فوزي: السوق يعاني من عدم الإتزان.. ويخضع لقانون العرض والطلب الجابري: الدراما في خطر.. ولابد من مساواة الفن بالسيراميك غطاس: توقفت عن الإنتاج بسبب أزمة السيولة الصباح: الزيادة لا تؤثر علي العمل "صناعة الدراما في خطر".. هذا هو الشعار الذي رفعه صناع الدراما هذا العام بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج بنسبة كبيرة، خاصة مع غلاء الأسعار وقرار تعويم الجنيه المصري وتأثير ذلك على ارتفاع سعر الدولار واليورو، بالإضافة إلى فرض ضريبة القيمة المضافة التي تعتبر زيادة كبيرة وعبأ على مستلزمات الإنتاج، بنسبة زيادة 13%، كل هذا يعتبر عبأ إضافي هذا العام إلى جانب غلاء الأسعار بشكل عام ومبالغة النجوم في أجورهم بزيادة 50% عن العام الماضي، كل هذا إلى جانب التحديات التي يواجهها منتجو الدراما كل عام بسبب نقص السيولة وتأخر القنوات الفضائية في سداد مستحقاتها المادية منذ عدة أعوام، كل ذلك نناقشه في الملف التالي، على عدة حلقات، وفي الحلقة الأولى من الملف نسير نحو الخطر الموجه لصناعة الدراما، وبعدها نناقش تأثير ذلك على القنوات الفضائية التي تعتبر السلسلة الثانية بدورة رأس المال، لننتقل بعدها إلى الإعلانات التي يتحدد عليها سوق الفضائيات وإنتاج عدد من المسلسلات والتحديات التي تواجهه أيضا.. على الرغم من الأزمات الكثيرة التي تمر بها صناعة الدراما، وتوقع البعض أن عدد الأعمال سيقل هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، في ظل زيادة نسبة التكاليف الإنتاج، وارتفاع سعر الدولار أيضا بعد قرار تعويم الجنيه، وهو مايؤثر على قرار السفر للتصوير بالخارج، حيث هناك زيادة في مصاريف السفر بنسبة 50% تقريبا عن الأعوام السابقة، وهو الأمر الذي جعل منتجو الداما يسقطون واحدا تلو الآخر، خاصة مع وجود خلل في منظومة ودورة رأس المال منذ أعوام، إلا أن كل هذا لم يؤثر على كم الأعمال التي سوف تشارك في المارثون الرمضاني الجديد، حيث من المتوقع أن يصل مجمل الأعمال المشاركة إلى أكثر من 30 عمل – حتى الآن - وهو نفس رقم العام الماضي، ولكن يزيد عليه أن معظم أعمال رمضان القادم ستكون لكبار النجوم، حيث يشهد موسم 2017 صراعا من نوع خاص بسبب تنافس الفضائيات للحصول على احتكار أعمال كبار النجوم، وزيادة الصراع على كعكة الإعلانات، التي تتقلص بدورها أيضا، والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو: "هل بالفعل ستستمر هذه الأعمال وتشارك في موسم رمضان 2017 بعد التحديدات الجديدة التي يواجهها المنتجون من ارتفاع سريع في الأسعار وأجور النجوم، بجانب ارتفاع سعر الدولار واليورو بالنسبة لتصوير المشاهد خارج مصر، وأخيرا ضريبة القيمة المضافة؟". المنتج والخبير الإعلامي عمرو قورة أول من فتح هذا الملف، حيث كتب على حسابه على موقع "فيس بوك" عن توقعه بتناقص حجم الإنتاج هذا العام مقارنة بالعام الماضي، خاصة مع تأخر القنوات عن سداد ما عليها في الأعوام السابقة، وأيضا انحصار سوق الإعلانات مقارنة بحجم الإنتاج، كما نبه قورة أن ضريبة القيمة المضافة ستؤدي زيادة تكاليف الإنتاج بشكل مبالغ فيه بجانب زيادة أجور النجوم وتحصيل هذه الضريبة أولا بأول مع كل دفعة أو فاتورة تدفعها، لذلك توقع أن يكون هناك حالة من التخبط في السوق