فيما ترتفع يومياً أعداد المصريين المقيمين بالخارج لتسجيل بياناتهم في اللجنة العليا للانتخابات، سادت حالة من الجدل حول أحقية المصريين المقيمين بإسرائيل في التصويت بالانتخابات القادمة، وأحقية تسجيل بياناتهم في اللجنة العليا للانتخابات. يأتي ذلك فيما أعلن أشرف عبدالوهاب وزير الدولة للتنمية الإدارية، أن عدد المصريين بالخارج الذين سجلوا على موقع اللجنة العليا للانتخابات وصل إلى نحو 136 ألف مصري، وأن 80% من هذا العدد جاء من المصريين الموجودين بالدول العربية، بينما سجل 9 مصريين بإسرائيل فقط بياناتهم، ويؤكد هذا الإعلان أنه لا توجد إجراءات استثنائية اتخذتها مصر بشأن عملية تصويت المصريين المقيمين بإسرائيل. وتعيش الجالية المصرية في إسرائيل حالة من النشوة قبيل الانتخابات البرلمانية التي ستشهدها مصر يوم 28-11-2011، في حين تجري التحضيرات الرسمية في السفارة المصرية والقنصلية المصرية في تل أبيب وفق التعليمات المنبثقة عن الهيئات المصرية ذات الصلة. 5 آلاف مصري مقيمون في إسرائيل وعلمت "العربية.نت" أن هذه الجالية التي ستضع أصواتها في صندوق سيوضع في السفارة المصرية في تل أبيب، حددت بوصلتها فيما يتعلق بهوية الحزب الذي تريد دعمه وانتخابه، ويبدو أن حزب المصريين الأحرار سيحظى بحصة الأسد من أصوات نحو 5 آلاف مصري مقيمين في إسرائيل، مسلمين ومسيحيين "يتطلعون إلى دولة مدنية، ويرفضون أي توجهات دينية في الانتخابات". وقال شكري الشاذلي، رئيس رابطة المصريين في إسرائيل في حديث ل"العربية.نت"، إن معظم المصريين المقيمين في تل أبيب يحملون رقماً وطنياً مصرياً وقاموا بتسجيل بياناتهم في المواقع الإلكترونية المخصصة للانتخابات من أجل المشاركة فيها والمساهمة في صياغة مستقبل مصر، وأن هذه الانتخابات تلقى اهتماماً كبيراً في أوساطهم، وأن مصدر معلوماتهم الأساسي يعتمد على الإعلام والمواقع المخصصة لذلك، إضافة إلى طلب المساعدة من القنصلية المصرية في بعض الحالات. مستقبل مصر هو الدولة المدنية وحول هوية ومقوّمات الدولة المصرية التي يطمح لها المصريون في إسرائيل قال الشاذلي: "نريد دولة بعيدة عن الشعارات الدينية من أي حزب كان. نقول هذا لأننا نرى أن أفضل شيء لمستقبل مصر هو الدولة المدنية التي فيها حقوق متساوية لجميع المصريين. إننا في الجالية المصرية مسلمين ومسيحيين نؤيد هذا التوجه وأستطيع أن أقول بأن هناك شبه إجماع على ذلك. إننا نؤيد أحزاباً يترأسها مثقفون وأكاديميون ينادون بدولة مدنية وحزب المصريين الأحرار يمكن أن يحصل على النسبة الأكبر من أصوات الجالية المصرية في إسرائيل". لم نعد منبوذين لإقامتنا بإسرائيل وتحدث الشاذلي عن أهمية الانتخابات قائلاً: "هذه التجربة الجديدة تبث روح الأمل والتفاؤل في نفوس المصريين في إسرائيل، ولأول مرة تحظى الانتخابات المصرية باهتمامنا، لأن الانتخابات في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك كانت شكلية، وبالتالي لم نكن نتوجه لمصر للتصويت، وآلية التصويت من الخارج لم تكن موجودة في عهد مبارك، والانتخابات برمتها لم تكن مهمة". وزاد الشاذلي أن أبناء الجالية