أنغام على البيانو .. للكاتب الروائي أبوالمعاطي أبوشارب عدنا إلى المنزل بعد أن قضينا ليلة أزاحت عنا اليأس وتفاءلنا بالحياة والأمل وفى اليوم التالى كان لنا موعد البروفيسور الجراح الذى أجرى لأبنتى العملية الجراحية. وبعد الكشف عليها قرر إزالة الجبس وحل السلك والبدأ فورا بالعلاج الطبيعى المكثف حتى تعود إلى وضعها الطبيعى وتكررت زيارتنا الى البروفيسور لمتابعة حالتها ونتائج العلاج الطبيعى التى أظهرت تقدم ملحوظ وقد بدأ موسم الصيف وطرأت فكرة على البروفسور أن الوقت ملائم لها الآن ونستغل أجازت الصيف وتمارس علاجها الطبيعى على رمال الشاطئ وتحرك أقدامها داخل مياه البحر بتمارين يومية وستكون لها نتائج جيدة. فرحت أبنتى لهذه الفكرة لأنها ستقضى أجازة الصيف على الشاطئ وقررنا أن نقوم بزيارة إلى خالها وزوجته اللذان يقضيان فترة الصيف بمدينة مارينا ونعرض عليهم استضافتها لديهم. فقررنا السفر فى نهاية الأسبوع نظرا لظروف عملى فى هذه الفترة وقامت زوجتى بالاتصال بشقيقها لتعرض علية الأمر لاستضافت أبنتنا لتقضى معهم أجازة الصيف ، وكان رد شقيقها مرحبا بها فى آي وقت تشاء الحضور وزوجته ستكون سعيدة بقضائها أجازت الصيف معهم. وتنهدت زوجتي وقالت الحمد لله .. حسناً علينا أن نجهز أنفسنا للسفر غدا وتخرج الآن بتجهيز السيارة لكي نكون جاهزين للسفر مبكرا قبل مطلع الشمس وأنا أقوم بأعداد حقيبة أبنتى وما يلزمها من ملابس ومتعلقاتها الشخصية. فذهبت لعمل كنترول على السيارة بعدها عودت إلى المنزل وبدأت بوضع الحقائب فى السيارة وأصبح كل شئ جاهز للسفر وأخلدنا للنوم مبكرا لنستيقظ قبل مطلع الشمس لكى نصل قبل منتصف النهار وحان موعد السفر وتناولنا إفطارنا وركبنا سيارتنا فى طريقنا إلى مدينة (مارينا دى جروسيتو) وبعد رحلة طويلة بدون توقف أستغرقت أكثر من ثلاثة ساعات ووصلنا إلي كامب(تشيللو فيردى) وكان فى انتظارنا شقيق زوجتى وأصطحبنا إلى الموقع الخاص به فاستقبلتنا زوجته بترحاب وتناولنا الغداء سوينا ودار حديث عائلي بيننا ، بعدها قررنا العودة قبل غروب الشمس نظرا لظروف عملى بالمدينة. وودعنا أبنتى على أمل للقائها فى نهاية الأسبوع القادم وشكرنا شقيقها وزوجته على استضافتهم أبنتى لقضاء الصيف معهم ، وانطلقت بالسيارة فى طريق العودة إلي مدينة فلورنسا وتجلس بجواري زوجتي وغروب الشمس تنثر ألوانها الجميلة وهى تتهادى على صفحات الأمواج بالإضافة إلى جمال الطبيعة الخلاب على قمم الجبال التى تكسوها الأشجار بمناظرها البديع ونسمات الهواء النقي التى تنعش القلوب وطيور النورس تتهادى بأجنحتها على الأشجار وكانت زوجتى من وقت لآخر تبادلني الحديث إذا كنت مرهق من القيادة نتوقف للراحة وتبادلني القيادة وأهز رأسي بأنه باقي القليل وسنكون على مشارف المدينة. فى هذه اللحظة سمعتها تتألم من نغسه مفاجأة وتضع يديها على صدرها الأيمن ونظرت إليها ، وقلت لها ماذا ألم بك ؟ .. فكانت إجابتها لاشيء ، وأنظر إلى الطريق ولا تشغل بالك أنها مجرد نغسه بسيطة. قلت فى نفسى يا ألهى الطف بها كنت أنظر إليها من الحين والحين وهى تضع يديها على موضع الألم ووصلنا بسلام أمام المنزل وصعدنا إلى البيت وما أن فتحت الباب دخلت مسرعة إلى غرفت النوم والقت جسدها على الفراش والألأم تتزايد عليها وخرجت مسرعا ورفعت سماعة الهاتف لمحادثة الطبيب، وطلبت منه الحضور فورا. وبعد برهة من الوقت جاء الطبيب ورويت له ما حدث أثناء الرحلة أن الآلام كانت تداريها طوال رحلة العودة حتى لا تشغلني أثناء القيادة. وهز الطبيب رأسه وقام بالكشف عليها وكان لدية ذكاء خارق في الطب وأخرج دفتر من حقيبته وأثناء التدوين قال وهو يعرف المقدمات جيدا دون أن يعرفنا شيئا وطلب منا التوجه غدا إلى معهد السرطان لأجراء بعض الفحوص الطبية والأشعات اللازمة. لقد تنبأ الطبيب بشيء من الحقيقة بعد الكشف على زوجتى من خلال خبرته فى مجال الطب ولكي لا يصدمنا طلب منا أجراء هذه الأشعات مجرد أطمئنان والاحتياط واجب فى هذه الظروف.؟ يا ألهى ماذا أصاب أسرتي الصغيرة الابنة الوحيدة لازالت تحت العلاج والآن الزوجة. توجهنا فى صباح اليوم التالى لأجراء الأشعة ودخلت زوجتى ومكثت فى الخارج وأنا أنظر إلى السماء وأدعو من الله أن يجلب العواقب سليمة ، وخرجت زوجتي بعد أن مكثت وقتا كافيا بالكشف عليها وأجراء بعض الفحوص الطبية. وطلبوا منا أن نترك رقم الهاتف والعنوان لزوم الاحتياط. وبدأ الشك يزداد فى نفسي وكنت أحاول بقدر المستطاع أن أخفف عنها بأنها مجرد إجراءات روتينية كما قال طبيبنا المعالج وتوجهنا إلى منزلنا وتركتها فى حجرتها ممدة على الفراش والألأم تزداد عليها وهى تحاول أن تدارى عنى وقمت بأعداد الطعام وأحضرته لها وهى ملازمة الفراش بعدها جلست وحيدا داخل حجرتي الخاصة وأنا شارد التفكير وكانت دقات قلبي تزداد كلما سمعت رنين الهاتف. كانت أبنتى تطمئننا بأنها بخير وسعيدة على الشاطئ مع أسرة خالها وطلبت منى أن تتحدث مع والدتها ، وقلت لها أنها أخلدت إلى النوم الآن وحينما تستيقظ من النوم ستتصل بك على الفور ومضي الوقت ثقيل من الانتظار ودق جرس الهاتف مرة أخري وكان المتحدث معهد السرطان يخطرني بأن أحضر فورا لاستلام نتائج الأشعات وتسليمها لطبيبنا المعالج. فاستيقظت زوجتى وقالت لى : ماذا حدث ؟ .. قلت لها لا شيء أن نتائج الأشعات جاهزة وأنا ذاهب لإحضارها لعرضها على الطبيب. وقالت لى : لا تغب عنى لأنني وحيدة بالمنزل وخرجت كالمجنون بسيارتي ودخلت لاستلام النتائج وطلب منى الطبيب الجلوس وتهدأت نفسى قلت له أريد أن أعرف الحقيقة كاملة ، وأخرج مظروف بالحجم الكبير مرفق به النتائج وأخذ يلتهم السطور ونظر إلى وهو شاحب الوجه والحزن يرتسم على وجه وقال أكتشاف بعض الخلايا السرطانية منتشرة فى بعض أجزاء من الجسم ولابد من نقلها فورا إلى المستشفى غدا لإجراء عملية جراحية لاستئصالها بأسرع وقت ممكن قبل انتشارها فى أماكن أخرى بالجسد يصعب احتوائها ونحن بدورنا أخطرنا المستشفى بجميع بياناتها. خرجت من معهد السرطان وأنا أجر أقدامى بكل صعوبة وأنا فى حالة يرثى لها وجلست على مقعد لكى أعيد قواي ، بعدها عودت إلى المنزل وأنا أناجى الله سبحانه وتعالى أن يلطف بها من هذا الأخطبوط اللعين الذى يسرى فى الجسد دون أن يشعر به الإنسان. وما أن فتحت الباب سمعت صوتها وهى تقول لى : ماذا فعلت وماذا قالوا لك وما هي نتائج الأشعات. كل هذا وأنا ملتزم الصمت أريد أن أخفف عنها بآي وسيلة حتى لتكون الفاجعة فاجعتين ، وقلت لها أنهم قالو لى أعطى كل شئ للطبيب المعالج. وردت على وقالت : أتصل بالطبيب الآن وأخبره أنك أحضرت نتيجة الأشعات والتحاليل لكى يلقى عليها نظرة وتطمئنني !.