سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 12 مايو 2025    مباريات اليوم.. منتخب الشباب يواجه غانا.. وقمة أفريقية بين الأهلي والزمالك في كرة اليد    سعر اللحوم الحمراء اليوم الإثنين 12 مايو    نائب يكشف وقائع خطيرة تتعلق ب«البنزين المغشوش» ويطالب بتحرك عاجل من الحكومة    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة قوات الاحتلال    زيلينسكي: مستعد لإجراء مفاوضات مع بوتين في تركيا    15 شهيدا بينهم أطفال إثر قصف الاحتلال مدرسة تؤوى نازحين شمال غزة    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    موعد مباراة أتالانتا ضد روما في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    إغلاق ميناء العريش البحري لسوء الأحوال الجوية    تقرير المعمل الكيماوي بشأن مواد مخدرة حاولت راقصة شهيرة تهريبها عبر المطار    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية فى بولاق    إصابة طفلة سقطت من الطابق الثاني فى أوسيم    أصالة توجه رسالة دعم ل بوسي شلبي    قصر العيني يحصد اعتمادًا أوروبيًا كأحد أفضل مراكز رعاية مرضى قصور عضلة القلب    «شملت 8 قيادات».. حركة تغييرات موسعة في «صحة الإسكندرية» (الأسماء)    في حوار خاص.. رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يتحدث عن التحديات والرهانات والنجاح    برلماني أوكراني يشير إلى السبب الحقيقي وراء الإنذار الغربي لروسيا    مباشر.. القناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك اليوم في السوبر الإفريقي لكرة اليد    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 12 مايو 2025    موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 وقيمة الحد الأدنى للأجور    أسعار سبائك الذهب 2025 بعد الانخفاض.. «سبيكة 10 جرام ب 54.851 جنيه»    أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    حريق هائل يلتهم مزارع المانجو بالإسماعيلية والدفع بسيارات إطفاء للسيطرة عليه    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزء الثالث : الطبيب الإنسان

أنغام على البيانو .. للكاتب الروائي : أبوالمعاطي أبوشارب
رفعت سماعة الهاتف فاتصلت بالطبيب وطلبت منه الحضور فورا للأهمية لأنني عرفت كل شئ ولا أستطيع أن أواجهها بالحقيقة ومن الأفضل أن تحضر أنت وتواجهها بأسلوبك الطبي ، وبعد برهة من الوقت جاء الطبيب وألقى نظرة على الإشاعات وقرأ التفاصيل الكاملة بما تحتويه وهو يتنهد بطريقة مؤلمة وجلس على حافة الفراش وبدأ بالكشف عليها ويقيس الضغط والمسكينة ممدة على الفراش مستسلمة لكل النتائج بكل شجاعة ، وأخذ يلطف عنها بطريقته الطبية وبعد حوار طويل قال لها ما رأيك أن نلتقى غدا فى المستشفى وهناك سنأخذ الرأي الأفضل من البروفسور هل من الممكن العلاج بالأدوية أو أجراء العملية الجراحية واستئصال الأجزاء المصابة بدأ وجهها يتغير فجأة وهى تثق ثقة عمياء فى طبيب الأسرة.
كان يستدرجها بأسلوبه العلمي والطبي بإدخالها المستشفى بطريقة تجهيزها نفسيا لمواجهة الحقيقة وإدخال الطمأنينة فى قلبها.
وبعد حوار طويل استجابت لهذا العرض من الطبيب ، وفى اليوم التالي توجهنا مبكرا إلى مستشفى (سان جوفانى) ودون مقدمات كانوا على علم مسبق بحالة زوجتى وكانوا فى أنتظار قدومنا وجاء رئيس القسم وبرفقتنا طبيبنا المعالج معنا لرفع الروح المعنوية لزوجتى وما أن وجدت الطمأنينة من الجميع وهى مهنتهم لرسم الابتسامة على شفاه مرضاهم وأعطائهم شحنة من الشجاعة وأصطحبها إلى غرفتها رقم 34 بالدور الرابع ونظرت إلى وقالت : لقد خدعوني واستسلمت لهم بعد أن نصبو لى الفخ .. من فضلك توجه الآن إلى المنزل وأحضر لي بعض متعلقاتي الشخصية وبعض الغيارات.