المصرية في تل أبيب يعيشون تغييراً حقيقياً وملموساً بعد الثورة "فهذا الأمر نلمسه بالوضع العام، ولم يعد هناك فرق بين المصري المقيم في إسرائيل أو في أمريكا أو أوروبا أو أي مكان آخر، ففي عهد مبارك كان المصري المقيم في إسرائيل يعامل معاملته المنبوذ ولا حقوق مواطنة له. أما اليوم فإننا نشعر بالتسهيلات بشتى المناحي ومنها تسهيلات في دخول مصر، بل حتى بتنا نشعر بأن السفارة في تل أبيب تنفذ سياسة جديدة وتتواصل بشكل أكبر معنا كمصريين مقيمين في إسرائيل". وينظر الشاذلي بأهمية بالغة إلى موضوع منح المصريين في الخارج حق التصويت ويرى بأن له انعكاسات إيجابية عليهم وعلى انتمائهم للبلد الأم، خاصة المقيمين منهم في إسرائيل. "التصويت في الخارج وخاصة بالنسبة للمقيمين في إسرائيل يحيي الروح الوطنية وروح الانتماء تجاه بلدنا وهذا الأمر ينتقل أيضا لأولادنا. هذا لا يعني أننا نفقد الشعور بالانتماء والوطنية تجاه مصر، ولكن المعنى أن هذه الأجواء تعطينا دفعة كبيرة واهتماماً أكبر بشؤون مصر ومستقبلها، فكأننا كنا في غيبوبة طيلة السنوات الماضية وبدأنا نصحو منها". وأضاف الشاذلي في حديثه ل"العربية.نت" أن المصريين في إسرائيل باتوا يشعرون لأول مرة بالمتعة والإثارة عندما يدور الحديث عن انتخابات في مصر، ويتناقشون ويتبادلون الرأي ويهتمون بكل التطورات صغيرة كانت أو كبيرة. وهذا بعكس ما كان سائداً في الماضي". وأشار الشاذلي في معرض حديثه إلى أنه لا يستبعد عودة عدد كبير من المصريين المقيمين في إسرائيل إلى بلدهم في حال تحسنت الأوضاع وتغيرت الظروف، "بل هناك منهم من بدأ يفكر في البحث عن شركاء ورجال أعمال من الخارج من أجل الاستثمار في مصر والنهوض بالاقتصاد المصري والمساهمة الإيجابية في تطور مصر الحديثة حتى لو كانت هناك بعض الصعوبات". رسمياً تسعى كل من السفارة المصرية والقنصلية المصرية في تل أبيب لتنفيذ التعليمات الواردة إليها من مصر حول الانتخابات بحذافيرها. ورغم أن التجربة التي يعيشها المصريون عامة في الداخل والخارج هي تجربة جديدة، إلا أن مصدراً في السفارة المصرية قال في حديث ل"العربية.نت" إن التحضيرات في تل أبيب تتم بهدوء كبير حتى هذه المرحلة ولا تحمل أي طابع خاص يختلف عما هو عليه حال تحضيرات السفارات والقنصليات المصرية المتواجدة في دول أخرى، فكل شيء عادي جداً ويعتمد بالأساس على التعليمات الواردة من مصر والصادرة لجميع الهيئات الممثلة لمصر في الخارج بغض النظر عن موقع تواجدها. أما القنصل المصري في تل أبيب سامح نبيل، فأكد بدوره ل"العربية.نت" التزام القنصلية بالتعليمات الواردة من مصر، "والتي لا تختلف عن التعليمات التي تم توجيهها لأي سفارة أو قنصلية في دول أخرى. نحن نتعامل مع الموضوع بكل جدية والتصويت سيتم بموعده المحدد من قبل الهيئات المصرية المختصة ووزارة الداخلية، وآليات العملية الانتخابية في تل أبيب لن تختلف عن الآليات العامة التي تم تحديدها لجميع المصريين في الخارج. إننا نقوم بواجبنا على أتم وجه خدمة لبلدنا ومن أجل إنجاح العملية الانتخابية". وذكر نبيل أن الجالية المصرية في تل أبيب كما باقي