عندما تباع ورقة الزواج العرفي في المكتبات.. عيني عينك! ويسمع الشباب والفتيات أن هذا الزواج - رغم شكله الحالي - حلال وشرعي! وطابور البطالة يزداد يوما بعد يوم! وتغالي العائلات في المهور والطلبات - التي تقسم ظهور الشباب! إذن - فطبيعي أن تصدمنا هذه الأرقام - خاصة وهي صادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي.. تقول الأرقام: أن هناك 552 ألف حالة زواج عرفي بين طلبة الجامعات!.. الكارثة أن نتاج هذا الزواج اثمر عن 41 ألف طفل مجهولي النسب يدفعون الثمن الآن! المشكلة كبيرة واذا اغمضنا عيوننا عنها فسوف تكبر وتستفحل وربما تخرج عن السيطرة يوما ما.. وحلها لن يكون بسن قانون جديد يجرم الزواج العرفي كما ينادي بعض أعضاء البرلمان.. ولكن أن ينبه علماء الاجتماع والدين ومنظمات المجتمع المدني - التي أصبح عددها أكثر من الهم علي القلب - ولا دور مهم غير انهم يصدعون رؤوسنا بأكاذيب ويصورون لنا - كذبا - أن أقسام الشرطة في مصر تحولت الي أماكن تعذيب وكل المواطنين - إلي خطورة مثل هذا الزواج - الذي استحدث شبابنا وبناتنا ألوانا كثيرة منها - لا انزل الله بها من سلطان! نعم.. المشكلة كبيرة وأكبر مما نتصور.. وأن لم نتكاتف لحلها فسوف يزداد الأمر سوءا! ورقة زواج عرفي للبيع! من هذه النقطة كانت بداية الانطلاق.. وتحقيقنا الصحفي! بجوار شاب جامعي جلسنا.. سألناه: ايه أخبار الزواج العرفي في الجامعات؟! ابتسم الينا - وهو للعلم - طالب باحدي الجامعات الحكومية الكبيرة - وقال لنا: »منتشر في الجامعة بشكل رهيب.. فالشاب والبنت يتفقا علي الزواج العرفي ويكتبوا ورقة ويوقع عليها شاهدان ووقت لما يأتي عريس للفتاة يطلقها الشاب وكأن شيئا لم يحدث! وعدنا نسأل هذا الشاب مرة أخري: ومن أين يحصل الشباب والفتيات علي صيغة الزواج العرفي - مادام يريدون أن يظل الأمر سرا؟! وقال الشاب بابتسامة - كأنه يسخر منا - لجهلنا: بكل سهولة من علي الانترنت.. يكفي ان تكتب علي موقع جوجل البحثي عبارة عقد زواج عرفي.. بعدها ستجد صفحات بصيغات مختلفة.. يعني المسألة مش محتاجة لمحامي - ولا يحزنون!.. أما الشهود فهم أصدقاؤنا سواء من داخل الجامعة أو خارجها! زواج عرفي للبيع! وقبل أن نرحل قال لنا الشاب وكأنه يهدينا معلومة غائبة عنا: »اللي انتم مش عارفينه ان ورقة الزواج العرفي تباع في المكتبات«! وانصرفنا.. وداخل احدي المكتبات بعين شمس وقفنا.. انتظرنا لحظات حتي صارت المكتبة خالية من الزبائن.. دخلنا وبصوت ضعيف سألنا البائع: »عايز عقد زواج عرفي«!.. لم ينبس البائع ببنت شفة.. فتح درجا واخرج منه ورقتين واعطاهما لي.. سألته عن سعرهما.. فقال: »عشرة جنيهات«! هكذا بكل سهولة حصلنا علي ورقة زواج عرفي! رقم مفزع! هذه المرة الاحصائية صادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي.. هي صادمة بكل المقاييس! تؤكد أن هناك 552 ألف حالة زواج عرفي بين طلبة الجامعات أي 71٪ من نسبة الطلبة في الجامعات المصرية والبالغ عددهم 5 ملايين طالب!.. الكارثة أن هذا الزواج اثمر عن انجاب 41 ألف طفل مجهولي النسب ناتج عن تلك الزيجات غير الموثقة! كما ظهرت في الايام الاخيرة جرائم البطل فيها ورقة عقد الزواج العرفي.. حيث تمكنت ادارة مكافحة جرائم الاداب بمديرية أمن حلوان من كشف تشكيلات عصابية لتسهيل الدعارة تحت ستار الزواج العرفي بالحوامدية.. فقد سقط في قبضة رجال الشرطة مجموعة كبيرة من المحامين المتخصصين في تزويج فتيات الحوامدية لرجال الغرض من تلك الزيجات المتعة