وعودت إلى المنزل لأجد الصمت الرهيب فى كل أركانه وأنا تائه ماذا أفعل .. أنظر الى صورة إبنتي المعلقة على جدران الحائط وأنتقل إلى غرفة النوم لأجد كل شئ منظم وعقارب الساعة تدق فى لحظات صمت قاتل وخرجت إلى حجرة الصالون وأنا فى دوامة من التفكير حتى تنبهت من هذه الغفلة على رنين (صوت) الهاتف أنها إبنتى على موعد لمحادثتنا وتماسكت أعصابى ، ورديت عليها بعد مداعبتها وطلبت منى أن تتحدث مع والدتها.
قلت لها وفى صوتى حشرجة لقد خرجت لشراء بعض مستلزمات للمنزل وستأتى متأخرة وحينما تصل ستخابرك فورا وودعتها وأخذت أفكر كيف سنخرج من هذا المأزق ؟.
وحملت الحقيبة التى بها متعلقات زوجتى وتوجهت على الفور إلى المستشفى لإخطارها بهذا المأزق لقد أتفقنا على أن نخفى عن إبنتنا كل شئ لكى لا نعكر عليها أجازة الصيف ويكفيها ما أصابها ورويت لزوجتى ما حدث.
وبدأت تتساقط الدموع من عينيها وقلت لها الآن عليك أن تتمسكي بإيمانك بالله وفكري فى نفسك وغدا أجراء العملية وطلبت منى الهاتف لكى تسمع صوت إبنتها قبل أجراء العملية وهى تقول : (ربما لم أسمع صوتها بعد الآن)..اهتز جسدي من هذه الكلمات التى اخترقت جسدي مثل طلاقات الرصاص وتمالكت كل أعصابى لكى لا أنهار أمامها وهى تواجه صراعها مع الحياة وضغطت على أرقام الهاتف حتى سمعت صوت إبنتها وأطمأنت عليها وطلبت منها أننا سنقوم بالاتصال بها من حين إلى آخر وضحكت إبنتنا ولا تعرف ماذا نخفى عنها.
وقبل أن تغلق الهاتف قالت أن خالي يريد الحديث معكم وأخذت الهاتف من زوجتى فاستسلمت على فراشها ولوحت بيديها وأدارت وجهها بالوسادة لأنها لا تريد أحد من أسرتها يعرف حقيقة ما حدث لها ، وخرجت إلى الطرقة الخارجية ورويت لشقيقها كل شئ وهى الآن نزيلة بالمستشفى ورجوته بألا تشعر إبنتي بهذا الموضوع حتى تنتهي من أجراء العملية وعودتها إلى المنزل.
بعدها دخلت غرفتها وودعتها على موعد فى الصباح الباكر قبل أجراء العملية وعيناها مملوءة بالدموع فى أنتظار الغد وعودت إلى المنزل فارتميت على الفراش بملابسي أحاول استرخاء جسدي لم أستطيع الحركة حتى سمعت رنين الهاتف ورفعت سماعة الهاتف كان صوت زوجتى تنبه على بتناول العشاء والنوم مبكرا ورديت عليها ألا تشغل بالها بهذه الأشياء الصغيرة وودعتها للقائنا فى الغد.
وتمضى الساعات ثقيلة وأنا أتجول داخل المنزل مرة فى حجرة إبنتى وأنظر إلى أشيائها الصغيرة وصورها المعلقة بعدها أنتقل إلى غرفتنا وخرجت من الغرفة والصمت الرهيب فى كل أركان المنزل وجلست فى حجرة الصالون ومددت أقدامى على أريكة ولا أعرف ماذا أفعل حتى هذه اللحظة أحاول قتل الوقت من التفكير تشغيل التليفزيون تارة والكمبيوتر تارة أخرى حتى بزغ النهار وتناولت قدح من القهوة وبدلت ملابسي وهرولت مسرعا إلى المستشفى لكى أكون بجوارها فى هذه اللحظات الخطيرة.