الدرامي والفضائيات والإعلانات بسبب هذه الزيادة، إلى جانب الأزمات التي كان يعاني منها السوق منذ عدة سنوات، وأن الضريبة ستكون عبئا إضافيا على المنتج. مشاكل عديدة لم يختلف رأي المنتج أحمد الجابري عن قورة، خاصة أنه متوقف عن الإنتاج منذ سنوات بسبب الأزمات المتلاحقة التي يمر بها السوق الدرامي، وعدم حصوله على مستحقاته المادية من بعض القنوات منذ أكثر من 5 سنوات، حيث أكد أن وضع الدراما في مصر دخل مرحلة الخطر مع الارتفاع المستمر لأجور الفنانين والفنيين والمصورين وغيرهم، بالإضافة لانخفاض قيمة الجنيه بنسبة 40%. وتابع الجابري قائلا: "منتج الدراما في مصر يواجه مشاكل عديدة، وكل الظروف الحالية من ارتفاع الدولار وانخفاض الجنيه والضريبة الجديدة يعجل بتدمير الدراما المصرية بالرغم من مكانتها الكبرى، فهي قوة مصر الناعمة، ولا تقل صناعة الدراما في مصر عن صناعات أخرى يتم اعفاءها من الضرائب، مثل صناعة السيراميك، ويجب على المسئولين أن يصدروا قانون باعفاء الدراما من الضرائب". وأضاف: "الدراما هي الصناعة المصرية الوحيد التي لها يد عليا في جميع الدول العربية، بالرغم من وجود منافسين، إلا أننا الأفضل على الإطلاق، ولا يجوز أن يحدث ذلك بينما يتم وضع كل تلك العراقيل في طريقها". واختتم الجابري حديثه قائلا: "المنتج الفني عندما يباع في الخليج نحصل على المقابل المادي في صورة عملة صعبة، ونحن في أمس الحاجة إليها مع توقف حركة السياحة، ويجب أن نضع ذلك في الاعتبار، خاصة أنه مع انخفض الجنيه وفرض الضرائب سترتفع تكلفة الأعمال الدرامية عند تصديرها، وعند مقارنتها بأسعار الدراما التركية والهندية والسورية سنكون الأغلى، وهو ما سيقلل من فرصتنا في التصدير، حتى يأتي اليوم الذي تمتنع فيه تلك الدول عن شراء أعمالنا على الإطلاق، وهو ما نواجهه في السنوات الماضية، لأن دول الخليج وشمال أفريقيا لم تعد تشتري المسلسل المصري بالكثافة التي كانت تقوم بها من قبل". تخفيض التكلفة لم يختلف الحال كثيرًا عند المنتج محمد فوزي الذي يدخل السباق الرمضاني المقبل بمسلسلي "هجرة الصعايدة"، والثاني لم يعلن عن تفاصيله بعد، ويقول فوزي معلقا على الأزمة: "هناك صعوبات وتحديات كبيرة يواجهها صناع الدراما المصرية بعد الارتفاع الشديد في الأسعار، بالإضافة لضريبة القيمة المضافة التي تم إقراراها مؤخرا، والأسعار في زيادة مستمرة، ولا يمكنني رصد حجم تلك الزيادة إلا بعد أن ننطلق في التصوير والتنفيذ الفعلي لأعمال هذا العام". وعن إمكانية خفض إنتاج الدراما بعد تلك الصعوبات، أكد فوزي أن الأمر يعود لقانون العرض والطلب، فعدد القنوات ومتطلباتها هي من تحدد عدد المسلسلات التي سيتم إنتاجها، مع الأخذ في الاعتبار انخفاض سوق الإعلانات منذ العام الماضي وهو ما أضطرنا لمحاولة خفض تكلفة الأعمال الدرامية، لكن هناك بعض الأمور التي لا نستطيع تخفيض ثمنها". وتابع فوزي: "هناك أزمة سيولة تواجه المنتجين ومع دفع الضرائب الجديدة ستزيد تلك الأزمة، خاصة أن هناك قنوات فضائية لم تسدد قيمة مسلسلات تم عرضها من سنين عبر شاشتها". وعن تأثر ارتفاع الأسعار على إمكانية عرض الأعمال المصرية في الخليج، قال فوزي: "لا يوجد ما يمنع من تصدير الدراما للخارج، غير أن تلك الدول تمتلك دراما خاصة بها، بالإضافة