هل جربت مسبقا أن تتسلق الجبال ؟ .. ربما هل جربت ان تتزحلق على الجليد ؟ .. ربما ولكن هل فكرت حقا أن تتسلق أبراج السفارات ؟ أو تتزحلق على البلكونات ؟ عند رؤيتى لأحمد الشحات وهو يتسلق مبنى السفارة الإسرائيلية تذكرت نفسى عندما كنت صغيرا وقام أخى الأكبر بحبسى فى البلكونة كنوع من أنواع "الهزار البايخ" ، وقتها حسبت نفسى ضمن الأبطال الخارقين الذين تعودت أن أراهم على "سبيس تون" ، وأخذت أفكر فى طريقة مناسبة تجعلنى أخرج من هذه الورطة دون أن ألجأ إلى التذلل إلى أخى ، وعلى رأى الشاعر "وعزة نفسى منعانى" ، المهم فكرت فى أن أقفز إلى الشارع خاصة وأنا أسكن فى الدور الثانى ، ولكن تذكرت ذلك اليوم الذى صدقت نفسى فيه بأننى مثل "جاكى شان" وقفزت من الحنطور مثلما فعلها جاكى ولكنى تدحرجت مثل "الكرة الشراب" لأسقط أسفل الحنطور ويطحن قدمى مثل الدقيق ، فتراجعت عن الفكرة فورا ، وأخذت أفكر قليلا حتى وصلت إلى حل بسيط وهو أن أقوم بفك حبل الغسيل من جانب واحد فقط حتى أتسلق عليه نزولا إلا الشارع ، وبالفعل قمت بفك الحبل ، وأخذت أترقب الشارع حتى يصبح فارغا كى لا يلمحنى أحد ويظننى لصا أو أحد الأطفال الأغبياء ، حتى جائت اللحظة المناسبة وصعدت على السور وقبل أن أتعلق بالحبل قام أخى بفتح باب البلكونة ، "وهرانى تريقة" .. !! ربما تذكرت هذا الموقف لأنه يتعلق بالتسلق والبلكونات وربما لأنه يتعلق بعمل بطولى .. عندما كنت طفلا وأقوم بهذا الفعل الأحمق ، من داخلى أشعر بأنه عملا بطوليا أتحدى به الخوف بداخلى وأفعل مثلما يفعل الأبطال الخارقون ولكن رد فعل الآخرون إما بالسخرية أو بالتخويف والتحذير من هذه الأفعال الجنونية ، ولكنى عندما كنت أقوم بفعل مثل تلك الأشياء الجنونية لم يأت على بالى ما النتيجة ولكن كنت أفكر دائما فى السبب الذى دفعنى لذلك ، فمثلا عندما أردت أن أقفز من البلكونة ، كان السبب هو حفظ كرامتى وعدم التذلل لأخى لكى يفتح لى الباب ، وعندما قفزت قبلها من الحنطور وكادت رجلى أن تكسر ، كان السبب أيضا هو حفظ كرامتى بعد أن رفض السائق الوقوف وسخر منى ، لذلك أرى الأمر متشابه مع أحمد الشحات ، إنه بالطبع لم يفكر فى نتيجة ما يفعل ولكن كل ما فكر فيه هو السبب الذى دفعه لذلك ، دماء إخوانه ، عدم التذلل لإسرائيل مرة أخرة ، حفظ كرامة المصرى وحرق العلم الذى طالما تسبب فى تلك الإهانة ، وإذا كان القادة لا يستطيعون إعطاء الشعب حقه فسيقوم بإنتزاعه .. أعتقد أن هذا هو ما جال على خاطره فى تلك اللحظات .. أعتقد أن بداخل كل مصرى طفل يصون كرامته ويرفض إهانتها ولا ينظر إلى النتائج بقدر ما ينظر إلى الأسباب .. طفل مثل الذى كان بداخلى ومازال ينمو .. طفل يهوى الكبرياء .. ويعشق "رياضة تسلق السفارة والتزحلق على البلكونات" .. !!