كانت فى انتظاري وما أن شاهدتني ارتسمت على وجهها أبتسامة وأطمئنت لحضوري .. وصافحتها وقلت لها تشجعي الآن من أجل إبنتك وأنا فى انتظارك وتمسكي بإيمانك بالله وقالت لي : أرجوك لا تتركني وحدي وأنتظر حتى تكون بجوارى وهم يحملوني إلى غرفة العمليات وما أن أنتهت من حديثها معي وأذا بطاقم طبي يلتفون حولها وهما يداعبونها ويرفعونها برفق على النقالة المتحركة وهى متشبثة بيدي أثناء تحركنا وما أن وصلنا أمام غرفة العمليات التفتت نحو الطاقم الطبي ، وطلبت منهم أن يتركونا لدقائق من الوقت وأبتسم الجميع لهذه الفكرة فانهمكوا يجهزون أشياء أخرى ونظرة إلى وقالت وأنا متماسك الأعصاب ولا أريد أن أظهر لها أي أنهيار أمامها فى هذه اللحظات العسيرة.
قالت لى هناك فى المنزل دوسيه مجهز به جميع المتعلقات الهامة لنا بالإضافة إلى دوسيه آخر به بعض فواتير التليفون والغاز والكهرباء والتأمينات بالإضافة لمصاريف خاصة لإبنتنا وكل شئ مرتب بتواريخه وموضوعه داخل مكتبة المنزل ولا تنسى أن تضع طعام لعصافير(الكناريه) وتغير لها المياه كل يوم ولا تنسى أن تغلق الغاز قبل النوم.
كانت المسكينة تسرد على قائمة طويلة وأنا أهز لها رأسي بالموافقة على كل شئ تقوله وأخيرا جاء الطاقم الطبي وقالوا لها.. أن الوقت قد حان ونحن فى أنتظار موافقتك.
ووضعت يدى فى يديها لمصافحتها وهى متشبثة بها وهى تنظر إلى فى صمت وأنفتحت الأبواب لغرفة العمليات فانفلتت يديها برفق من يدى ، وقلت لها أنا فى انتظارك أمام الغرفة ولا تفكري فى شئ الآن وكل شئ سيكون على ما يرام وتوارت بين الفريق الطبي بزيهم الأخضر والكمامات على أفواههم والطواقي الخضراء على رؤسهم كل شئ يتحرك بهدوء ودخل طبيب التخدير وبعدها البروفيسور الجراح الذى سيجرى لها العملية وأقترب منى وضغط على كتفي وقال لى لا تقلق كل شئ سيكون على ما يرام ، وغادرت المكان والانتظار بالاستراحة الخارجية.
ونظرت من الشرفة المطلة على حديقة المستشفى وأنا أنظر إلى السماء أن تمر هذه الساعات الحرجة على خير ساعتين كاملتين ولم تخرج بعد وكلما أشاهد أي شخص يخرج من غرفة العمليات يرتدى الزي الأخضر أسأله عن زوجتى وكان الرد أنها تخضع لعملية جراحية دقيقة وأعتقد أن الوقت لم ينتهي بعد.
وأخيرا بعد طول أنتظار شاهدت البروفيسور الجراح وهو يخرج من غرفة العمليات وينتزع الكمامة من علي وجه بيديه ولمحنى وأقترب منى وصافحني والابتسامة تعلو وجهة وهو يقول لى أطمئن ، وتركني ودخل مكتبة الخاص ويمضى الوقت وأنا فى أنتظار خروجها من غرفة العمليات.
وأخيرا فتحت جميع الأبواب والطاقم الطبي حولها وهم يدفعون النقالة المتحركة فى أتجاه غرفتها وهى فى عالم آخر.
وقالت لى الممرضة لا تحاول إزعاجها الآن حتى تستيقظ لأنها حصلت على كمية مركزة من البنج وتحتاج لفترة راحة كافية وحاول أن تخرج الآن أفضل لها وهناك طبيب الجناح والممرضات فى رعايتها وخرجت إلى الصالة الخارجية وأفاجأ بشقيقها وزوجته فانزعجت كيف يتركون إبنتى وحيده على الشاطئ وهدأ من روعتي وقال أنها برفقة إبنته بعدها جاءت شقيقتها ولم يخطرو والدتها ووالدها حتى الآن كما طلبت منا زوجتى حتى لا نعكر عليهم أجازة الصيف فى إحدى المنتجعات الريفية وطلبت من الجميع العودة حتى لا تشعر إبنتى بأن شئ حدث لوالدتها وليس له داعي وجودهم الآن لأنها لازالت تحت تأثير البنج وطلبوا مني رؤيتها قبل مغادرتهم قبل السفر يلقوا عليها نظرة سريعة ، بعدها غادرا الجميع المستشفى ومكثت وحيدا بين ردهات المستشفى فطلبت الممرضة منى لا داعي لوجودي هنا طوال الليل ومن الأفضل الحضور مبكرا قبل أن تستيقظ.