للتنوع الكبير في الدراما بالمنطقة العربية، بين الهندية والتركية والمصرية، وهو ما جعل الطلب على المنتج المصري في انخفاض مستمر، بعد أن كنا نعتمد على بيع أعمالنا إليهم حتى أننا كنا نهدي تلك الأعمال للتليفزيون، بدون مقابل أو برقم ضعيف بعد أن نكون قد غطينا مصاريف الإنتاج من بيع المسلسلات للخليج". واختتم فوزي: "يجب النظر بعين من الاعتبار لصناعة الدراما في مصر، ويجب أن يكون هناك تسهيلات أكثر واعفاء تام من ضريبة القيمة المضافة". توقف إنتاج أما المنتج صفوت غطاس فيرى أن ضريبة القيمة المضافة التي تبلغ نسبتها 13% ويتم تسديدها مع كل دفعة تعاقد أو كل فاتورة خلال شهرين تقريبا من إجراء التعاقد، تعتبر عبئا إضافيا بالطبع، وهي ضريبة بديلة لضريبة المبيعات على مستلزمات الإنتاج والفنيين، ومثلا فاتورة مليون جنيه سيضاف إليها 13%، لكن في نفس الوقت هذه الزيادة يمكن أن يتم تحصيلها، وتبقى أجور النجوم هي الأزمة الأكبر، لأنها أصبحت مبالغ فيها بشكل غير منطقي، وهذا نتيجة دخول شركات إنتاج وقنوات تتصارع على النجوم وتعطي لهم أرقام فلكية، "فتولع" السوق، دون دراسة ذلك وتأثيره على باقي الحلقات المرتبطة بالصناعة، وفي حقيقة الأمر أرى أن الخلل الحقيقي ليس في زيادة الأسعار أو ضريبة القيمة المضافة، لكن الأخطر هو تأخر مستحقات المنتجين لدى القنوات، والتي من شأنها أن توقف الإنتاج ودورة رأس المال. وأكد غطاس أنه توقف عن الإنتاج الدرامي تماما، ولا ينتج إلى أفلام سينمائية فقط بسبب حالة "اللخبطة" التي يمر بها السوق الدرامي منذ عدة سنوات، فهل يعقل أن يكون لي مستحقات مادية لدى شركة "صوت القاهرة" وبعض الفضائيات منذ 4 و6 سنوات تقريبا، ولم احصل عليها حتى الآن، كل هذا مع توقف تصدير المسلسلات المصرية التي كانت تساهم في تغطية التكلفة وتحقيق هامش ربح من خلاله نستطيع الإنتاج مرة أخرى، بالإضافة أننا كنا نحصل على مستحقاتنا من تصدير الأعمال بالعملة الصعبة ونوفر دولارات للدولة. وعن تقليل التكلفة الإنتاجية بسبب إرتفاع تكاليف ومستلزمات الإنتاج يقول غطاس: "بالفعل من الممكن أن يحدث ذلك، لكن من يخاف على عمله لن يقوم بذلك لأنه لن يضر إلا اسمه ونفسه في النهاية، لأن هناك عوامل أخرى تدخل في تسويق القنوات، وقد يكون تقليل التكلفة في بعض الأمور الغير مؤثرة على شكل الصورة أو جودة العمل". خطر اكبر وللمنتج لؤي عبدالله صاحب شركة "أوسكار" للإنتاج السينمائي والدرامي رأي آخر، حيث يرى أن الزيادة في تكلفة الإنتاج لن تتسبب بأزمة حقيقة، لأن في النهاية مهما بلغت نسبة الزيادة سيتم تحصيلها من القنوات، التي سوف تحصلها من عائد الإعلانات، أذن فالدائرة مستمرة، وفكرة غلاء الأسعار وارتفاع سعر الدولار لن يؤثر على الصناعة، إلا بنسبة زيادة محسوبة، وبالنسبة لفرض ضريبة "القيمة المضافة" فهي ليست بالزيادة الكبيرة أو الضخمة، خاصة أننا كنا ندفع قبلها ضريبة المبيعات التي كانت تقدر بنسبة 10%، أي أن الزيادة حوالي 3%، وبعد غلاء الأسعار كل هذا يعود على المستهلك، وإذا حسبنا نسبة الزيادة على العمل ككل بعد جنون الأسعار وارتفاع الدولار مع القيمة المضافة ستكون نسبتها تتراوح بين 20% إلى 25% على الأكثر، وهي نسبة ليست كبيرة، وسوف سيتم إستردادها، ومثلا في السينما قمنا برفع