في هذا الوقت من كل عام تتطلع أفئدة ملايين المسلمين في مصر نحو الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية، شوقا وأملا في أداء فريضة الحج. ورغم أن الحج تغير كما تغير كل شيء في الدنيا. وأصبح لدينا في مصر حج سياحي. تزيد تكلفة الحاج الواحد فيه أحيانا عن 001 ألف جنيه. ولدينا »حج الجمعيات«، وهو ليس رخيصا أيضا من ناحية مقدرة الناس العاديين. إلا أن »حج القرعة« كان ومايزال. هو الوسيلة الأرخص والأفضل. بالنسبة لغالبية الناس من البسطاء. الذين يحلم كل واحد منهم بأن يحج إلي بيت الله! وفي الثمانينات من القرن الماضي. سافرت مع حجاج القرعة لأداء الفريضة. ولازلت أذكر كيف كانت أحوال الحجاج المصريين في ذلك الوقت. تثير الأسي والإشفاق. كانوا يسكنون في عمارات قديمة متهالكة. بعيدة كثيرا عن الحرم النبوي أو الحرم المكي. كان كل عشرة أو أكثر من حجاج القرعة. يرقدون متكدسين في حجرة واحدة، ينامون علي مراتب اسفنجية خفيفة علي الأرض، لا إشراف ولا رعاية صحية واضحة. وكان بعض حجاج القرعة من البسطاء من محافظات بحري أو قبلي. يتوهون في زحام ملايين الحجاج. ولا أحد يساعدهم أو يبحث عنهم أن ينقذهم. وظلت هذه هي أحوال حجاج القرعة لسنوات طويلة. حتي تصادف ذات عام أن سافر السيد حبيب العادلي وزير الداخلية لأداء الفريضة. وهناك فوجيء بحجاج القرعة ينامون علي الأرض، وتأثر الوزير للغاية من هذه المشاهد التي لاترضي أحدا. وعاد وزير الداخلية إلي مصر. وكان أول ما فعله أن عقد اجتماعات متتالية لقيادات وزارة الداخلية. هدفها وضع سياسة جديدة لأوضاع حج القرعة. وهدفها توفير كل التسهيلات لحجاج القرعة. ووسائل رعايتهم من اللحظة الأولي التي يغادرون فيها مصر. وكل دقيقة لهم في الأراضي الحجازية. وكانت تعليمات وزير الداخلية واضحة وحاسمة. لابد من توفير اقامة مريحة وكريمة لحجاج القرعة. أريد أن يسكنوا في فنادق جيدة. لا تبعد عن الحرم أكثر من 006 متر. حتي لايتعب الحاج أو الحاجة في المشي. وخاصة أن أغلبهم من كبار السن. أريد إشرافا يوميا من ضباط بعثة الحج. أن يسكن ضابط أو أكثر في كل فندق يقيم فيه حجاج القرعة. حتي يكون في خدمتهم ورعايتهم في أي وقت. أريد أن يشعر حاج القرعة بأنه ليس أقل من حجاج السياحة. وزعوا عليهم جميعا وجبات كاملة. اعطوا كل حاج قرعة قبل السفر حقيبة مجانية بداخلها كل ما سوف يحتاجه. ملابس الإحرام للرجال والسيدات. عليها علم مصر حتي يتعرف الحجاج المصريون علي أنفسهم في الزحام ولايتوه أحد.. سجادة صلاة.. مصحف وكتيبات أدعية.. ضعوا في هذه الحقيبة كل شيء قد يحتاجه الحاج أو الحاجة! أريد أن توفروا سيارات اسعاف مصرية حديثة. تكون في خدمة حجاج القرعة المصريين في أي مكان في الأراضي المقدسة! هذه السياسة وتلك التوجهات. تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلي حقيقة. جعلت حجاج القرعة يشهدون بأنفسهم. علي الرعاية الكاملة التي يلقونها خلال الحج. وعادوا ليحكوا للأقارب والأصدقاء. مما جعل مئات الآلاف يتقدمون كل سنة إلي قرعة الحج. ومعلوماتي أن وزير الداخلية طلب من اللواء دكتور صلاح هاشم. مساعد الوزير للشئون الادارية ورئيس بعثة حج القرعة. أن يقدم له يوميا تقريرا تليفونيا ومكتوبا أيضا. عن أحوال حجاج القرعة. وما قد يحتاجونه. والجديد هذا العام أن السيد حبيب العادلي وزير الداخلية. قرر إلغاء سفر حجاج القرعة بالعبارات. وذلك لعدم تقدم أي من أصحاب شركات العبارات.للمناقصة التي طرحتها وزارة الداخلية.وحددت من خلالها مواصفات خاصة توفر راحة وسلامة الحجاج.وهذا حرصاً من وزير الداخلية واهتماماً منه بتوفير كل سبل الراحة والسلامة للحجاج المصريين. بالرغم من الأعباء والملفات الأمنية الأخري التي يقوم بها يومياً. وطلب وزير الداخلية أيضا من رئيس بعثة حج القرعة. توفير المزيد من التسهيلات للحجاج. حتي يتمكنوا من أداء الفريضة في راحة وسلامة. لكل حجاج القرعة وغيرهم.. حج مبرور وذنب مغفور.. يروحوا »بالسلامة.. ويرجعوا بالسلامة« ولوزير الداخلية.. الشكر.. والدعاء