في ظل العالم المتسارع النمو والاقتصاديات العملاقة أًصبح الحفاظ علي المنتجات والحرف اليدوية واحدة من التحديات التي تواجه كل الدول ، فمن جهة تشكل تلك الصناعات الصغيرة مصدر مهم من مصادر دخل الأسر البسيطة وأحد عوامل دعم الاقتصاد حال الاهتمام بها ، كذلك تعتبر تلك الحرف جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي تعبر عن عادات كل شعب وتقاليده. وقد انتشرت مؤخرا المعارض الفنية التي تستعرض الحرف والمنتجات اليدوية ليس من مصر وحدها ولكن أيضا من جميع دول العالم ، وذلك من منطلق التعرف علي الآخر والتأكيد علي أهمية الحفاظ علي التنوع الثقافي، وفي هذا الإطار نظمت مؤسسة اليابان مؤخرا "معرض الحرف التقليدية اليابانية " الجوال الذي افتتح بمركز الجزيرة للفنون مؤخرا علي أن ينتقل بعد ذلك إلي متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية لمدة أسبوعين ثم إلي جامعة أسيوط حيث يتم الاحتفال بافتتاح كلية الفنون الجميلة بالجامعة وسوف يستمر عرضه هناك إلي ما بعد بداية العام الجديد 2017. يضم المعرض العديد من المنتجات اليدوية المصنعة من خامات مختلفة باستخدام تقنيات تقليدية من جميع أنحاء اليابان. وتصنف نماذج المعروضات علي إنها "مصنوعات حرفية تقليدية" بموجب قانون الحكومة اليابانية الخاص بالمنتجات المحلية الصنع. وقد تنوعت المعروضات بين منتجات الفخار والخزف والنسيج وأعمال طلاء اللك وصك المعادن وأعمال الخشب والبامبو والأواني الزجاجية والورق والأدوات الكتابية. وقد تم تخصيص قاعة بالكامل لأعمال الخزف والفخار علي تنوع أساليبها، حيث يوجد باليابان العديد من الأطباق ذات الألوان والأشكال المختلفة التي تستخدم في إعداد الموائد .. وبدأ إنتاج الأواني الخزفية منذ 1300 سنة لذلك فليس من المستغرب أن يكون عدد الحرفيين الذين يعملون بصناعة الخزف أكثر من الذين يعملون بأي حرفة يابانية آخري، و تم عرض نماذج لأساليب مختلفة في صناعة الخزف والفخار ومنها أعمال كاساما التي تشتهر بها مقاطعة إيباراكي من القرن 18و19 إلي الوقت الحالي ، وأيضا أعمال مينو التي تشتهر بها مقاطعة جيفو من القرن السابع إلي الوقت الحالي ، وأعمال إيماري التي تشتهر بها مقاطعة ساجا منذ أوائل القرن السابع ، وكذلك عرض طريقة صناعة أعمال هاجي التي تشتهر بها مقاطعة ياماجوتشي ، منذ بداية القرن السابع ، وأعمال كيو أو كيوميزو من الخزف الصيني من القرن الثامن إلي الوقت الحالي. أما القاعة الثانية فقد ضمت عدد من نماذج المنسوجات، واكتسبت كل من صباغة الغزل وصباغة النسيج شهرة عالمية في اليابان منذ القرن الثامن علي المستوي الفني والتقني .كما تضمنت القاعة نماذج لمراوح ماروجاميه البديعة التي تشتهر بها مقاطعة كاجاوا والتي تعود للقرن السابع عشر إلي الوقت الحالي، ويقال إن أصل المراوح الصينية الشكل يعود إلي هذه المقاطعة حيث كانت تباع كهدايا للحجاج أثناء حجهم لجبل كونبيرا بجزيرة شيكوكو.. وتغطي مراوح ماروجاميه حوالي 90٪ من نصيب السوق من المراوح غير القابلة للطي حيث يتم تقطيع الأضلع والقصبة من قطعة بامبو واحدة ويتم تغطية الأضلع بورق مصنوع يدويا والتي يتم تلوينها فتغطي بطبقة من اللك أو حمض البرسيمون. ومن ضمن الأعمال التي تم عرضها نماذج للرسم علي النسيج وصباغة نسيج الحرير، إضافة إلي أواني تاكاؤكا المطلية باللك التي تشتهر بها مقاطعة توياما ، وكذلك نماذج لحرفة صك المعادن، ومنها أواني نانبو المصكوكة من الحديد، إضافة إلي بعض نماذج للأدوات الكتابية والورق حيث يعتقد أن صناعة الورق انتقلت من آسيا إلي اليابان قبل القرن السادس ثم انتشرت في أنحاء البلاد في القرن الثامن، وكان من بين المعروضات أوراق إيدو المزخرفة والمصنوعة يدويا وكذلك ورق إيتشو المصنع يدويا. وفرش نارا للكتابة. أما القاعة الثالثة فقد تم تخصيصها لعرض نماذج الأواني الزجاجية، والمنتجات الخشبية. وفي كلمته عن المعرض يقول كازوكو توداتيه مدير متحف إيباركي للفنون الخزفية نحن محاطون بالصناعات الحرفية التي نستخدمها بشكل دائم في حياتنا اليومية. وقد امتزج جمال الشكل بسهولة الاستخدام وذلك عن طريق تحقيق الاستفادة القصوي من المواد الخام الخاصة بكل حرفة مثل الخزف، والنسيج، والمعادن، وأعمال طلاء اللك، والخشب، والبامبو، وصناعة الورق الخ...، واستنباط أفضل التقنيات الملائمة لكل حرفة. مضيفا إن الخامات والتقنيات التقليدية المتأصلة في طبيعة ومناخ كل منطقة في اليابان، تمكن الحرفي ذي المهارات المصقولة من إنتاج المصنوعات الحرفية التي يمكن استخدامها في الحياة اليومية ، والأعمال المشربة بإبداع الفنان الحرفي . لقد أثر كل من الفنان والحرفي في الآخر وساهم هذا التأثير المتبادل في إضفاء المزيد من العمق والجودة علي الحرفة اليابانية بشكل عام. ومن جانبه أشار د. خالد سرور إلي أهمية المعرض الذي يهدُف إلي تعريف الجمهور المصري بالتراث الياباني في مجال الحرف التقليدية، وفرصة للفنانين المصريين للاحتكاك بالخبرة اليابانية في هذا المجال، كما دعا إلي مزيد من التعاون والتبادل الثقافي لتعظيم الاستفادة بما لدي الشعبين من مقومات حضارية وثقافية عظيمة .