وغادرت المستشفى عائدا إلى المنزل لأجد كم هائل من الرسائل الصوتية بصوت إبنتى وعلى الفور قمت بالاتصال بها والاطمئنان بوصول خالها وطلبت منى أن تتحدث مع والدتها وقلت لها أن الوقت متأخر الآن وماما قد أخلدت للنوم وأوعدك غدا فى الصباح ستتحدث معك ، وأعطت الهاتف لخالها لمتابعة الحديث معه وقال لى أطمئن أنها بخير وتقضى الوقت مع ابنته وغدا لنا لقاء.
لا أدرى كم من الوقت مضى وأصبحت أفكر فى أشياء كثيرة تساورني زوجتى المسكينة فى صراع مع الأخطبوط بجانب تفكري فى إبنتى الوحيدة التى بدأت الآن فى علاجها الطبيعى بعيده عنها أنها فى احتياج إليها لكى تكون بجوارها تداعبها وتعطف عليها بحنان الأمومة كل هذا حرمت منه أصبحت فى معزل عن كل شئ وأخشى من القدر وهذه الطفلة لازالت صغيرة ونظرت إلى عقارب ساعة الحائط كانت تقارب شروق الشمس وبدلت ملابسي وتوجهت مباشرتنا إلى المستشفى وأثناء السير توقفت أمام محل للزهور واشتريت وردة حمراء بداخل غلاف أنيق وكتبت علي غلافها حمد لله على السلامة وصعدت إلى الطابق الرابع متجها إلى غرفتها.
كانت هناك حركة غير عادية فى هذا التوقيت وممرضات تنتقل من حجرة إلى حجرة بطريقة ملفتة للنظر حاولت الدخول فطلب منى الانتظار بعد انتهاء الأطباء من مرورهم على المرضى وجلست فى صالة الانتظار وكان الوقت بالنسبة لى ممل لأنني لم أري زوجتى حتى الآن منذ تركتها أمس تحت تأثير البنج وفتحت الأبواب ونظرت إلى الممرضة وعلى وجهها أبتسامة وقالت لي :.. أن زوجتك قد سألت عنك فور استيقاظها من النوم منذ لحظات تنهدت الصعداء ونظرة إليها وقلت لها هل فى أستطاعتي رؤيتها الآن.
وهزت رأسها بالموافقة ودخلت غرفتها لأجدها ممدة على فراشها بوضع مائل ولازالت زجاجات الجلوكوز معلقة ويديها مطروحة على فراشها صافحتها بقبلة على وجهها وأنا أتمزق من الألام لما أصابها وأعطيتها الوردة ونظرت إليها وعينها لازالت تحت تأثير البنج وغطت فى النوم مرة أخرى وهى تحتضن الوردة على صدرها.
وجاءت الممرضة لتلقى عليها نظرة بأن كل شئ على ما يرام وطلبت منى عدم إزعاجها وإرهاقها بالحديث وأتركها حتى تستيقظ براحتها أخذت أصفح بعض المجلات والصحف التى بجوارها حتى استيقظت مرة أخرى وسألتني كيف حال إبنتى قلت لها أنها بخير مع أسرة خالها وقد آتى أمس شقيقك وزوجته وشقيقتك لزيارتك.
نظرت لى بحدة وقالت بصوت متهدج لقد قلت لك لا تخطر أحد من آسرتي لكى لا تعكر عليهم أجازة الصيف .. من فضلك أعطني الهاتف لكى أتحدث مع إبنتى لأطمئن عليها فطلبت منها لا داعي الآن وأحدثها أنا وأنت بهذه الحالة لا تستطعين الحديث معها ربما تشعر بشيء وقالت لي: ... أريد أن أسمع صوت إبنتى وأكمل أنت الحديث معها ، وضغطت على رقم الهاتف وبدأ حديثها مع إبنتها وأنا أنظر إليها.