الجنسية فقط وتكون تلك الزيجات لفترة محددة مقابل أجر مادي! وجرائم أخري يفلت مرتكبوها من العقاب بفضل عقد الزواج العرفي.. ففي جرائم الدعارة تقوم الفتاة بتقديم عقد الزواج العرفي للمحقق.. فتأمر النيابة باحضار الزوج الذي يرفض تحريك قضية ضدها.. وهكذا يخلي سبيلها فورا من سراي النيابة! وهناك بعض الارامل تصر علي أن يكون زواجها الثاني عرفيا حتي لا تخسر معاش زوجها السابق.. حتي لو قام الزوجان برفع دعوي اثبات علاقة زوجية أو صحة توقيع.. فان ادارة المعاشات لن تعلم انها تزوجت من رجل آخر!وقد تلجأ المرأة المطلقة الحاضنة لأطفال للزواج العرفي حتي لا تسقط حضانتها لأولادها.. فالقانون هنا لا يستطيع اثبات زواجها الثاني لأنه غير موثق.. وبالتالي لا يستطيع أحد اسقاط حضانة أولادها! ما خفي كان أعظم! لا يمكن أن نبعد هذه القضية الخطيرة عن علماء الاجتماع والنفس.. فهم طرف أساسي في هذه المشكلة التي استفحل خطرها! الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أكدت انها قامت بعمل دراسات عديدة عن الزواج العرفي وأن أي أرقام تصدر عن ذلك الموضوع فهي غير صادقة لأن »ما خفي كان أعظم« فأغلب تلك الزيجات تتم في الخفاء وتنتهي أيضا في الخفاء دون أن يعرف عنها أحد حتي أقرب المقربين للزوجين.. فبعض الفتيات يتزوجن عرفيا ويتم طلاقهن دون أن يعرف أسرهن شيئا عنهن!.. الأدهي أن تقوم الفتيات بعمل عمليات »اعادة عذرية« حتي تستطيع الزواج مرة أخري.. ولا يستطيع الزوج اكتشاف ذلك! تقول د.عزة كريم: وهناك مؤشرات وظروف تجعلنا كمتخصصين نتنبأ بزيادة أو نقصان تلك الظاهرة الاجتماعية.. منها القانون الجديد لرفع سن زواج الفتيات.. الذي جعل بعض الأهالي في الريف يلجأ الي تزويج فتياتهم عرفيا الي حين بلوغهم السن القانوني ثم يزوجوهن رسميا بعد ذلك - أي علي يد مأذون! وهناك سبب آخر لانتشار تلك الظاهرة وهو الاختلاط ما بين الطلبة والطالبات سواء في المدارس أو الجامعات.. حيث يشعر كل منهم برغبته في الآخر ولا يستطيع أحد منهم منع تلك الرغبة.. كما انهم يوهمون أنفسهم أن الزواج العرفي سيكون بشكل مؤقت حتي يتخرجون من الجامعة أو حينما تسمح الظروف بتصحيح ذلك الخطأ الذي وقعوا فيه.. فيقعون في خطأ أكبر عندما تتفاقم المشكلة ويصبح هناك أطفال ناتجين عن تلك الزيجة! الضغوط الاجتماعية اخيرا والكلام علي لسان د.عزة كريم الضغوط الاجتماعية خاصة الذين يتزوجون عرفيا ويتعدون مرحلة الشباب وهم رجال الاعمال والارامل والمطلقات.. حيث يلجأ رجل الأعمال للزواج من سكرتيرته للهرب من ملل الحياة الزوجية ومن المشاكل المستمرة بينه وبين زوجته.. أما بالنسبة للمطلقة فهي تلجأ إليه لسببين أما حرصا علي حقها في حضانة أطفالها.. أو للخوف من أن تفشل زيجتهما لذلك تلجأ للزواج العرفي في البداية علي سبيل التجربة واذا نجحت فهي تحوله الي زواج رسمي! وللأسف في الآونة الاخيرة بدأت الفتاة توافق علي الزواج العرفي اذا كان العريس ميسورا ماديا! لكن الحقيقة الواضحة للجميع ان الغرض الحقيقي من الزواج العرفي أو »السري« هو اقامة علاقة جنسية فقط لا شيء آخر! وتستطرد الدكتورة عزة كريم حديثها قائلة: ان المنتفعين من وراء هذا الزواج كثيرون حيث يوجد محامون يفتحون مكاتبهم لتلك الزيجات وعمل العقود العرفية.. وهناك مكاتب تبيع تلك العقود علنا.. وللأسف يعتقد الشباب أن تلك العقود بمثابة عقود رسمية لأن الذي قام بصنعها رجل قانون وأن من أهم العوامل التي ساعدت علي انتشار ذلك الزواج الفراغ الذي يشعر به الشباب.. أيضا