الجاليات المصرية في أنحاء العالم تحصل على المعلومات الأساسية المتعلقة بالانتخابات، وتقوم بالتسجيل للمشاركة في الانتخابات من خلال المواقع الإلكترونية التي تم تخصيصها لهذا الشأن، والقنصلية والسفارة لا تتدخلان بهذا الموضوع، لكنهما بالأساس تقومان بالمهام المطلوبة منهما في نطاق صلاحياتهما فقط". وتنظر محكمة القضاء الإداري غداً في دعوى قضائية تطالب بمنع تصويت المصريين المتزوجين من إسرائيليات أو المقيمين في إسرائيل في الانتخابات التشريعية القادمة بناء على حكم سابق من المحكمة الإدارية العليا بإسقاط الجنسية المصرية عن المتزوجين من إسرائيليات. وتعليقاً على ذلك يقول المستشار أحمد النجار رئيس محكمة بورسعيد ل"العربية.نت"، إنه إذا كان هناك حكماً باتاً بإسقاط الجنسية المصرية عن المصريين المتزوجين من إسرائيليات فهذا يكفي لمنعهم من التصويت، ولا يحق للمصريين في إسرائيل تسجيل أنفسهم في قاعدة بيانات الناخبين باللجنة العليا، ولا يحق للجنة قبول تسجيل أسمائهم أيضاً، لأن حكم إسقاط الجنسية يعتبر حكماً كاشفاً، لأن المصري في هذه الحالة يعتبر فقد شرطاً من شروط تمتعه بالجنسية المصرية، وآثار هذا الحكم تمتد إلى استبعداهم من الكشوف الانتخابية. المأزق الذي يواجه عملية تصويت المصريين بإسرائيل في الانتخابات القادمة ليس فقط في قبول تصويتهم وتسجيلهم في الكشوف الانتخابية من عدمه، ولكن في إمكانية الطعن على الانتخابات بشكل عام بسبب أصوات المصريين المقيمين في إسرائيل لعدم شرعية أصواتهم استناداً إلى حكم سابق للإدارية العليا بإسقاط الجنسية عن المتزوجين من إسرائيليات صدر في يونيو/حزيران عام 2010. ولفت مصدر قضائي في اللجنة العليا للانتخابات إلى أنه في ذات الوقت فإن عدم إجراء الانتخابات في جميع دول العالم التي يتواجد بها مصريون ومن بينها إسرائيل ستكون مهددة بالبطلان ويحق لأي مصري الطعن على عدم تمكينه من التصويت. ويؤكد المستشار أحمد النجار رئيس محكمة بورسعيد ل"العربية.نت" "أن مباشرة الحقوق السياسية حقوق طبيعية لأي مواطن مصري ما لم يصدر عليه أحكام جنائية، وبالتالي من حقه التصويت والترشح في الانتخابات، وفي حالة المصريين المقيمين في إسرائيل فإن إسرائيل دولة شأنها كأي دولة في العالم، ونحن لنا معها معاهدة سلام، فهي من الناحية القانوينة ليست دولة عدوة، فلماذا نحرم المصري المقيم في إسرائيل سواء كان متزوجاً من إسرائيلية أو يعمل في أي جهة هناك؟، فالمصري هناك من حقه الترشح والتصويت أسوة بغيره من المصريين في أي دولة أخرى، وإذا تم حرمانه دون أي سند قانوني هنا سيكون من حق أي شخص ومن حقهم أيضا الطعن على الانتخابات برمتها". وكان الدكتور خالد نديم أحد المرشحين في الانتخابات المصرية قد أقام دعوى قضائية لمنع المتزوجين من إسرائيليات والمقيمين في إسرائيل من التصويت في الانتخابات القادمة، مؤكداً أن السماح للمقيمين في إسرائيل والمتزوجين من إسرائيليات بالتصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة ينسف شرعيتها باعتبارهم مقيمون في دولة العدو ولديهم انتماء لإسرائيل رغم تمتعهم بالجنسية المصرية .