تداول 56 ألف طن بضائع عامة و693 شاحنة بمواني البحر الأحمر    رابطةُ العالم الإسلامي تُرحِّبُ بإعلان أستراليا عزمَها الاعترافَ بالدولة الفلسطينية    بعد وصوله إلى القاهرة.. خوان ألفينا يوجه رسالة لجمهور الزمالك    تقارير: إيفرتون يقترب من حسم إعارة جريليش    أمير كرارة يتصدر شباك تذاكر السينما السعودية    برعاية وزارة الشباب والرياضة.. تكريم شيري عادل في مهرجان إبداع بدورته الخامسة    فوائد السمك المذهلة لصحة الجسم والعقل.. لماذا يجب تناوله مرتين أسبوعيًا؟    إزالة 155 حالة تعدٍّ ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال27 ببني سويف    الأولى من التيك توكرز.. إحالة أم سجدة إلى المحكمة الاقتصادية    تعرف على كيفية إجراء الكشف عن تعاطى المخدرات للاعبين بمختلف الألعاب الرياضية    مدبولي: ملف حقوق الإنسان شهد تحولات إيجابية تعكس التزام الدولة بمسار الإصلاح الحقوقي    إسرائيل تنفذ تفجيرا بالخيام وطيرانه يكثف تحليقه بالبقاع اللبناني    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    تعرف على أخبار البورصة ليوم الاثنين 11-8-2025    «لمحبي الشاي».. 5 أخطاء شائعة عند تحضيره تحوله لمشروب يضر بصحتك    الداخلية تضبط 4 متهمين باستغلال أطفال في أعمال التسول بالقاهرة والجيزة .. صور    "مركز الأرصاد" يرفع درجة التنبيه إلى "الإنذار الأحمر" على منطقة جازان    شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز الدعم العلمي والدعوي والتَّدريب الديني    صراع إيطالي للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    شوبير: كوبري وسام أبو علي؟ عقده مستمر مع الأهلي حتى 2029    بطولة عمرو يوسف.. التجهيزات النهائية للعرض الخاص لفيلم درويش (صور)    ما حكم تأخير الإنجاب في أول الزواج بسبب الشغل؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    البورصة المصرية تخسر 335 مليون جنيه في ختام تعاملات الاثنين    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية خلية العجوزة    السقا: التعادل أمام الأهلي بطعم الفوز.. ولا أعلم سبب اعتذار حسام حسن فهو ليس كمتعب    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    أوسكار يراجع تقييم الأداء في الدوري مع 4 حكام بعد الجولة الأولى    "اليوم" يعرض تقريرا عن الفنان الراحل نور الشريف فى ذكرى وفاته    غدا.. انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    12 Angry Men وثيقة فنية دائمة الصلاحية |فضح الحياة .. لا تمثيلها!    فعاليات نادي سينما الإسماعيلية ضمن محور «أنت قلب الحكاية»    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف 2025 مكتوبة وجاهزة    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    محافظ الفيوم يعتمد تخفيض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام والفني    إجراء 15 عملية قلب مفتوح وقسطرة علاجية في الفيوم بالمجان    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    مصرع 4 أشخاص وإصابة 3 في حادث تصادم بطريق "رأس سدر"    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    ترامب يتعهد بإخلاء واشنطن من المشردين..و"إف بي آي" يشارك في دوريات ليلية    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    في سابقة تاريخية.. بوتين يزور ولاية ألاسكا الأمريكية    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود خليل : نظرية «عفا الله عما سلف»
نشر في 25 يناير يوم 24 - 07 - 2011

جمعنى أكثر من لقاء بالدكتور عبدالفتاح البنا الذى سماه الدكتور عصام شرف وزيراً للآثار لبضع ساعات ثم تراجع عن ذلك، ورغم أن الظروف لم تسمح لى ولا له ببناء علاقة عميقة بيننا إلا أننى أستطيع القول إن اللقاءات التى جمعتنى به أعطتنى انطباعاً عنه كشخصية متزنة لديها شغف بالإصلاح وإيمان بالدفاع عن المصلحة العامة.
لذلك فقد تفاجأت عندما وجدت اسمه بين التشكيلة الجديدة للوزارة المعدلة للدكتور شرف. وأنى لى ألا أتفاجأ وأنا أشاهد الدكتور عصام شرف قد بادر إلى الاستعانة بالصف الثانى من أعضاء وأحباء الحزب الوطنى «المنحل» فى وزارته التى شكلها بعد الموجة الأولى للثورة التى أطارت رؤوس الصف الأول للحزب. وعندما احتشد الثوار فى جمعة الإصرار التى شكلت بداية الموجة الثانية للثورة إذا بنا نجده يستدعى عناصر من الصف الثالث للحزب المنحل ويسميهم وزراء!!.
فى هذا السياق جاء إحساسى بالمفاجأة، فالدكتور «البنا» - فى إطار ما أعرفه عنه - بدا كنغمة نشاز وسط جوقة الفلول، لكن سرعان ما عالج الدكتور «شرف» ذلك الإحساس الذى تولد لدىّ فبادر إلى إقصائه من الوزارة بعد حوار بينهما أعلن عن تفاصيله الدكتور «البنا»، وذكر فيه أنه أفصح عن نيته بفتح جميع الملفات القديمة للفساد بوزارة الآثار للدكتور «شرف»، فما كان من الأخير إلا أن قال له «عفا الله عما سلف»!.