بعض وسائل الاعلام والاقلام ومواقع الانترنت التي تعمل علي اثارة الرغبة الجنسية بين الشباب. لذا يجب علي الدولة أن تعمل علي ملء فراغ الشباب والحد من الافلام وتلك المواقع التي تشجع علي ذلك.. كما يجب أن تقوم الاسرة بواجبها أمام تلك الظاهرة! عندما نتكلم عن الزواج العرفي.. فلا يمكن أن نفعل رأي رجال القضاء.. فهم المحك بمثل هذه القضايا! زواج صحيح! يقول المستشار عبدالله الباجا رئيس محكمة مستأنف أسرة اسوان طالما الزواج العرفي استوفي أركانه المطلوبة شرعا وهي العلانية والقبول ووجود ولي للزوجة فهو يصبح بذلك زواجا صحيحا حتي ولو لم يكن علي يد مأذون.. لكن القانون وضع آثارا علي الزواج الرسمي.. أما الزواج العرفي تصبح الزوجة بلا حقوق.. وفي الفترة الاخيرة استثني القانون شيئين تستطيع الزوجة عرفيا فعلها أمام المحكمة اذا كان معها ورقة الزواج العرفي وهما رفع دعوي طلاق ودعوي اثبات النسب اذا انكر الزوج ذلك.. والحقيقة سبب انتشار ذلك الزواج ازدياد حالات الطلاق.. حيث تلجأ المطلقات الي الزواج العرفي بعدما يفشلن في الزواج الرسمي وهناك حالات أخري تلجأ الي الزواج العرفي مثل الارامل ورجال الاعمال الذين يتزوجون السكرتيرة في الخفاء.. وبذلك لم يقتصر الزواج العرفي علي الطلبة فقط! وعن ورقة الزواج العرفي التي يتم بيعها علنا في المكتبات وفي مكاتب المحامين يقول المستشار عبدالله الباجا: ليس فقط في تلك الاماكن تباع ورقة الزواج العرفي.. بل هناك مأذونون لديهم دفتر زواج عرفي ويقومون بعقد الزواج للطرفين وبدلا من أن يكون هناك قسيمة زواج يعطونهما تلك الورقة اذا رغبوا في ذلك! المشرع السبب! ويؤكد المستشار عبدالله الباجا ان القانون هو الذي شجع علي انتشار تلك الظاهرة حيث أعطي للمرأة الحق في طلب الطلاق واثبات ذلك الزواج.. وبالتالي فلم تعد الفتاة أو المرأة تخاف الزواج العرفي. يجب إلغاء هذا القانون حتي تعلم المرأة انها تهدر حقوقها في تلك الزيجة.. لكن مع وجود ذلك القانون سينتشر الزواج العرفي أكثر. وفي نهاية حديثه يؤكد المستشار عبدالله الباجا أن 5٪ من القضايا التي تنظر أمام دائرته قضايا طلاق واثبات نسب ناتجة عن زواج عرفي ولو أن تلك النسبة موجودة في كل دائرة أسرة.. ستكون كارثة بلا حل.. يجب علي الاسرة توعية أبنائها يجب علي المشرع وضع قانون حاسم للحد من تلك الظاهرة ويجب أيضا علي الدولة توفير ما يحتاجه الشباب. ضوابط وقيود! ويقول المستشار د.ابراهيم صالح رئيس محكمة النقض سابقا: ان المشكلة ليست في المحامي أو المكتبة التي تبيع تلك الورقة.. المشكلة في الاسرة التي لم تستطع تربية ابنائها بشكل سليم.. هناك انحلال أخلاقي في المجتمع المصري.. لم يقتصر علي طلاب الجامعة فقط بل امتدت للكبار لذا يجب علي المشرع وضع ضوابط وقيود وعقاب شديد لمن يفعل ذلك. وابدي الشيخ محمد درويش رئيس جمعية المأذونين تخوفه من انتشار الزواج العرفي بشكل مفزع في الفترة الاخيرة.. قال: ان أغلب أسباب اللجوء للزواج العرفي هو خوف الارملة من أن تفقد معاش زوجها المتوفي.. فتلجأ للزواج العرفي. ويتساءل الشيخ محمد درويش: لماذا يصر المشرع علي حرمان الارملة من معاش زوجها في حالة زواجها من آخر؟!.. فعلي الاقل يعطيها نصف المعاش! وبالرغم من أن الزواج العرفي حلال ولا يخالف الشرع إلا انه مرفوض لانه يهضم حق الزوجة في الكثير من حقوقها الشرعية مثل الميراث ونسب أولادها! ❊❊❊ القضية خطيرة.. والملف سيظل مفتوحا حتي يجد المجتمع حلا لهذه الظاهرة التي تزداد يوما بعد يوم!