيّها. تمر الأيام ونتخرج و نتلهي فى زحمة الدنيا، وتندلع ثورة 25 يناير المجيدة ونتجمع من جديد على حلم الثورة، حلم تغيير البلد اللى ياما اتكلمنا عنه أيام الجامعة باعتبار إنه شئ بعيييييد قوى! رغم بعد المسافات وزحمة الحياة، من بين كل الناس اللى أعرفهم لما كنت أحس إنى خايفة أو قلقانة على البلد، كنت أكلم هند، تجاوبنى بإيمانها وهدوئها المعتاد إن ربنا سبحانه وتعالى مش هيسيبنا، وإن مصر هتفضل بخير، بكل الناس اللى بيحبوها، وتفكرنى بهتاف الميدان: "هم معاهم حديد ونار وإحنا معانا إله جبار". لكن فى أحد الأيام المشئومة فى تاريخنا، يوم مذبحة العباسية، فوجئت بخبر اعتقال هند، وفجأة لقيت السلطة والإعلام بيحاولوا يقنعونى إن هند المعيدة فى كلية الإعلام، اللى وجدت صعوبة كبيرة وأنا بكتب لكم عن أخلاقها وتديّنها واجتهادها كانت واخدة سلاحها ورايحة تقتحم وزارة الدفاع وتهين الجيش وتسقط الدولة!! وأنا بصارع إحساسى بالذنب لأنى هنام فى سريرى وهند هتبات فى الحبس، وأنا بقرأ اتهامات الناس ليها زى ما اعتادوا يتهموا الثوار دايما، وأنا بحاول أجاوب على سؤال إيه اللى ودّاها هناك، وأنا بحاول أقنع مجموعة من العبيد إن واحدة بالمواصفات دى مستحيل تعمل أي شيء ضد القانون، وأنا بتخيل إن هند عبد المتجلى أساسا اتقبض عليها! للمرة الأولى فى عمرى حسيت إنى زعلانة قوى من مصر، حسيت إن البلد اللى تهين أمثال هند ماينفعش تكون وطن نأتمنه على مستقبلنا! ماخففش من صدمتى إلا قرار الإفراج عن هند وزميلاتها (رغم إنهم لسّه على ذمة القضية) وبعدها كالعادة أدهشتنى هند وهى بتطمننا عليها من خلال الفيس بوك وبتقول "أنا بخير طول ما الثورة بخير". رغم إنى عارفة ومتأكدة إن إيمان هند كفيل بجعلها تتخطى أي محنة لازم نقول لها: "هند..أي شيء ممكن تكونى اتعرضتي له أكيد مش إهانة ليكي أو لزميلاتك بقدر ما هو إهانة لوطن اعتاد على مدى عقود يبيع الغالى بالرخيص ويشوّه أي معنى جميل فى حياتنا، وهفكرك بالكلام اللى كنتى بتقوليهولى ..ربنا مش هينسانا أبدا وكل الأزمات دى هتبقى ذكرى نفتكرها ونحنّ لها، وجايز نضحك عليها، وهنفخر مع كل إنجاز بلدنا هتحققه، مع كل إنسان عايش حياة كريمة لما ثورتنا تنجح. ولأن التاريخ بيكتبه ناس زيك إنتى، كل الظلم والإهانات وعدم التقدير هيتمسح ويضيع. وهنفتكر بس بنت مصرية جدعة اسمها هند عبد المتجلي، خاطرت بحياتها لأنها رافضة القتل والظلم والسحل، حتى لو كان لناس مختلفة معاهم فكريا، فى الوقت اللى رجالة بشنبات ناموا فى البيوت!!