وبقدر بساطة هذه الجملة التى وردت فى القرآن الكريم بقدر ما تعد الرسالة المعجزة التى تفسر لنا نظرية الدكتور عصام شرف فى إدارة دولاب الحكومة منذ توليه رئاستها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن. ففيما يبدو أن الرجل يرى ضرورة إغلاق كل الملفات القديمة للفساد ليس فى مؤسسة الآثار فقط بل فى جميع مؤسسات الدولة، والعفو عما اقترفه مجرمو العصر الهالك من جرائم والتجاوز عما ارتكبوه من موبقات أفسدت حياتنا وأدت إلى تراجع مصر داخلياً وخارجياً.
وجوهر المشكلة فى التمحك بالقول الكريم «عفا الله عما سلف» أنه يسقط مبدأ الحساب. فمهما أفسد المفسدون ومهما سلبوا ونهبوا وأهانوا وقتلوا ودلسوا وزوروا فالعفو عنهم أوجب على الأقل من أجل استقرار الأوضاع، وكم من جرائم ارتكبت فى هذا البلد خلال الأعوام الثلاثين الماضية باسم الاستقرار، وكم من جرائم يمكن أن ترتكب فى المستقبل تحت يافطته لا لشىء إلا بهدف المحافظة على ثبات النظام الفاسد الذى يستهدف البعض حمايته، لا لشىء إلا لأن الرأس الذى نجح الشعب فى قلعه فى الحادى عشر من فبراير الماضى لايزال يلعب ومتصلاً بالمراكز العصبية لجسد النظام الذى غذاه طيلة السنين الماضية، ولم يزل يرسل إليه الإشارات التى تحدد مساراته وتصنع قراراته، رغم كل الشائعات التى يحاول الإعلام الرسمى ترويجها عن صحة المخلوع، وآخرها ما جاء على لسان محاميه «فريد الديب» من أنه أصيب بسكتة دماغية رغم أن الأحداث تثبت لنا يوماً بعد يوم أن الرأس لايزال يعمل!.
وإسقاط مبدأ الحساب بما يعنيه من طى صفحة الماضى لا يضع أساساً صالحاً لبناء الحاضر ولا لصياغة المستقبل لأنه سوف يأتى بمن يواصل مسلسل النهب والسحق والفساد اعتماداً على أن لحظة الحساب لا تأتى، وإذا أتت فسوف تنجيه منها نظرية «عفا الله عما سلف»، كما أنجت من فسد من قبل، وفى سياق ذلك يمكن أن يأتى اليوم الذى نتوقع فيه أن تخرج علينا السلطة الحاكمة لتطلب من الشعب العفو عن مبارك وأولاده ورجال حكمه وزبانية عهده.
ويبرر هذا التوقع لعبة «المماطلة» التى تنتهجها أطراف السلطة فى مصر حالياً ومحاولة تمرير الوقت بأى صورة من الصور اعتماداً على الذاكرة المثقوبة للشعب، التى لا تحتفظ بالأحداث كثيراً وما أسرع ما تنسى وما أسهل ما تميل إلى الصفح، وسوف تجد قطاعاً من المصريين يتعاطف مع هذا المبدأ حين يطرح، بل إن هناك من يتعاطف مع فكرة العفو عن المخلوع وآله ورجاله من الآن !.
ولهؤلاء جميعاً - ومعهم الدكتور عصام شرف - أتوجه بالسؤال: ماذا لو لم تنجح ثورة الخامس والعشرين من يناير وتمكن الرئيس المخلوع من احتواء الموقف، واستطاع أن يستمر فى منصبه كرئيس للجمهورية؟ هل كان من الممكن أن يعفو عن الذين هتفوا ضده وطالبوا بإسقاطه ويقول مثلما قال الدكتور عصام شرف «عفا الله عما سلف»، أم كان سيصلب من تظاهروا ضده - ومن بينهم الدكتور عصام شرف - فى ميدان التحرير؟!.
هل نسيتم أن مبارك لم يغفر لأيمن نور النزول ضده فى انتخابات الرئاسة عام ???? وتربص به رغم فوزه بالحكم بطرقه المعتادة فى التزوير حتى حكم عليه بالسجن سبع سنوات كان الرجل يعانى فيها من قهر السجن والمرض ونادى العديد من الجهات الحقوقية المخلوع بالعفو عنه دون أن يلين للمخلوع جانب؟!
إن رفع عبارة «عفا الله عما سلف» فى هذا السياق لا يعنى سوى محاولة لحماية النظام الذى ورثناه عن العهد البائد. فالآية الكريمة تتحدث عن المولى عز وجل الذى يملك وحده العفو عمن عصاه، والله تعالى لا يرضى أن يُضيع العباد حقوق بعضهم البعض، وقد جعل القصاص سراً من أسرار الحياة «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب».
وإذا كان العفو عن المفسدين وإهدار الحقوق أصلح لحياة البشر وأدعى إلى استقرار أحوالهم لأمرنا الله به، فالحديث عن الاستقرار هنا هو ترويج للفساد «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض»، وليس من المقبول أن تنتزع الآيات من سياقها بهدف المغالطة، ولو أن الدكتور عصام شرف أتم الآية الكريمة التى تتضمن هذه العبارة لوجدها تقول: «عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام».
وقد أمهل الله هؤلاء ثلاثين سنة، وصبر عليهم الشعب طيلة هذه المدة وكانوا يعودون فى كل مرة إلى ما سلفوا فحق عليهم العقاب وليس العفو عما «سلف» يا دكتور «شرف»!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.