وبدأت تتكلم ببطء وسحبت من يديها الهاتف برفق حتى لا تشعر إبنتى بشيء ودار حديث مطول معها وكانت زوجتى تداعب الوردة بين يديها وتتحسس أوراقها برفق أثناء الحديث وأغلقت الهاتف.
فى هذه اللحظة دخل البروفيسور الجراح وبرفقته الطاقم الطبي والقى التحية ونظر إليها وأخذ يجرى بعض الملاحظات من خلال لوحة معلقة على حافة الفراش وبدأ الكشف عليها وقال لها ستمضى فترة من الوقت لدينا تحت الملاحظة بعدها سأقرر خروجك من هنا وتعودين إلى منزلك وقال لى من فضلك مر على بعد انتهاء الزيارة فى مكتبي.
وخرج من الحجرة ، ونظرت إلى زوجتي وقالت لي : ...من الأفضل أن تذهب الآن وراءه قبل الزحام فى مكتبه ، وخرجت مسرعا خلفه وطرقت باب مكتبة وألقيت عليه التحية ، وأشار بيديه بالجلوس وبدا حديثة معي وقال لى..أن مهمتنا الجراحية انتهت باستئصال بعض الأجزاء التى أصيبت بالخلايا السرطانية وأرسلناها لمعمل الأبحاث وسيخطرونا بكل التفصيل فيما بعد أما بالنسبة لها الآن بعد أن تلتئم الجروح ونزع السلك ستخرج من هنا بعد أن تأتينا النتيجة كاملة بأننا نجحنا بالفعل باستئصال الأجزاء التى أصيبت بعدها هناك برنامج بالعلاج بالكيمياء المكثف وأرشح لك مقدما خبير العلاج بالكيمياء بالمدينة الطبية (كاريجى) وهى الآن فى أحتياج إليك أكثر من ذي قبل فى هذه اللحظات الحرجة التى تمر بها نفسيا بعد أن تكتشف رويدا رويدا الأجزاء التى تم استئصالها.
وخرجت من عند البروفسور وأنا لا أعرف بالضبط أحلل حديثه معي وأنا فى دوامة من التفكير القاتل من خلال العواصف التى تعصف برياحها العاتية بآسرتي الصغيرة أصبحت المسكينة فى وادي وإبنتى فى وادي آخر وعلى التمسك بإيماني بالله والشافي هو الله وعلى الصبر بدفع مجاديف هذا القارب الصغير الذى تئن فيه الرياح والأعاصير بكل أحزانها وآلامها التى أصابت آسرتي الصغيرة حتى أصل بها إلي بر الأمان وتوقفت فى الممر قبل أن أدخل حجرة زوجتى وحاولت ضبط هندامي ومسحت وجهي بمنديل فى يدى حتى لا تشعر بشيء واصبح شعر رأسي ولحيتي الكثيفة مثل أهل الكهف.
وتصنعت الابتسامة وهى تنظر إلى وتحاول ضبط الجاكيت الذى أرتديه وهى تقول لى...أذهب إلى البيت للراحة وأخذ حمام وأذهب وقص شعر رأسك ولحيتك التى توحي للجميع بأنك كهل فى الثمانين من عمرة فى هذه اللحظة تدخل شقيقتها وأخيها وزوجته وقامت بتحيتهم وطلب منى الذهاب للراحة وهم بجوارها وأحضر فى المساء وودعتها على موعد فى المساء خرجت من غرفتها وأنا أحاول أن أحرك أقدامى الثقيلة من عناء الإرهاق وقلت النوم والطعام.
وتمضى الأيام بإيقاعها كالمعتاد أشترى لها بعض الصحف والمجلات لتقتل بها الوقت وبعد أن أمضت زوجتى فترة لا بأس بها بمستشفى سان جوفانى التقيت وجها لوجه بالبروفيسور الجراح واصطحبني إلى مكتبة ودار حديثا بيننا بأن التحاليل الأولية وفحص الأجزاء التى تم استئصالها التى أرسلت للتحليل تمت بنجاح وغدا سيتم فك السلك وبعد ثلاثة أيام سأكتب لها مغادرة المستشفى وشكرته على نجاح العملية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.