قد تكون الحياة قاسية، والمشهد مليئ بالسواد، ولكن هناك دائماً شعاع من النور، يبعث الأمل يجدد الروح لاستكمال تلك الحياة، بالرغم من الصعوبات التي تمر، ولكن مهما كانت الصعوبات، فلايوجد أقسى من حياة بطل تلك الواقعة، نعم هو بطل حقيقى، يحارب من أجل البقاء، فبالرغم من الظروف القاسية قرر أن يستكمل فى طريق الحلال، وبالرغم من تلك الحياة الصعبة، لم ينسى للحظة البحث عن أسرته، فلا يزال يفتقد حضن الأم و نصيحة الأب وحديث الأخ، فى السطور التالية نسرد لكم رحلة شاب فى البحث عن أسرته. "أخبار الحوادث"التقت بالشاب "عصمت خيرت" صاحب ال25 عاما من العمر، ملامحه هادئة، ونظرته حزينة للغاية، اقتربنا منه ليبدأ فى سرد الحكاية كاملة . 1994 3 مارس 1994، كانت ليلة الخميس، نهاية الشتاء وبداية الربيع، الهدوء يسود البلاد، الجميع بين منازلهم لقضاء سهرة أسرية سعيدة، وأخرون داخل المقاهي و الكازينوهات، وهناك الشباب يقفون على النواصى، بمرور الوقت، أصبحت الشوارع خالية من البشر، ليعلو وقتها صوت طفل رضيع، وتحديداً بمنطقة بولاق الدكرور فى الجيزة، كانت الصدمة وقتها لدى الجميع، هى العثور على طفل رضيع لم يستكمل يومه السابع بعد، يصرخ بقوة وكأنه يرفض الوضع، يلتف وقتها الأهالى حوله، ويقررون تسليمه لقسم شرطة بولاق الدكرور، وبالفعل تم تسليمه ليتم بعدها إيداع الطفل داخل دار أيتام "أحباب الله" بمنطقة المعادى، لتبدأ حياة صعبة، ويعانى الرضيع الذى تمسك بالحياة. حياة صعبة التحق الرضيع بالدار، وتم تسميته "عصمت خيرت" ليبدأ فصل جديد فى حياة مليئة بالصعاب، عاش وسط أخوته فى الدار، فالحال هناك واحد تقريباً، فجميعهم لا يعرف عن أسرته شئ، هناك من تم اختطافه من حضن أمه، وهناك من تخلت عنه امرأة بلا قلب، مرت الأيام والليالى وكبر "عصمت" بين أخوته هناك، كان طفل هادئ، يلتزم فى دراسته يحلم بتحقيق أحلام كثيرة، ولكن بعد مرور 15 عاما، قررت الدار أن يتم إيداع الأطفال للرعاية اللاحقة، فيكون كل 5 منهم داخل شقة يتم استئجارها لهم، حتى يستطيع كل منهم الاعتماد على ذاته، وينفصل عن تلك الحياة، لتمر الأيام والليالى ويبدأ الأختيار الصعب، فالظروف كلها كانت تعاكس "عصمت"، ليؤكد لنا قائلاً "الدنيا كانت مقفلة خالص.. ولم أجد حلا سوى الاختيار .. بين التعليم والحياة" فأخترت الحياة وتركت التعليم، وبدأت أعمل ليلاً ونهاراً من أجل توفير المال لدفع الإيجار، فمنذ 10 سنوات تقريباً وانا أعتمد على نفسى بصورة كلية، لا أحد يعلم ما بدخلى ولا أحد يعرف ما أمر به، أحاول بقدر الإمكان أن استمر فى العمل وأطلب العمل الإضافى من أجل الابتعاد عن الحياة، والجلوس بمفردى فالتفكير دائماً يهزمنى ويقتلنى، الأسئلة دائماً حائرة فى ذهنى.. أين أسرتى؟ هل تخلو عنى؟ أما تم اختطافى منهم؟ "، فلا أجد إجابة، ولا يوجد أحد ليجيب على تلك الأسئلة. أحلام حالة من الصمت، فالنظرات شاردة، وبعد تنهيدة طويلة يعود للحديث قائلا: " مازلت حى ومازلت أحلم"، ولكن أخاف من الوحدة، وأعلم أن الحياة ستهزمنى فى يوماً ما، ولكن كل ما علي فعله الأن هو استكمال الحرب مع تلك الحياة القاسية، أشعر بالسعاده عندما فوجئت أن هناك الكثير مثلى نجحوا فى العثور على أسرهم بعد سنوات، وهذا ما شجعنى للبحث عنهم أكثر، وأتمنى أن أعثر عليهم، وأجد أسرتى لتكون سندى وضهرى أمام المواقف الصعبة، أحلم بحضن أمى والحديث مع أبى، ودلع شقيقتى علي وطلبات أخي منى، والعودة لمنزل أسرتى بعد شقاء العمل.