نعيش اليوم في عالم بلا أسرار!.. نعم..لاشئ خفي.. كل شيء مباح ومتاح !.. كنا نقول من قبل في الزمن القريب إن العالم قد أصبح قرية صغيرة.. والآن نستطيع القول إن العالم قد أصبح غرفة صغيرة !.. مليارات الدولارات تصرف هذه الأيام علي إطلاق الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار والتحليل العميق المعقد لكل ما ينشر علي الإنترنت.. وبسبب المنافسة فأسعار الحصول علي المعلومات والصور والأفلام ستنخفض انخفاضا كبيرا.. وسيتمكن الأفراد من الحصول عليها بسهولة ويسر.. الصور التي تلطقتها الأقمار الصناعية ستكون أوضح.. هذه الأيام تستطيع شراء صور لمسافة مترين من سطح الأرض.. وحجم سوق الأقمار الصناعية التي تبث الصور سيرتفع من 2.5 مليار دولار ليصبح 6.5 مليار دولار في عام 2023.. وشركة بلانيت لديها الآن 37 قمرا صناعيا تجاريا وسيصبح لديها خلال هذا العام مائة قمر.. وستتمكن من تصوير كل المعمورة.. والعملاق جوجل أطلق قمرين لتصوير عالي الجودة ضمن مشروعه لإطلاق 24 قمرا وستتمكن هذه الأقمار من بث تصوير متحرك حي.. (فيديو).. وشركة أخري لديها القدرة لالتقاط الصور في جميع الظروف الجوية والأوقات.. وشركة بلاك سكاي توفر صورا عالية الجودة تبلغ قيمة الستة منها 30 دولارا.. الطائرات بدون طيار تجوب العالم وتلتقط الأحداث بالصوت والصورة في بث حي.. ففي الولاياتالمتحدة وحدها يوجد حاليا مليون طائرة مملوكة لشركات خاصة وسيتضاعف الرقم ثلاث مرات خلال السنوات القليلة القادمة.. وشركات كبري لديها أجهزة وبرامج بالغة التعقيد لتحليل كل ما ينشر علي الإنترنت.. العالم الغربي وخاصة أمريكا تسن القوانين لإعطاء التراخيص للشركات الخاصة لامتلاك وتطبيق هذه التكنولوجيا..وتضغط علي دول العالم للانضمام إلي مشروعها القديم » السماء المفتوحة » لتبادل المعلومات المهمة بين الدول.. اليوم.. إذا جاءك إنذار من مديرك نشاهد نسخة منه علي الإنترنت.. وإذا صرخ مسئول في وجه مواطن تفضحه الفضائيات في لحظتها.. وإذا تجرد مواطن من ملابسه معترضا علي قيمة فاتورة الكهرباء يشاهد الناس عريه.. وفضائح الساسة تملأ الإنترنت.. ووثائق الفساد تنتشر.. وأخطر القرارات سرية ترسل علي الواتس آب.. وغرف نوم الساسة وقصص غرامياتهم يتداولها الناس ببساطة كأحداث المسلسلات.. فلا مكان للاختباء.. فالتكنولوجيا قد غيرت كل شيء.. والأفراد والمنظمات والصحفيون ومؤسسات المجتمع المدني تستغل سيل المعلومات التي توفرها الموبايلات الذكية والأقمار الصناعية وكاميرات المراقبة والطائرات بدون طيار وبرامج تحليل المعلومات لتكشف الأحداث في كل بقعة من بقاع العالم.. والأمر لن يتوقف عند هذا الحد.. فالناس ستعرف أدق تفاصيل أعمال مسئوليهم وسيزيد السخط علي الحكومات وستزداد الفجوة بين المواطن والمسئول.. وستستغل الدول الكبري المعلومات التي تملكها لتحقيق مصالحها.. فإذا غضبت من دولة فستنشر غسيلها علي مرأي من العالم.. بعد كل هذا.. فلا خيار إلا أن تتعامل الحكومات ومجلس النواب مع المواطن بكل شفافية.. فلا سبيل لدي المسئولين إزاء هذا الغول القادم سوي الوضوح.. والوضوح فقط لاغير.. صدقوني لا أسرار بعد اليوم !!..