أسعار تذكرة السينما لنغطي الزيادة في تكلفة الإنتاج والتوزيع. ويضيف لؤي: "الخطر الحقيقي الذي يواجه صناعة الدراما، هي عدم توافر السيولة المادية وعدم التزام القنوات بدفع ما عليها، وبالتالي توقف دورة رأس المال، ونتيجة ذلك سقوط بعض المنتجين من السوق، وهناك أسماء كبيرة في الإنتاج والسوق نشأ على يديهم لكنهم فجأة اختفوا أو يقوموا بإنتاج مسلسل كل عدة سنوات بسبب الأزمات المتلاحقة، والتي من أهمها غير تأخر القنوات في السداد، بالإضافة لإستيرادهم أعمالا تركية وهندية ومكسيكية وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة، غير أن زيادة الطلب على الأعمال التركية أدى لإرتفاع أسعارها، وبعد أن كانت تباع الحلقة ما بين 1000 إلى 2000 دولار وصلت إلى 100 و200 ألف دولار، كل هذا مع توقف تصدير أعمالنا إلى الدول الأخرى، كما أن هناك دول تواجه أزمات أمنية واقتصادية كانت سابقا سوقا للدراما المصرية، حتى في مجال (الدبلج) أصبحت اللهجة السورية واللبنانية بديلا عن المصرية، وهناك دول أمتنعت تماما عن شراء المنتج الدرامي المصري، مثل لبنان، وفي مقابل نتهافت نحن على أعمالهم، لذلك الأزمة ليست فقط في الدولار أو القيمة المضافة، فالأزمة أكبر من ذلك، فهناك شركات وقنوات تدخل السوق و(تولعه) بالأجور وبعد ذلك تختفي وتترك السوق في حالة إرتباك، ونموذج لذلك شركتي (جود نيوز) و(روتانا)". وأكد لؤي أيضا أن طبيعة السوق تغيرت تماما، وكل نجم أصبح يريد أن يعمل منفردا، وأن يزيد كل عام من أجره بنسبة 50% أو أكثر، مضيفا: "أنتجت مسلسل (الحرافيش) بمشاركة 7 أبطال من كبار النجوم، وقمت بتوزيع العمل في 13 قناة، لكن الآن كل ذلك اختفى نتيجة سيطرة الوكالات الإعلانية وتعاقدها مع نجوم بعينها". استقرار وتخبط على جانب آخر، يؤكد المنتج صادق الصباح أن زيادة الأسعار وارتفاع سعر الدولار وفرض ضريبة القيمة المضافة لن يؤثر كثيراً على عمله في سوق الدراما، مضيفاً أنه سيدخول الماراثون الرمضاني المقبل بالرغم من تراجع العديد من المنتجين، بل ووقع مؤخراً على إنتاج مسلسل جديد "وضع أمني" مع الفنان عمرو سعد، والذي يتعاون معه للمرة الثانية على التوالي بعد "يونس ولد فضة" الذي عرض رمضان الماضي، ويضاف مسلسل عمرو سعد إلى مسلسل "الحلال" لسمية الخشاب و"عكس عقارب الساعة" لأحمد السقا، ويقول الصباح: "كل عام يكون له أزماته التي نتعرض لها، لكن في نفس الوقت هي أزمات يمكن حلها ونستطيع التغلب عليها، ومسألة الضريبة وغلاء الأسعار هي مشكلة على الجميع وليس على الإنتاج الدرامي وحده". أما المنتج ممدوح شاهين فيختلف معه، حيث يرى أن الوضع متخبط، وهناك نقص معلومات بخصوص تطبيق هذه الضريبة، حيث لا يعلم أحد حتى الآن هل ستفرض الضرائب على بيع الأعمال الدرامية للقنوات الفضائية من عدمه، خاصة أن القنوات لا تشتري الأعمال، بل تحصل على حق استغلالها فقط، وبالتالي معظم الأعباء المادية المترتبة على ذلك ستقع على عاتق المنتج وحده"، ويضيف: "يجب اعفاء الدراما من تلك الضريبة، خاصة أننا نعاني من مشاكل أخرى، ونواجه صعوبات كثيرة من أجل الإستمرار في تلك الصناعة التي يعمل بها عدد كبير، وتستوعب نوعيات مختلفة من العمالة، ورغم ذلك نجد كل عام مشاكل جديدة، وهو ما يخلق حالة من الارتباك في الصناعة".