مش عارف ليه قلت أكتب تجربتي رغم إنها بتحصل كتير حواليا، ومنتشرة في المجتمع، بس يمكن حد يفكر بطريقتي.. أنا شاب من بداية مراهقتي لحد شبابي بكره العيلة.. آه أنا كنت بكره عائلتي بطريقة مش ممكن تتخيلوها.. تقولي إيه السبب أقولك معرفش! بس أنا بكرهها من مراهقتي وبداية التمرد والحماس اللي بيجي لكل اللي بيدخل المرحلة دي، حسيت إني مكروه في العيلة دي ومحدش بيحبني وكل مشكلة لازم أكون طرف فيها، حتى لو بتخص الجيران، وكنت بتعاقب على أخطاء الغير. واللي ساعد على كده، إني أصغر واحد في إخواتي فكنت بشوف ليهم امتيازات وحقوق أكتر منى بكتير، مع إن أنا المفروض الصغير والمتدلع وكده، بس كنت بشوفهم هم اللي بيتدلعوا، هم اللي بيسهروا ويخرجوا وأنا محبوس في البيت يا ويلي لو ظبطوني مرة سهران بتفرج على فيلم أو مسرحية، محبوس في أوضتى طول اليوم بذاكر وسط أطنان كتب وهم قاعدين بيضحكوا بره، ولو خرجت أقعد معاهم ألاقيهم كلهم بيقولوا لي ادخل ذاكر، أنزل أروح الدرس أو المدرسة ألاقيهم ماسكين لي الساعة، اتأخرت ليه؟ وكنت فين؟ وأخدت إيه في المدرسة؟.. والكلام ده، وكل شوية ألاقيهم بيقولوا لي إنت ذاكرت إيه؟ طب تعالى نراجع نشوف ذاكرت بجد ولا لا! جاتلي عقدة من المذاكرة ومن الدراسة بحالها، رغم إني كنت متفوق في دراستي، إلا في فترة ثانوي فشلت بسبب الحصار اللي كان حواليا بكل الطرق..وفي وسط الزحمة دي، توفيت مامتي اللي كانت حمايتي وسط طوفان الأوامر اللي باخدها كل يوم منهم.. حسيت بوحدة بشعة، وكرهتهم زيادة وبقيت أحاول أهرب منهم، دخلت الجامعة وأنا منعزل عن أهلي نهائي طول يومي بقضيه وسط صحابي، وفى البيت أقعد لوحدي على الكمبيوتر، لحد ما أنام كنت بقعد بالأيام مبشوفش والدي وإخواتي وكنت بتحاشى أتكلم معاهم! كان معظم اللي يعرفوني فاكرين إن معنديش أهل، وعايش لوحدي! بسبب إني مبجبش سيرة أهلي أو إخواتي في أي موضوع أو كلام، وكنت لما بسمع حد من صحابي بيحكي عمل إيه مع إخواته لما خرجوا، أو عيد ميلاد حد منهم، أي حاجة بيعملوها، بقول في سرى يا بختك أنا معنديش الكلام ده! عمري ما شوفت إخواتي بيخرجوا مع بعض، أو بيعملوا حاجة مع بعض زي بقية الناس! دورت وسط الناس اللي أعرفهم، على عيلة تانية، كنت بشوف في ده أخويا، ودي أختي، أو دي زي مامتي، بس للأسف كان الوقت بيخلص، وأمشي من غير ماحد يفتكرني! عرفت ناس كتير وقلت دول إخواتي اللي هكمل معاهم حياتي، بس مفيش حاجة بتدوم! كنت متلخبط في قرارتي، وفي كل حاجة، لدرجة إني معملتش ولا حاجة صح طول فترة الجامعة، مكنتش لاقي حد يحبني ويخاف عليا، آخد رأيه في موضوع، وكنت في البيت طبعًا بتحاشى الكلام معاهم في أي موضوع يخصني، عشان محدش يعرف عني حاجة! كانت صورتهم دايمًا في خيالي إنهم بيعاملوني زي الطفل اللي لازم يتعاقب على أى حاجة وملهوش أى حياة أو خصوصية ويتحكموا فيا بالريموت كنترول! لحد ما في يوم صدمني كلام صديقة ليا، قالت لي بلاش تعيش في الأوهام دس، إنت شايف صورة عيلتك في خيالك زي ما إنت من طفولتك، طوَّر الصورة دي وغيَّر فكرتك عنهم، وحاول تشوفهم بعيون واحد طبيعي. فكرت في كلامها، لقيت إني كنت غلطان بجد، غلطان إني قعدت فترة طويلة مش ببص لهم ولا بشوفهم إلا زي ما كنت بشوفهم زمان، ولما فكرت، لقيت إن أخويا هو صاحبي من طفولتي، وأنا مش واخد بالى، وهو الوحيد اللي كان بيخاف عليا، وكل خناقة اتخانقها معايا عشان كان عايزنى أكون الأحسن، عمره ما بخل عليا بمعلومة، وكان كل حاجة بعملها، يصححها لي، ويقول لى ده غلط ليه وصح ليه، إخواتى عمري ما شوفت حد في حنانهم، يمكن كل واحد ليه طريقة في تعبيره عن حبه وحنانه، وده اللي مكنتش بشوفه، كان كل حاجة بيعملوها بشوفها تحكم فيا، لكنها كانت حب وخوف حقيقي عليا، واكتشفت إن والدي اللي كنت بخاف أتكلم معاه كلمتين على بعض، أطيب وأحن أب في العالم، قعدت أراجع التضحيات اللي علمها عشاني وأنا مش واخد بالي، عرفت إني كنت أغلى حاجة عنده، حتى من إخواتى الكبار، وبقينا نخرج مع بعض، ونقعد نهزر بالساعات، كأنه أعز أصحابي، ويقعد ينصحني بخبرة السنين ويقول لي على الصح وعلى الغلط، ويفتخر بيا وسط أصحابه في كل مكان. أنا غلطت غلط كبير إنى قعدت عشر سنين بعيد عن العيلة بتاعتى، عايش في وهم إنهم بيكرهونى، مع إنهم أقرب وأحن حد عليا، غيّرت وجهة نظري، يمكن متأخر، بس المهم إنها اتغيرت للصح، غيرتها للحب، حبيتهم زي ما هم بيحبونى، لقيت حياتي اتغيرت، وبقت صافية، بقيت أحب أقضي معاهم أطول وقت ممكن، ولما بلاقي حد حواليا زعلان من أهله، بروح وأقول له حكايتي، يمكن أخليه يفهم ويعرف غلطه، قبل ما الوقت يجرى ويعدي بيه. عمرك ما هتلاقي زي حبهم، ولو مش مصدق، بص مين أول حد بيفرح لفرحك، ويحزن لحزنك، ويتألم لوجعك، صدقني مش هتلاقي زيهم. نشرت بمجلة كلمتنا شهر 4 / 2009